خلال الأسبوع الماضى .. استمعت الى الدكتور أحمد غنيم المدير التنفيذى للمتحف الكبير عبر لقاءين هامين الأول هو منتدى مصر للإعلام والثانى فى جامعة القاهرة كانت كلماته محددة وبدا كأنه يحمل الرسالة نفسها أينما ذهب وهى الدفاع عن جوهرالمتحف المصري الكبير، وعن الفكرة التي يتنفسها كل ركن فيه وهى أن يكون بيتًا للهوية المصرية قبل أن يكون مجرد مبنى يضم آثارًا
كرجل اقتصاد بالأساس تحدث د غنيم عما يمكنه وما يستطيعه بحسابات الورقة والقلم وليس بلغة سوف وسيكون.. قال لديه «خطة تسويق متعددة المستويات» لإبقاء الزخم الإعلامي والجماهيري حول المتحف حيًّا ومستمرًا، منها فتح قاعات جديدة للعرض لكنه اعترف أن فتح قاعات إضافية مكلف للغاية، لذلك يتطلب تخطيطًا دقيقًاً
والحضور فى المناسبتين ايضاً لم يكن في انتظار محاضرة عادية، بل لقاء مع الذاكرة المصرية، مع من يرى في كل حجر حكاية وطن.. فى منتدى مصر للاعلام 2025 ..ظهر غنيم بوضوح الرجل الذي يعرف حدود رسالته وحدود دوره. رفضه القاطع لفكرة «قاعة الهولوجرام للقطع المهربة» لم يكن مجرد رأي مهني، بل موقف ثقافي وأخلاقي. قالها بصراحة «أنا كمتحف لا أمارس سياسة..أنا أحتفي بالحضارة.
كان كلامه رسالة بأن المتحف ليس ساحة مساومات سياسية ولا منصة ردّ فعل على خصومات دولية، بل هو مؤسسة تحفظ ما تبقى من حكاية مصر عبر آلاف السنين، دون ضجيج أو توظيف خارجي.
أما في جامعة القاهرة بيته الأول كطالب وكأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، فقد بدا غنيم أكثر قربًا من الشباب، وأكثر انفتاحًا على الأسئلة التي تحمل قلقًا من المستقبل. تحدث عن المتحف بوصفه مشروعًا وطنيًا «يحتاج نبض الشباب بقدر ما يحتاج دقة الآثاريين»، ودافع عن فكرة تحويل المتحف إلى هيئة اقتصادية لا بهدف الخصخصة، ولكن لضمان أن «صرحًا بهذا الحجم يظل قادرًا على الاستمرار والتمويل الذاتي وتقديم تجربة عالمية».
وقال للشباب مستشرفاً المستقبل «نصف الحلم الذي تحقق، ونصفه الذي ينتظر جيلًا جديدًا ليكتمل.

تحدث عن الإرهاق، عن التحديات، وعن فتح قاعات جديدة رغم التكلفة العالية، لكنه أصرّ أن «الزخم أهم من الافتتاح… والاستمرار أهم من اليوم الأول».
في المنتدى، تحدث غنيم عن صورة مصر في الإعلام العالمي، وفي جامعة القاهرة تحدث عن صورة مصر في عيون طلابها. وفي المرتين كان يؤكد الشيء نفسه:أن المتحف ليس مبنى زجاجيًا ضخمًا إلى جوار الأهرامات، بل هو مشروع سيرة وطن، وأن دوره الحقيقي أن يخلق تجربة تجعل الزائر يشعر بأنه «داخل قصة أكبر من نفسه».
جمع غنيم بين دقة الأستاذ الجامعى وهدوء المسؤول ودفء الإنسان.وبدا واضحًا في القاعة الإعلامية كما في القاعة الجامعية أنه ل يرى المتحف كأنه مشروع عمر،ليس لمن يعملون فيه فقط، بل لمصر نفسها فهو هدية من حضارة لا تشيخ إلى إنسانية تبحث عن الجذور والمعن
وفى لقاء الجامعة الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، حوّل اللقاء إلى ما يشبه احتفالًا بالروح المصرية، لا مجرد فعالية أكاديمية. إذ أعلن رئيس الجامعة عن إطلاق “عام المتحف المصري الكبير”، ليصبح العام الجامعي 2025/2026 عامًا مخصصًا لتعميق وعي الأجيال الجديدة بعظمة تاريخ مصر وإبداع حاضرها، ومناسبة متجددة لاستلهام القوة من الذاكرة.
لم يكن اللقاء مجرد محاضرة، بل لحظة تلاقٍ بين مؤسستين من مؤسسات الوعي المصري: جامعة القاهرة التي خرّجت العقول التي صنعت التاريخ، والمتحف المصري الكبير الذي يحفظ هذا التاريخ للأجيال القادمة












