شهدت صفحات أولياء الأمور خلال الساعات الماضية حالة غير مسبوقة من القلق، بعدما تزايد الحديث عن انتشار عدوى تنفسية سريعة التفشي داخل عدد من المدارس، وسط مزاعم بظهور “متحور جديد لفيروس كورونا” بين الطلاب. وازداد التوتر بعد الخطاب المتداول الصادر عن تعليم البحيرة، والذي حذّر المدارس من ارتفاع معدلات الغياب الناتج عن أعراض تنفسية حادة، ما اعتبره الأهالي مؤشرًا على وجود موجة مرضية غير واضحة المعالم داخل الفصول.
زيادة الإصابات
وتداول أولياء الأمور روايات متعددة عن غياب متكرر للطلاب وارتفاع ملحوظ في حالات السعال والحمى والإجهاد، مؤكدين أن الإصابات هذا الأسبوع تجاوزت المعدلات المعتادة مع دخول فصل الشتاء. وربط البعض بين تلك الأعراض واحتمالية وجود متحور جديد لم تعلن عنه الجهات الرسمية بعد، فيما طالب كثيرون برفع الغياب مؤقتًا تجنبًا لانتشار أي عدوى قد تؤثر على صحة الأطفال.

وأكد أولياء أمور في أكثر من محافظة أن المدارس تشهد بالفعل موجة متلاحقة من نزلات البرد الشديدة، بينما استعاد آخرون ذكريات موجات كورونا السابقة، معربين عن خشيتهم من تكرار نفس السيناريو في حال لم تُعلن الوزارة إجراءات واضحة للحد من انتشار العدوى. وزادت المخاوف بعد أن ظهرت مطالبات من داخل الجروبات التعليمية بضرورة وقف التقييمات ورفع الغياب مؤقتًا لحين وضوح الموقف الوبائي.
خطاب نعليم البحيرة للتعامل مع العدوى
وزادت حالة القلق اتساعًا بعد صدور خطاب رسمي من مديرية التربية والتعليم بالبحيرة موجّه إلى جميع الإدارات التعليمية بشأن الانتشار الفيروسي بين الطلاب. الخطاب — رغم كونه “إجرائيًا” — اعتبره الأهالي دليلاً على أن الوضع أخطر مما يُعلن، خاصة أنه تضمّن تعليمات تفصيلية للمدارس حول الوقاية والتعامل مع الحالات المشتبهة.
وجاء في نص خطاب تعليم البحيرة التأكيد على “حرص وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم على سلامة الطلاب”، مشددًا على تنفيذ مجموعة من الإرشادات الوقائية داخل المدارس، أبرزها:
– غسل اليدين جيدًا قبل الطابور وبعده واستخدام مطهرات الأيدي.
– عدم مشاركة الأدوات الشخصية بين الطلاب.
– الالتزام بالنظافة الشخصية واتباع السلوك الوقائي عند السعال أو العطس.
– تطهير الأسطح المشتركة في الفصول، خاصة المقابض والطاولات.
– تجنب الاختلاط القريب مع أي شخص يعاني من حرارة شديدة أو سعال.
– الامتناع عن ذهاب الطلاب المرضى إلى المدرسة.
كما حدّد الخطاب الأعراض التي تستدعي الانتباه وتشمل: ارتفاع شديد ومفاجئ في الحرارة، صداع قوي مستمر، قيء أو إسهال غير معتاد، آلام حادة، ضعف شديد أو دوخة غير مبررة. وأوضح أن ظهور هذه الأعراض لا يعني الإصابة بمرض بعينه لكنه مؤشر يحتاج لتقييم طبي سريع.
ووجّهت المديرية تعليمات مباشرة للمدارس، منها عزل الطالب المشتبه في حالته في غرفة جيدة التهوية حتى وصول ولي الأمر، تسجيل وقت ظهور الأعراض، عدم السماح بعودته قبل تقييم حالته، إبلاغ الإدارة التعليمية عند ظهور أكثر من حالة، وارتداء الكمامات عند التعامل مع أي طالب مريض.
كما وجّه الخطاب نصائح لأولياء الأمور بعدم إرسال الطفل للمدرسة عند ظهور حرارة أو إسهال أو قيء، والتوجه لأقرب مركز طبي عند ظهور أعراض شديدة، ومتابعة النظافة الشخصية داخل المنزل.
وفي الوقت نفسه، أشار الخطاب إلى الإجراءات التي يجب اتخاذها عند وجود حالة مشتبهة، ومنها الاتصال الفوري بولي الأمر، تطهير مكان جلوسه، متابعة حالة الطالب وزملائه، ورفع تقرير يومي للإدارة التعليمية وإدارة الأزمات.

وفي سياق متصل، جاء الرد الرسمي من وزارة الصحة كخلفية لطمأنة الأهالي، حيث قال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، إنه لا يوجد أي متحور جديد لفيروس كورونا داخل مصر، مؤكدًا أن الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية “مستقر تمامًا” ولا يحمل أي مؤشرات تدعو للقلق. وأضاف المتحدث أن الوزارة تتابع يوميًا معدلات الإصابات على مستوى الجمهورية، وتشمل الإنفلونزا الموسمية وفيروس التنفس المخلوي RSV والفيروسات التنفسية الأخرى، وجميعها ما زالت ضمن الحدود المتوقعة لهذا الوقت من العام.
وأوضح عبد الغفار أن فرق الطب الوقائي والترصد الوبائي تعمل على مدار الساعة في جميع المحافظات للكشف المبكر عن أي تغيرات وبائية، مؤكدًا أنه لم يتم رصد أي ارتفاع غير طبيعي أو نمط انتشار غير معتاد. وشدد على أن الوزارة ستعلن فورًا عن أي مستجدات تتعلق بالأمراض التنفسية، التزامًا بمبدأ الشفافية مع المواطنين.
ووجّه المتحدث عدة نصائح لأولياء الأمور، أبرزها تطعيم الأطفال بلقاح الإنفلونزا الموسمي، خاصة الفئات من 6 أشهر إلى 5 سنوات، بالإضافة إلى إبقاء الطفل في المنزل عند ظهور أي أعراض تنفسية حتى يتماثل للشفاء لمدة 24 ساعة دون خافض للحرارة. كما شدد على أهمية غسل اليدين جيدًا، واستخدام المنديل عند السعال أو العطس، ومتابعة الأطفال من أصحاب الأمراض المزمنة مع طبيب متخصص قبل عودتهم للدراسة.
واختتمت وزارة الصحة تأكيدها بأن الوضع مطمئن ولا يدعو للقلق، مع استمرار المتابعة اللحظية لأي تطور في مؤشرات العدوى، وذلك لضمان الحفاظ على صحة الطلاب وبيئة مدرسية آمنة خلال الموسم الدراسي الحالي.













