في الـ23 من يوليو الجاري يوافق اليوم الوطني لجمهورية مصر العربية، منذ إعلانها جمهورية في عام 1953، أصبحت مصر واحدة من أكثر البلدان نفوذاً في الشرق الأوسط وأفريقيا، فلم تؤدي دورًا مهمًا في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا مهمًا في الشؤون الدولية.
تعدّ مصر أول دولة أفريقية وعربية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين، فتتمتع الدولتان بصداقة تقليدية عميقة وراسخة. في العصر الجديد، تبادل رئيسا الدولتين الزيارات عدة مرات، وقاما بتفاعلات سياسية على المسرح الدولي، مما عزّز إنشاء شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين. تحت القيادة الحكيمة من قبل الرئيسين، سارت الصين ومصر في طريق التنمية ذات الخصائص التي تتناسب مع الظروف الوطنية للبلاد، فقد أنتجت الممارسة المهمة لبناء مجتمع المصير المشترك الصيني المصري في العصر الجديد تأثيرًا نموذجيًا على العلاقات الصينية العربية والوحدة الشاملة بين البلدان النامية.
الدعم المتبادل أصبح قوة مهمة للاستقرار الإقليمي
على الرغم من أن السلام والتنمية يعتبران اتجاهًا سائدًا في العالم اليوم، فإن بعض النزاعات الإقليمية تحدث من وقت لآخر، ولا تزال عقلية الحرب الباردة و البلطجة السياسية موجودتين في جميع أنحاء العالم، ولكن الصين ومصر ظلّتا يساعد بعضهما البعض وتقومان بالدعم المتبادل بغض النظر عن تغير الوضع الدولي، وصمدت الصداقة بينهما أمام اختبارات شديدة واستمرت في التحرك نحو أعلى مستوياتها، لذلك أصبحت نموذجًا يحتذى به للتعاون الودي بين الصين والدول العربية في العصر الجديد، كما أصبح كلاهما قوة مهمة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والقارة الأفريقية والمنطقة العربية والعالم، فقدمت مساهمة كبيرة في استقرار المنطقة.
دعمت الصين بحزم الشعب المصري لاتخاذ المسار الذي يختاره بنفسه، كما استفادت من منتدى التعاون الصيني الأفريقي، ومبادرة “الحزام والطريق”، وبنك الاستثمار الآسيوي وغيرها من آليات التعاون الدولية لمساعدة إصلاح مصر وتطويرها، ودعمها هذا لعب دورًا أكبر في قضايا السلام في الشرق الأوسط والتطور الشامل لأفريقيا، بينما احترمت مصرا لسيادة الوطنية للصين، وقدمت دعمًا شاملاً للصين حول الشؤون المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ والتبت، ودافعت عن شراكة استراتيجية شاملة بين الصين ومصر، كما عزز البلدان الثقة السياسية المتبادلة ورسخا التعاون الاستراتيجي بنشاط من أجل السعي للعمل معًا لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين.
الثقة المتبادلة لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية
ظلّ بناء مجتمع المصير المشترك رغبة متأصلة للشعبين الصيني والمصري. خلال السنوات الثلاث الماضية لتفشى الجائحة، دعم البلدان بعضهما البعض لعبور الصعوبات. في المرحلة الصعبة من مكافحة الجائحة في الصين، أرسل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير الصحة إلى الصين للتعبير عن التعازي والدعم، وإعطاء الإمدادات الطبية، بينما في اللحظة الحرجة لمقاومة الجائحة في مصر، تعاونت الشركات الصينية مع مصر لإنشاء خط إنتاج القناع في القاهرة، وتحسّنت طاقتها الإنتاجية بسرعة، مما جعلها شركة القناع الذي تتمتع بأكبر قدرة إنتاجية في أفريقيا.
كما تجسّد المساعدات المتبادلة والتعاون بين البلدين في مجال التكنولوجيا الفائقة مفهوم بناء مجتمع المصير المشترك، حيث وصل القمر الصناعى “مصر سات 2” الذي طورته الصين ومصر معا إلى مصر في الـ 25 من يونيو الماضي، مما يجعل مصر أول دولة إفريقية تملك القدرة المتكاملة لتجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، وتصبح مصر أول دولة تسلمها الصين مشروع التعاون حول القمر الصناعي خارج البلاد، وأول دولة تتعاون الصين معها لإكمال التشغيل التجريبي الواسع النطاق للقمر الصناعي في خارج الصين، ويضع التعاون هذا أساسًا متينًا لتطوير صناعة الفضاء المصرية، ويعزز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين بشكل أشمل وأوسع.
“الحزام والطريق” أصبح قناة ذهبية للمنفعة المتبادلة بين الصين ومصر
يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لطرح مبادرة “الحزام والطريق”، حيث اجتذبت هذه المبادرة أكثر من ثلثي الدول ومنظمات دولية في العالم خلال السنوات العشر الماضية، مما حفز ما يقرب من تريليونات الدولارات من الاستثمار. إن مصر بصفتها واحدة من أولى البلدان التي استجابت وانضمت إلى مبادرة “الحزام والطريق”،تتفق “رؤية 2030 المصرية”مع مبادرة” الحزام والطريق”، وشهدت العلاقات بين البلدين تطورًا سريعًا في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والثقافة، استرشادًا بتوجيه مفهوم الوحدة والمساعدة المتبادلة والمنفعة المتبادلة.
ظلت الصين أكبر شريك تجاري في مصر منذ عام 2013، لأن مصر تتمتع بجذب الاستثمار وسرعة النمو في السنوات الأخيرة، حيث تتجذر الشركات الصينية في الأراضي المصرية، وتساعدها على ترقية وتطوير النظام الاجتماعي والاقتصادي المحلي، وترسم لونًا صينيًا قويًا على طريق النهضة في مصر.
في الوقت نفسه، يزداد عدد الطلاب الوافدين المشتركين بين الصين ومصر عامًا بعد عام بدعم من أموال “الحزام والطريق”. وفي عام 2023، تم تضمين مشروع “ورشة لوبان 3+2” الذي أنشأته الصين ومصر، في نظام التعليم الوطني المصري رسميًا، مما يمكن المزيد من الشباب المصري بالمعرفة المهنية المتقدمة والمهارات العملية من حيث إصلاح السيارات وتكنولوجيا التحكم الرقمي وغيرها، مما يوفّر احتياطيات مواهب عالية الجودة لتحقيق التصنيع في مصر.
أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن مفاهيم الصين ومصر مرتبطة، والمصالح بينهما متصلة، لذلك يجب أن يعمل الجانبان معًا لبناء مجتمع المصير المشترك الصيني المصري في العصر الجديد، ويعزز التنمية الجديدة والأكبر للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
في الوقت الحاضر، تتعمق في الصين ومصر الإصلاحات الحديثة بشكل راسخ، وتبذلان الجهود لتحقيق التنمية الاقتصادية عالية الجودة والنهضة الوطنية. إن الصين ومصر باعتبارهما شريكين استراتيجيين للدعم المتبادل والثقة المتبادلة، ستعملان بالتأكيد معًا في قضية تعزيز بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية وتوجيه الإنصاف والعدالة في العالم لحماية المصالح المشتركة للبلدان النامية، وتضخان المزيد من الطاقة الإيجابية بشكل مشترك للبلدان النامية من أجل تحقيق السلام والتنمية والأمن العالمي، ويسطران أجمل فصل في تاريخ التعاون والتنمية البشرية!