أدرك العالم منذ القدم أهمية الأخلاق فى حياة الشعوب، وأنها لا ترتقى إذا تخلت عن الأخلاق. ولهذا كان يحرص حكامها على أن يتعلم أبناؤهم ومن ثم شعوبهم الأخلاق.
فعلى سبيل المثال حين بلغ الإسكندر الأكبر أو الإإسكندر المقدونى الثالثة عشرة من عمره إهتم والده الملك فيليب الثانى بالبحث عمن يتولى تعليمه وتربيته وتلقينه مبادىء الفلسفة والمعارف البشرية الأخرى. وبعد البحث الطويل اختار العالم والفيلسوف أرسطو للقيام بهذه المهمه.
ومن أجل ذلك أعطاه أحد المعابد ليجعله كمدرسة له يعلم فيها الإسكندر وأبناء النبلاء فى ذلك العصر قبل بقية الناس. وجمعت هذه المدرسة الإسكندر ببعض هؤلاء النبلاء الصغار وصاروا من أصدقائه المقربين بل ومنهم من صار من قواد جيشه فيما بعد مثل بطليموس و وهفستيون و كاسندر.. ذلك الجيش الذى احتل العديد من دول العالم القديم ولم يهزم أبدا.
راح أرسطو يدرس لتلاميذه هؤلاء إلى جانب الفلسفة والدين والفن والمنطق و مبادىء الطب. الأخلاق باعتبارها أحد العلوم الأساسية للنشأ ليصبحوا قادرين على تعليمها لشعوبهم فى المستقبل. فهكذا كان إدراك أهمية الأخلاق فى حياة الشعب.
وظل الإهتمام بتعليم الأخلاق فى العصور المختلفه سائدا حتى فى مصر إلى قيام ثورة 52 حيث كانت مادة الأخلاق إحدى المواد التى يتم تدريسها فى المرحلة الثانوية التى كانت تلى المرحلة الإبتدئية مباشرة فى ذلك الحين، قبل أن يبدأ العبث بنظم التعليم المستقرة الموجودة آنذاك، والتى تخرج بها ومنها العديد والعديد من الأجيال التى حسن تعليمها، حتى أن من لم يفلح فى جتياز إمتحان المرحلة الإبتدائية كان يعتبر مجرد وصوله إلى تلك المرحلة شهادة له يمكن أن يحصل على عمل بموجبها، أو أن يعرف نفسه بصفته ” ساقط إبتدائيه “.
الأخلاق وإحترام الأصول كان سمة المصريين
لذلك كانت أخلاق الشعب المصرى فى العموم لأعوام طويلة تتسم بالرقى فى كافة المستويات بعيدا عن الحالات الشاذة من البلطجة والتدنى والتى كانت تنحصر فى مناطق محدودة بعينها. ومن ثم فقد انعكس ذلك على الأعمال الفنية القائمة آنذاك، فكان يحرص المنتجين والمخرجين والمؤلفين والمطربين وغيرهم على إحترام الأصول والأخلاق السائدة وعدم الخروج عليها فى أعمالهم، وتجنب المجاهرة بالإنحطاط والتدنى الذى بات سمة عامة وهامة من سمات الغالبية العظمى من الأعمال المختلفة التى باتت تقتحم حياة الناس، وتلوث عقول وطباع النشأ والشباب بل والكبار أيضا الذين تربوا فى ظل الخواء الذى ساد فى الحقية الماضيه.
والغريب والمؤسف أن أحدا من المسئولين فى هذا العصر لم يملك الشجاعة إن كان يملك إدراك هذا الإنحطاط لم يحاول أن يوقفه ويمنعه حرصا على شعبه، وكأنما صار أرباب هذا التدهور والإنحطاط أقوى منهم.