من يقوم بزيارة زيمبابوي اليوم سيشهد تغير كبير في مفاهيمه التي استقرت لديه على امتداد أكثر من عقدين من الزمان، اذ في الواقع ومنذ تولى الرئيس الحالى وانطلاق الجمهورية الثانية فى عام 2017 تشهد زيمبابوي تحولات كبيرة تجعل منها احدى الدول الرائدة فى مجال التنمية ولكن بالاخص فى مجال التعليم العالى.
من المعروف ان زيمبابوي تخضع لعقوبات دولية منذ استقلالها عام 1980 وذلك بفعل السياسات التى انتهجها الرئيس الراحل موجابي اتصالا بمشكلة الارض الزراعية والتى صادر معظمها من رموز الاقلية البيضاء التى حكمت زيمبابوي طويلا بنظام نهج التفرقة العنصرية فى التعامل مع هذه الدولة وشعبها ولم تقبل الدول الغربية والمؤسسات التمويلية الدولية نهج الرئيس موجابي فى التعامل مع الاراضي الزراعية رغم انها حق اصيل للدولة وشعبها وكان من الطبيعي أن تعود مع الاستقلال الى صاحب الحق فى هذه القضية.
ورغم استمرار العقوبات حتي اليوم الا ان الجمهورية الثانية ومنذ 2017 قررت ان يكون تركيزها كله على قضية التنمية بكافة اشكالها وعلى استغلال ثرواتها الطبيعية العديدة فى الدفع بعجلة التنمية فى اطار من الانفتاح على المجتمع الدولى بأكمله بما فى ذلك الدول التى لا تزال تتمسك بفرض العقوبات عليها مع البحث عن بدائل للتعاون الاقتصادي والفنى مع عدد من الدول الاخري بخلاف الدول الغربية وهو الامر الذى ساهم فى انطلاق عملية التنمية بشكل فعال ومؤثر.
وفى زيارة الى زيمبابوى مؤخرا لم تقتصر على العاصمة فقط وانما امتدت لعدة اقاليم اخري شهدت صروح كبيرة فى شكل مشروعات ضخمة كمجمع الحديد والصلب واستخدام الفحم لاغراض توليد الكهرباء وانتاج العديد من المنتجات لخدمة الاستهلاك المحلى والتصدير الى الاسواق العالمية، وهو الامر الذى يمثل توطينا لبعض الصناعات واقامة مشروعات تحقق تطلعاتنا فى القارة فى اضافة قيمة مضافة لثرواتنا المعدنية كما انها تسهم فى خلق العديد من فرص العمل وتوفير الفرصة للكوادر المحلية للحصول على خبرة عملية فى مجالات بذاتها
ومما يثلج الصدر توجه الجمهورية الثانية وبقيادة الرئيس منانجاجوا لاعطاء الاهمية القصوى للتعليم الجامعى والفنى واطلاق العديد من مراكز الابتكار ليس فى العاصمة وحسب ولكن فى عدد من الاقاليم الاخري لغرس ثقافة الابتكار والاختراع لدى الطلبة الجامعيين وخريجي الجامعات وهو الامر الذى أقبل عليه هؤلاء بشكل كبير سوف يجعل من زيمبابوي خلال المرحلة القادمة احدى منارات البحث العلمي فى منطقة الجنوب الافريقي.
ومما لفت الانظار ايضا خلال تلك الزيارة هو الاتجاه الي انشاء مدينة جديدة كبيرة بجوار العاصمة تم في اطارها بالفعل بناء برلمان جديد هو فى الواقع أحد أكبر واحدث البرلمانات فى القارة الافرقية.
ويتصل بما يتقدم توجه الجمهورية الثانية لانشاء نظام لامركزي يعطى الكثير من الصلاحيات للاقاليم العشرة المشكلة منها الدولة وتشجيع السلطات المحلية علي تطبيق نهج الدولة فى السعى الدؤوب لتحقيق الاعتماد على الذات والكفاية الذاتية خاصة فى المجال الغذائى مع الاخذ فى الاعتبار ان زيمبابوى غنية بثرواتها الزراعية وما يرتبط بذلك من قدرات فائقة على التصدير وانما حتى فى استغلال الثروات المعدنية والدولة ذاخرة بها وخاصة من الذهب والموارد الاخرى المستخدمة فى التقنيات الفائقة التى تتسارع بشأنها القوى الدولية مما نشهده فى الوقت الحالي.
ويتساءل البعض كيف لزبمبابوى أن تحقق هذا التحول الرشيد والانجاز الملفت للانظار رغم استمرار الاجراءات العقابية التى تنتهجها الدول الغربية والمؤسسات التمويلية الدولية وهو الامر الذى يجعلنا ننظر الي التجربة الزيمبابوية بالكثير من الاعجاب والتقدير والاحترام.
السفير/ على الحفنى
رئيس لجنة الشخصيات البارزة
بالالية الافريقية لمراجعة النظراء










