في مشهد يعكس تحولًا استراتيجيًا في مستقبل الزراعة بجنوب الصعيد، تواصل أسوان ترسيخ مكانتها كأحد أهم مراكز الاستثمار الزراعي في مصر، مستندة إلى إنجازات ضخمة تحققت في مشروع توشكى الزراعي، الذي أصبح ترجمة حقيقية وطموحة لرؤية مصر 2030. هذه الرؤية التي تستهدف تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، وفتح آفاق اقتصادية جديدة، وتوفير فرص عمل نوعية للشباب.
وجاء معرض ومؤتمر توشكى أسوان الزراعي في نسخته الثانية ليؤكد هذا التوجه، بمشاركة 60 عارضًا من مختلف مجالات الزراعة والتصنيع الغذائي، في حدث اعتبره الخبراء نقطة تحول كبرى في تطوير القطاع الزراعي بمحافظات جنوب الصعيد. فقد أسهم المعرض في خلق منصة فاعلة للتشبيك بين المزارعين والمستثمرين والمصدرين، وفتح مسارات جديدة للشراكات الإنتاجية والتسويقية، بما يدعم سلاسل القيمة الزراعية ويرفع من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
وتزامنًا مع هذا الحراك التنموي، شهد المعرض حضورًا سودانيًا قويًا عبّر عن عمق العلاقات بين البلدين. حيث أعلن القنصل العام لجمهورية السودان أن بلاده ترحب بالاستثمار الزراعي المصري، مؤكدًا أن إعادة إعمار السودان ستتم بسواعد وخبرات مصرية، في خطوة تعزز التكامل الزراعي والاقتصادي بين الدولتين. وأن هذا التعاون يضع أساسًا لبناء وحدة زراعية واقتصادية مشتركة قادرة على خدمة المجتمعين المحلي والإقليمي، وبناء مشروع تنموي عربي متكامل في وادي النيل.
وتبرز في هذا السياق أهمية الربط بين منطقة بنبان للطاقة الشمسية أكبر تجمع للطاقة النظيفة بالشرق الأوسط ،ومشروعات توشكى الزراعية، بهدف توفير طاقة مستدامة تُسهم في رفع كفاءة الإنتاج وتقليل التكلفة وتعزيز نظم الري الحديث. كما يدعم هذا الربط خطط الترويج للمنتجات الزراعية بتوشكى، ويخلق منظومة متكاملة تجمع بين الطاقة المتجددة والزراعة الذكية، بما يخدم أهداف معرض ومؤتمر توشكى أسوان الزراعي في بناء نموذج زراعي مستدام قادر على المنافسة إقليميًا.
وهكذا، تتشكل ملامح مرحلة جديدة في التنمية الزراعية بأسوان وجنوب الصعيد، قائمة على الابتكار، والطاقة النظيفة، والاستثمارات المشتركة، والتكامل المصري السوداني، بما يمهد لبناء مستقبل زراعي واعد يعزز الأمن الغذائي ويحقق أحد أهم محاور رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.









