من المبادئ الخمسة للتعايش السلمي إلى تعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، تم تطوير المبادئ الأساسية للصين المتمثلة في اتباع طريق التنمية السلمية بحزم، وابتكارها في التنمية، وهي ملتزمة بتوفير الحلول الصينية للحوكمة العالمية.
تعد المبادئ الخمسة للتعايش السلمي (المشار إليها بالمبادئ الخمسة فيما يلي) سياسة أساسية للصين في التعامل مع العلاقات بين الدول. قبل 70 عاما، عندما التقى رئيس مجلس الدولة تشو إن لاي بالوفد الهندي، طرح هذه المبادئ الخمسة لأول مرة، وهي الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي.
ومع استمرار دول العالم الثالث في السعي إلى إقامة نظام سياسي واقتصادي دولي أكثر عدالة ومعقولية، فقد تم الاعتراف بالمبادئ الخمسة من قبل الغالبية العظمى من الدول النامية. وتم توسيع وتطوير المبادئ الخمسة في مبادئ العشرة التي اعتمدها مؤتمر باندونغ في عام 1955، وتم تبني المبادئ الخمسة كمبادئ توجيهية من قبل حركة عدم الانحياز التي ظهرت في الستينيات القرن الماضي. وفي عام 1970، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، والذي تضمن المبادئ الخمسة، مما يشير إلى أن هذه المبادئ قد حظيت بقبول واعتراف واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي وأصبحت القواعد الأساسية للعلاقات الدولية الحديثة والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، امتدت المبادئ الخمسة إلى الدول العربية والإفريقية. ومن نهاية عام 1963 إلى بداية عام 1964، زار رئيس مجلس الدولة تشو إن لاي 13 دولة في آسيا وأفريقيا، وطرح المبادئ الخمسة للعلاقات المتبادلة مع الدول العربية والمبادئ الثمانية لمساعدة أفريقيا، والتي تعد تطبيقا ملموسا للمبادئ الخمسة وتطوير روح باندونغ، ووضعت مبادئ توجيهية محددة للصين للتعامل مع العلاقات مع جميع دول العالم الثالث، كما أرست الأساس للصين لصياغة السياسات بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية.
ودخل عالم اليوم فترة جديدة من التغيير المضطرب، حيث استمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يؤدي إلى كوارث في قطاع غزة، وما وراء كل الفوضى في العالم هي الهيمنة. ومن أجل الحفاظ على مكانتها المهيمنة، تنخرط بعض الدول الكبرى في الأحادية وسياسات القوة، وتبالغ في المواجهات الإيديولوجية، وتشكل العصابات في كل مكان، و”تصب الزيت على النار”، وهو ما ينحرف بشكل خطير عن الاتجاه العام للتنمية والتقدم للبشرية ولا تتماشى مع الرؤية العامة للمجتمع الدولي بشأن المستقبل المشترك.
على النقيض من ذلك، تمارس الصين دائما المبادئ الخمسة المتمثلة في الحفاظ على السيادة والعدالة والديمقراطية وسيادة القانون، وتدعو إلى السيادة المتساوية لجميع البلدان، وتعارض احتكار أي دولة للشؤون الدولية، وتدافع بحزم عن النظام الدولي ومحوره الأمم المتحدة، وتلتزم بالنظام الدولي القائم على القانون الدولي، وتعزز السلام والتنمية للمجتمع الدولي.
منذ اندلاع الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التزمت الصين التزاما راسخا بتهدئة الوضع ودفع وقف إطلاق النار وإنهاء القتال، وأصدرت “ورقة موقف من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” و”البيان المشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية” لدفع الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية، وبالتالي تعزيز عملية السلام في المنطقة.
على مدى السنوات السبعين الماضية، اتبعت الصين بحزم سياسة خارجية سلمية مستقلة، ونفذت بإخلاص المبادئ الخمسة، لم تشن أي حروب أو صراعات، ولم تحتل شبرا واحدا من أراضي الدول الأخرى، وإنها الدولة الكبرى الوحيدة التي كتبت التنمية السلمية في دستورها.
إن السلام والتنمية وجهان لعملة واحدة. فمن ناحية، من المستحيل أن تحقق الصين والعالم السلام الدائم بدون التنمية كأساس؛ ومن ناحية أخرى، من المستحيل أن تحقق التنمية المستدامة بدون السلام. وهذا هو أيضا السبب والمبررة العميقة وراء ضرورة اتباع الصين طريق التنمية السلمية بحزم، فالسلام والتنمية يعززان بعضهما البعض.
ويواجه عالم اليوم مشاكل مختلفة وتحديات خطيرة، وفي هذا السياق، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ بناء نوع جديد من العلاقات الدولية وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ومما قدم حلا جديدا للفوضى في عالم اليوم وفقدان السيطرة في بعض المناطق، والتخلص من المنطق القديم الذي يقول: “عندما تصبح دولة قوية، فإنها سوف تهيمن حتما”. وإن مفهوم بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية لا يمثل وراثة للمبادئ الخمسة فحسب، بل يعد أيضا تطويرا وتصعيدا لها.
قد أخبرتنا ممارسة العلاقات الدولية على مدى السبعين عاما الماضية مرارا وتكرارا أن العلاقات بين الدول على أساس المبادئ الخمسة هي الأقوى والأكثر استدامة، إن تطوير المبادئ الخمسة له أهمية كبيرة لتعزيز إنشاء نوع جديد من العلاقات الدولية ومن المؤكد أنه سيقدم مساهمات أكبر في عملية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
وبالتطلع إلى المستقبل، فإن المبادئ الخمسة سوف تواكب العصر، وتحمل دلالات معاصرة أكثر غنية، وتقدم مساهمة الصين الواجبة في السلام والرخاء العالميين، وتعزز تطوير نظام الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلا ومعقولية
بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية