لازال الجدل حول كيفية توفير نظام تغذية سليم للأطفال عن طريق “الوجبة المدرسية”، قائما عقب تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن استمرار النمو السكاني وتأثيره على سبل رعاية أبنائنا وصحتهم، وضرورة الوعي لدى المواطنين بشأن النظام الغذائي الخاص بأبنائهم والتوجيه بضرورة تعديل الوجبة المدرسية لطلاب كل محافظة.
فقد أكد الرئيس خلال افتتاح المدينة الصناعية الغذائية “سايلو فودز” بمدينة السادات بمحافظة المنوفية، على ضرورة توفير وجبات غذائية صحية آمنة لطلاب المدارس بشكل آمن حرصاً على تقديم التغذية المدرسية للطلبة بشكل مضمون وجيد، حيث يتم توفير مليارات الجنيهات لها سنويا.
7 جنيهات للطفل الواحد
وأما عن تكلفة الوجبة المدرسية المقدمة للطلاب فقد أشار السيسي إلى أنها تصل إلى 7 جنيهات للطفل الواحد، متابعًا: «النظام به حوكمة، ونقل، وأمن، ومستوى معين نريد الحفاظ عليه»، وأضاف أن منظومة التغذية تتطلب حوالي 8 مليارات جنيها سنويا، وأنه سيتم خصمها من المخصصات المالية لمختلف الوزارات وبحسب تصريح السيسي”سأتحدت مع وزيرة الصحة بخصوص عدد أيام التغذية، وهل ستكون 150 يومًا” فإن ال8 مليارات مخصصة لتوفير وجبة لكل طفل في أيام حضوره للمدرسة والتي قد تصل إلى ثلاث أيام أسبوعيا.
أنواع التغذية المدرسية
قال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في المؤتمر ذاته إن الوجبات مقسمة إلى وجبات جافة ومطهية تقدم لمدارس التربية الخاصة والداخلية، والمدارس الرياضية، والمناطق النائية الإعدادي والثانوي والجهة المسؤولة عنها المحافظون وقيمة اعتماداتها المالية 345 مليون جنيه.
بالإضافة إلى بسكويت سادة 50 و 80 جرام، أو بسكويت بالعجوة 80 جرام يقدم لمدارس رياض الأطفال، ومدارس التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، ومدارس التعليم المجتمعي، وتتعاقد الوزارة مع مصانع القطاع الخاص بطريق الممارسة المحدودة لعدد 10 مصانع، بحوالي 1.2 مليار جنيه.
اختلاف الوجبات حسب المحافظات
ووفقا لتصريحات وزير التربية والتعليم، فإن منظومة التعليم قبل الجامعي في مصر تضم 34 مليون طالب، و 1.3 مليون معلم ، و 60 ألف مدرسة، سيتم تقديم الوجبات لكل طالب حسب احتياجاته، فالمصاب بالتقزم له وجبة غير المخصصة لطلاب الأنيميا، وهكذا، وأضاف أنه تم اجراء المسح على حوالي 25 مليون طالب وفقا لحملة 100 مليون صحة ما أسفر عن اكتشاف إصابة 3 مليون طالب و399 ألفا و380 طالبا بالسمنة، وإصابة 8 مليون و 215 ألفا و 059 طالبا بالأنيميا، وإصابة مليون و297 ألف طالب و681 طالبا بالتقزم. وأعلنت وزارة الصحة عن أن المحافظات التي بها نسبة الأنيميا أكثر من 50% سوف يكون بها قائمة الوجبة متنوعة بين اللبن المدعم بالفيتامينات وبسكوت مدعم بالفيتامينات، والفواكه الطازجة، والمجففة مثل التين والمشمش، والجبن، ذلك بالإضافة الى وجبات مطهية بها مصدر حيواني.
أما عن المحافظات التي وصلت فيها نسب الأنيميا لأقل من 20% تتضمن الوجبات المدرسية بها “البسكويت المدعم بالتمر” والحلاوة الشمسية والفواكه الطازجة والمجففة، والمحافظات الأكثر من 20% تتضمن الوجبة خبز وبسكويت وبقسماط وجبن أبيض ولبن وفاكهة.
مقترحات وزارة الصحة
ومن جهتها أكدت وزارة الصحة في بيان لها، على أن المحافظات التي وصل فيها نسبة قصر القامة إلى أكثر من 10% تم عمل مقترح قائمة وجبات تتنوع ما بين عناصر جافة غنية بالمغذيات الدقيقة، مثل “بسكويت ويفر وسمسمة وحمصية وفولية ومقرمشات بالسمسم”.
تقسيم المحافظات حسب نسب الأمراض
وأشارت وزارة الصحة إلى أن ارتفاع نسب الإصابة بالأنيميا في محافظات الوجه القبلي خاصة في كل من “أسيوط- سوهاج- قنا- الفيوم- الأقصر- أسوان- والجيزة”، أما عن أعلى نسب إصابة بالسمنة جاءت محافظات الوجه البحري في الصدارة، وسجلت محافظات الإسكندرية، دمياط ،القاهرة، الغربية، الجيزة”، وذلك على مدار الثلاث الأعوام الماضية. أشارت وزارة الصحة والسكان إلى ارتفاع نسب الإصابة بالتقزم في محافظات الوجه القبلي والمحافظات الحدودية، وسجلت محافظات مرسي مطروح، أسوان، المنيا، شمال سيناء، أسيوط، الإسماعيلية، الفيوم، قنا، بني سويف، حيث توفر الوجبة الغذائية 25% من الاحتياجات اليومية للطفل.
استبدال الوجبات السريعة بأخرى صحية
قالت الدكتورة فاطمة جمال، استشاري أمراض التغذية، إن إصابة الأطفال بمرض السمنة يعد خطرا على حياتهم، لأنها تعرضهم فيما بعد للإصابة بأمراض مزمنة منها مرض السكر من النوع الثاني، وأمراض القلب وتصلب الشرايين والأوعية الدموية، وزيادة فرص الإصابة بمرض الربو.
وأضافت “جمال” أن السمنة تؤدي للإصابة بمرض تليف الكبد، والأمراض السرطانية، كما أن الوزن الزائد يؤثر على نمو الطفل وصحة العظام والعضلات والمفاصل، وهو ما يزيد من معدل هشاشة العظام، وتؤدي لإصابة صاحبها بالاكتئاب والتوتر، نتيجة عدم رضاهم عن ظهرهم.
وأكدت خلال حديثها على أن القضاء على تلك الأمراض يتطلب تغذية سليمة، حيث يصاب الطفل بالسمنة نتيجة تناول الأطعمة غير الصحية ومنها الوجبات السريعة، بالإضافة إلى الابتعاد عن ممارسة التمارين والأنشطة الرياضية، وتناول المشروبات الغازية، وفي الغالب يضطر الطفل لذلك أثناء تواجده خارج المنزل في الساعات الدراسية نظرا لتواجده بعيدا عن رقابة ذويه.
وأشارت إلى أن تصريحات الرئيس السيسي بشأن توفير وجبات للطلاب بالمدارس حسب احتياج كل منهم خطوة إيجابية في القضاء على السمنة، حيث سيستبدل الطالب تلك الوجبات السريعة بما يقدم له من المدرسة بمواصفات قياسية عالمية، حيث تحتوي على الخضروات والفاكهة بدلا من الدهون والمقليات، بالإضافة لتنوع النشاطات المدرسية لتعويض الجسم عن ما فقده.
تنظيم النسل والتغذية السليمة
وأضافت الدكتورة إيمان كامل، رئيس قسم صحة وتغذية الأسرة والطفل بالمركز القومي للبحوث، أن للنمو السكاني علاقة وطيدة بالتغذية السليمة للأطفال، فتنظيم النسل ضروري لكل أسرة، حتى لا يزيد عدد الأطفال بها عن اثنين بما يسمح بتغذيتهما بشكل سليم، وأنه وفقا للمسح الطبي لأطفال المدارس فلدينا حوالي 22% مصابون بالأنيميا، ومن 12% إلى 14% يعانون من السمنة.
وأكدت خبيرة التغذية على أن استبدال الأطعمة السريعة والمطلقة التي يتناولها الأطفال أثناء يومهم الدراسي بأخرى صحية، يحد من دخول كميات كبيرة من مادة MSG التي تعمل على تحسين الطعم في كثير من الأطعمة مثل شرائح البطاطس، والمكرونة الجاهزة، وتصيب الأطفال بالأمراض عصبية وتوحد.
تخصيص الوجبات حسب حالة كل طفل
وأوضحت رئيس قسم صحة وتغذية الأسرة والطفل بالمركز القومي للبحوث، أن تلك الوجبات المدرسية الصحية سوف تقضي على السمنة والأنيميا والتقويم عن طريق تخصيص الوجبات على حسب حالة الطفل، وذلك في سن صغير، لمنع إصابتهم بأمراض أخرى وشددت على أهمية المتابعة الجيدة لأغذية الأطفال.
وأكدت أن التقزم أيضا يصاب به الطفل بسبب العادات الغذائية غير الصحية، ويتم علاجه عن طريق غذاء متوازن في الكالسيوم والفيتامينات والمعادن، ليحصل على نمو طبيعي، بالإضافة لبعض الأنشطة حيث تكون النتيجة التحسن في الحالة الصحية والتعليمية للطفل، وأوضحت أن للمدرسة دورا آخر في إثراء الثقافة الخاصة بتناول الطعام عند الأطفال عن طريق اقتران التعلم بتناول الطعام بتوافر موضوعات عن النظام الصحي السليم لما يحتاجه الجسم من عناصر وكيف يمكن الحصول عليها من مختلف الأطعمة، والحث على غسل اليدين جيدا وكيفية القيام بذلك، لزيادة وعيهم.