بدعوة من الحكومة الصينية، قامت السيدة ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بزيارة الصين في الفترة من 23 إلى 28 مايو. وتعد تلك الزيارة هي الأولى للسيدة باشيليت إلى الصين منذ أن تولت منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وهي أيضًا المرة الأولى بعد فترة 17 عاما التي تستضيف فيها الصين مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. لقد أثبتت تلك الزيارة حقيقة أنه من خلال احترام مسار تنمية حقوق الإنسان لمختلف البلدان يمكننا ضمان حقوق الإنسان بشكل فعال وحمايتها.
خلال الزيارة، التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ باشيليت عبر رابط فيديو، كما التقت مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي. خلال الزيارة، زارت باشيليت مدينتي قوانغتشو وشينجيانغ، وخلال الاجتماعات والمحادثات، والندوات، والزيارات الميدانية التي قامت بها هناك، تعمق فهمها وزاد يقينها بمسار تنمية حقوق الإنسان في الصين بشكل كبير، وشهدت بنفسها مجتمعًا آمنًا ومستقرًا وتنمية مستدامة، وكيف ان الشعب يعيش بشكل سعيد وامن؛ يمكن القول انها شهدت الوجه الحقيقي لشينجيانغ. وعبرت باشيليت في مؤتمر صحفي عقب زيارتها عن شكرها للحكومة الصينية على الدعوة والجهود المبذولة لتسهيل الزيارة. وهنا أود أن أغتنم هذه الفرصة لأطلع أصدقائي المصريين على زيارة المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى الصين.
تعتبر تلك الزيارة هي رحلة لتعزيز فهم مسار تنمية حقوق الإنسان في الصين. خلال لقائه مع باشيليت، شرح الرئيس الصيني شي جينبينغ القضايا الرئيسية المتعلقة بتنمية حقوق الإنسان في الصين، وأعاد تأكيد الموقف المبدئي للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية في دعم وحماية حقوق الإنسان في جميع المجالات. وخلال زيارتها، لمست باشيليت الممارسات الصينية لـ “الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة” في ريف قوانغتشوالجديد؛ وتعرف على دور التكنولوجيا الفائقة في حماية حقوق فئات معينة في مراكز رعاية المسنين وكذلك أماكن إعادة تأهيل المعاقين. كما شاهدت الممارسة الرائدة في مجال الحماية القضائية لحقوق الإنسان في المجال الرقمي في محكمة الإنترنت بقوانغتشو، وفي المنطقة الصناعية، تعرفت على ممارسات الشركات الصينية في الوفاء بالمسؤوليات الاجتماعية وتعزيز حماية البيئة والتنمية المستدامة، كما القت كلمة في جامعة قوانغتشو وتحدثت مع المعلمين والطلاب بشأن احترام حقوق الإنسان وحمايتها. كما أشارت باشيليت الى ان التخفيف من حدة الفقر والقضاء على الفقر المدقع، قبل الموعد المستهدف بعشر سنوات، يعد من إنجازات الصين الهائلة، فاعتماد الرعاية الصحية الشاملة ونظام التأمين ضد البطالة شبه الشامل يقطع شوطًا طويلًا في ضمان حماية الحق في الصحة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية على نطاق واسع.
تلك الزيارة تعد رحلة لتوضيح مطالبة الصين بالنهوض بحوكمة حقوق الإنسان العالمية. خلال لقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ مع مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، أشار شي إنه في الوقت الراهن، من المهم العمل على الأولويات الأربع التالية: أولا، وضع الشعب في المقدمة وفي القلب.
من المهم أخذ مصالح الشعب باعتبارها غرضا وهدفا أساسيين، والسعي لتوفير حياة أفضل للشعب. ثانيا، احترام مسارات الدول المختلفة في تنمية حقوق الإنسان؛ يجب على الدول دعم استكشاف مسارات مناسبة لتنمية حقوق الإنسان في ضوء الحقائق الوطنية وحاجات الشعب. ثالثا، إتباع نهج شامل لجميع فئات حقوق الإنسان؛حيث يجب بذل مزيد من الجهود لتحقيق تنمية تتميز بمستوى أعلى من الجودة والكفاءة والإنصاف والاستدامة والأمن، وذلك لتوفير ضمانات قوية لدفع قضية حقوق الإنسان. رابعا، تعزيز الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان؛حيث انه من المهم الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتدعيم القيم الإنسانية المشتركة، وتوجيه الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان نحو مزيد من النزاهة والعدالة والإنصاف والشمول.
ومن جانبها أثنت باشيليت على دور الصين المهم في دعم التعددية ومواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم. كما أعربت عن ترحيبها بهدف الصين المعلن المتمثل في ضمان تنمية عالية الجودة، حيث أن هذا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
هذه رحلة لتعزيز التعاون بين الصين والمفوضية. خلال الزيارة، تبادلت الصين والمفوضية وجهات النظر بشكل كامل حول تعميق التعاون الثنائي وتوصلا إلى توافق واسع في الآراء. واتفق الجانبان على إنشاء آلية حوار استراتيجي سنوي رفيع المستوى لمناقشة قضايا حقوق الإنسان ذات الاهتمام المشترك على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية. كما اتفق الجانبان على تشكيل مجموعات عمل للتعاون في قضايا مثل علاقة التنمية وحقوق الإنسان، والأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والحد من الفقر وحقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، والفضاء الرقمي وحقوق الإنسان، والحماية القضائية لحقوق الإنسان؛ كما أن الصين مستعدة لتقديم المزيد من الدعم لعمل الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان. لا تساعد تلك الخطوات في تعزيز التعاون بين الصين والمفوضية فحسب، بل تقدم أيضًا مساهمات جديدة في تطوير قضية حقوق الإنسان الدولية. قالت باشيليت، بالنظر إلى العديد من الأزمات العالمية المتداخلة التي تواجه العالم اليوم، بما في ذلك تغير المناخ، والتهديدات التي يتعرض لها السلم والأمن وعدم الاستقرار في النظام الاقتصادي العالمي، فضلاً عن أثر جائحة كوفيد-19، فإنّه للصين دور مهم للغاية تؤدّيه باعتبارها مساهمًا أساسيًا في المنتديات المتعددة الأطراف والإقليمية.
تلك الزيارة هي رحلة للتعرف على الوجه الحقيقي لمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم. خلال زيارتها إلى شينجيانغ، زارت باشيليت مدينة كاشغرالقديمة، وشاهدت معرضا حول مكافحة الإرهاب والتطرف، وتبادلت الحديث ووجهات النظر وجهًا لوجه مع شخصيات دينية وغيرهم من الأشخاص من جميع فئات المجتمع. شرحت منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم بشكل وافي وشامل السياسات العرقية والدينية للصين، وإجراءات وإنجازات شينجيانغ في مكافحة الإرهاب والتطرف. في فترة ما، قامت بعض الدول الغربية والقوى المناهضة للصين باختلاق أكاذيب حول ما يسمى بالقضايا المتعلقة بشينجيانغ تحت ستار حقوق الإنسان، لخدمة خطتهم السياسية المتمثلة في “استخدام شينجيانغ للسيطرة على الصين”. وهنا أريد أن أؤكد أن القضايا المتعلقة بشينجيانغ ليست قضايا حقوق الإنسان على الإطلاق، ولكنها قضية رئيسية لحماية السيادة الوطنية والأمن والسلامة الإقليمية. في السنوات القليلة الماضية، تأثرت شينجيانغ بشكل كبير بالإرهاب والتطرف الديني، لذا اتخذت الصين إجراءات صارمة ضد الأنشطة العنيفة والإرهابية وفقًا للقانون، للحفاظ على سلامة أرواح وممتلكات الأشخاص من جميع المجموعات العرقية،وضمان حقوق الإنسان للأشخاص من جميع المجموعات العرقية في شينجيانغ بشكل فعال. بفضل الجهود الدؤوبة، أصبحت شينجيانغ خالية من العنف والإرهاب لأكثر من خمس سنوات متتالية، وينعم المجتمع بالأمن والاستقرار، وتحسنت اوضاع التنمية، وأصبح الناس يعيشون ويعملون في سلام ورضا. وفي ذات السياق ،تحمي شينجيانغ حقوق جميع المجموعات العرقية وتضمن حرية المعتقد الديني لكل منها وذلك وفقًا للقانون ، ويوجد أكثر من 40 مطبوعة إسلامية تصدر بلغة الأقليات في شينجيانغ.
بعد كفاح طويل وشاق، حققت قضية حقوق الإنسان في الصين إنجازات ملحوظة، وشرعت بنجاح في مسار تنمية حقوق الإنسان الذي يتوافق مع اتجاهات العصر ويتناسب مع الظروف الوطنية للصين. لطالما وضعت الصين ضمان الحق في العيش في المقام الأول. فهي تستخدم أقل من 9٪ من أراضي العالم لإطعام خُمس سكان العالم، كما أنشأت أكبر نظام للضمان الاجتماعي وشبكة للأمن الطبي الوطني في العالم.؛ وضعت دائمًا تعزيز الحق في التنمية كأولوية،ولأول مرة تاريخيا يتم حل مشكلة الفقر المدقع؛ لطالما اعتبرت الصين حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين مهمتها الأساسية، وهي الدولة الرئيسية الوحيدة في العالم التي صاغت ونفذت خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان ذات المراحل الأربع؛ كما اتخذت الصين دائمًا حماية حقوق الأقليات العرقية والمجموعات المحددة الأخرى كمهمة أساسية، وساعدت مناطق الأقليات العرقية على تحقيق التنمية والازدهار، وعملت على حماية حقوق الأشخاص من جميع المجموعات العرقية في إدارة شؤون الدولة على قدم المساواة وفقًا للقانون؛ الصين تعتبر دائما حماية سلامة الناس هدفا طويل الأمد للسعي نحو بناء “صين آمنة”.
في الآونة الأخيرة، كتبت مصر تحت القيادة الحكيمة للرئيس السيسي فصلاً رائعاً في استكشافها المستقل لمسار تنمية حقوق الإنسان الذي يناسب ظروفها الوطنية. في عام 2021، أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي أول استراتيجية شاملة طويلة الأجل لمصر في مجال حقوق الإنسان، كما تعد ممارسة مهمة ورئيسية أخرى لمصر لاستكشاف مسار التنمية المستقلة. تولي مصر أهمية كبيرة للربط بين التنمية وتعزيز حقوق الإنسان، من خلال النهوض بالاستراتيجيات الرئيسية مثل “رؤية مصر 2030″ و”مبادرة حياة كريمة ” و “مبادرة تكافل وكرامة “، وغيرها من الاستراتيجيات المهمة؛وعلى حد علمي، فإن المرحلة الأولى من “مبادرة الحياة اللائقة” تشمل حوالي 30 ألف مشروع وستغطي 1477 قرية في جميع أنحاء البلاد، تم استكمال أكثر من 90٪ منها في ثماني محافظات.
في مفهوم حماية حقوق الإنسان ليس هناك ما هو الجيد بل هناك ما هو الأفضل لتحقيق هذا المفهوم. إن تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها هو قضية مشتركة للبشرية جمعاء، وينبغي أن تناقش جميع البلدان بصورة مشتركة إدارة حقوق الإنسان العالمية، وينبغي أن تتقاسم إنجازات تنمية حقوق الإنسان بين شعوب جميع البلدان.
بالنسبة للبلدان النامية، يعتبر الحق في العيش والتنمية من حقوق الإنسان الأساسية. لذا لدى الصين ومصر أفكار متشابهة تتعلق بالدفاع عن مصالحهما الخاصة، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، وتعزيز رفاهية الشعب، وتعزيز الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، ولديهما مواقف متشابهة بشأن حماية سلطة ومكانة منظمة الأمم المتحدة، معارضة تسييس قضايا حقوق الإنسان. ستستمر الصين في اتباع مسار تنمية حقوق الإنسان الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية،ودعم مصر بثبات في اتخاذ مسار تنمية حقوق الإنسان بما يتناسب وظروفها الوطنية،وهي على استعداد للعمل مع البلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصر، لفتح آفاق جديدة للحوار والتعاون في مجال حقوق الإنسان، والمشاركة بعمق في الحوكمة العالمية لحقوق الإنسان، والعمل بشكل مشترك على تعزيز التنمية الصحية لقضايا حقوق الإنسان العالمية للدفع نحو بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية.