نجح مجموعة من العلماء في أستراليا بتطوير طريقة لتصنيع نسخ مماثلة للرئة البشرية، خلال 28 يوما فقط.
ويعد الإنجاز العلمي، معلما فريدا في تطوير تقنيات الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، بل وأنه بديل أرخص وأخلاقي وأكثر دقة لإجراء التجارب على الحيوانات.
ولجأ المؤلف الرئيسي للدراسة، أستاذ طب النانو من بولندا، ووشيش كرزانوسكي، إلى اختراعه بعد شعوره بالألم إزاء الحيوانات التي يتم إجراء التجارب المعملية عليها، مؤكدا أنها كانت “مفجعة”، على حد تعبيره.
وأشار في تصريحات لصحيفة “ذا جارديان” البريطانية، إلى أنه عندما انتقل إلى أستراليا من بولندا، قبل 13 عاما، من أجل تأسيس مجموعة الهندسة الحيوية النانوية في جامعة سيدني، قام بتنظيم ندوة حول “الطباعة الحيوية”، وهو مفهوم مشابه للطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي يتم فيها أخذ الخلايا من المريض، ثم زراعتها من أجل إنتاج ما يكفي من “الحبر” لطباعة نماذج من الأنسجة للأبحاث الطبية، إذ يمكن دراسة الأدوية وآليات المرض واختبارها في هذه النماذج المطبوعة في المختبر، بدلا من الحيوانات.
وبداخل معهد نانو بجامعة سيدني، حيث يشغل كرزانوسكي حاليا منصب نائب المدير، نجح مع زملائه في تنمية رئات بشرية طبق الأصل في مختبرهم.
ويبلغ عرض “الرئتين” الصناعيتين بضعة ملليمترات فقط، مما يجعلها تشبه إلى حد ما رئتي البشر، ويتم احتوائها داخل أنبوب بلاستيكي، وعند النظر إلى الأنبوب من الأعلى، فإن الرئتان تشبه نقطة صغيرة من الهلام تنتشر عبر غشاء رقيق.
وأشار كرزانوسكي إلى أنه “يتم وضع هذه الأقفاص البلاستيكية داخل حاضنة، حيث يتم مراقبة الرئتين بشكل كامل طوال الوقت”. وتستغرق كل رئة مصنّعة 28 يوما لكي تنمو داخل المختبر، وفي هذا الصدد أكد العلماء ان “الوصول إلى هذه النقطة لم يكن أمرا سهلا”.
كما طوّر العلماء في أستراليا جهاز لمراقبة الرئتين المصغرتين، مع ملاحظة إشاراتها الكهربية الحيوية، وذلك من أجل تحديد متى تكون النسخ المتماثلة قد نضجت تماما.
وهنا يوضح كرزانوسكي: “بناء على هذه الإشارات، يمكننا أن نقول متى نضجت الرئتان تماما وجاهزة لبدء العلاج، إن الأمر يشبه توصيل جهاز للمريض والتحقق من دقات قلبه”.
لكن، تظل النسخ المقلدة للرئة المصغرة لكرزانوفسكي هي عبارة عن رئتين فقط، ولا يمكنها أن توضح كيف يمكن أن يؤثر دواء أو مرض يستهدف الرئة بالمثل على أجزاء أخرى من الجسم، ولذلك فقد أكد أنه يعمل مع زملاءه على حل هذه المشكلة أيضا، وعلى الرغم من أن هذه عملية ستستغرق سنوات، إلا أن العالم البولندي يأمل في تطوير مجموعة متنوعة من النسخ المقلدة لأعضاء الجسم البشري، وربطها بطريقة تسمح لها بالتأثير على بعضها البعض.