فاديم زايتشينكو: اللغة الروسية مفتاح الثقافة.. و338 منحة دراسية جديدة للطلاب المصريين
حوار : محمد مندور
في أجواء من الود والثقافة، التقينا الدكتور فاديم زايتشيكوف مدير المركز الثقافي الروسي في القاهرة، الذي يُعد واحدًا من أبرز الخبراء في العلاقات الثقافية الروسية–العربية، وصاحب مسيرة طويلة امتدت بين القاهرة وعمّان وبيروت ودمشق، وصولًا إلى رئاسته السابقة للإدارة المركزية للعلوم والتعليم في الوكالة الروسية للتعاون الدولي.
في هذا الحوار، يتحدث د. فاديم عن مسيرته، وعن مستقبل التعاون التعليمي والثقافي والعلمي بين مصر وروسيا، مؤكدًا أن تعليم اللغة الروسية هو المفتاح الحقيقي للتقارب بين الشعبين.
س: بداية دكتور فاديم.. كيف تصف مسيرتك التي قادتك من روسيا إلى القاهرة؟
ج: درستُ العلاقات الدولية باللغة العربية في روسيا، وكان شغفي دائمًا بالعالم العربي كبيرًا. ومنذ عشرين عامًا جئت إلى مصر ودرست في جامعة القاهرة.
عملتُ بعدها نائبًا لمدير المركز الثقافي الروسي في الإسكندرية، ثم انتقلت إلى الأردن مديرًا للمركز في عمّان، وبعدها إلى بيروت في لبنان، ثم إلى سوريا.
وقبل عودتي إلى القاهرة، كنت أشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للعلوم والتعليم في الوكالة الروسية للتعاون الدولي.
الآن، بعد نحو عشرين عامًا، أعود إلى مصر مرة أخرى، وأقولها بصدق: شربت من ماء النيل، ولذلك عدت إليه بكل المحبة والحنين.
س: كيف ترى واقع التعاون التعليمي والثقافي بين مصر وروسيا اليوم؟
ج: العلاقات الثقافية بين بلدينا تاريخية ومتجذرة. هناك عشرات الآلاف من المصريين درسوا في روسيا على مدى العقود الماضية، وأصبحوا علماء وأساتذة جامعات ومسؤولين كبارًا.
نحن نحتفي بهم دائمًا في فعالياتنا، فهم يمثلون جسورًا حقيقية للتواصل بين بلدينا.
كما يوجد تعاون وثيق بين اتحاد الكُتّاب المصري واتحاد الكُتّاب الروسي، ونحرص على تطوير هذا التعاون في مجالات الأدب والترجمة والفنون، لأن الثقافة هي لغة الشعوب التي لا تعرف حواجز.
س: حدثنا عن المنح الدراسية الروسية المتاحة حاليًا للطلاب المصريين.
ج: المركز الثقافي الروسي في القاهرة هو الجهة المسؤولة عن المنح التعليمية الروسية. وقد تم فتح باب التقديم من 15 سبتمبر 2025 وحتى 15 يناير 2026.
هذا العام، خصصت روسيا 338 منحة للطلاب والباحثين المصريين في مختلف المجالات: البكالوريوس، الماجستير، والدكتوراه.
تشمل التخصصات مجالات متنوعة مثل العلوم، الآداب، الفنون، الطب، الطاقة الذرية، والهندسة.
وأدعو الشباب المصري إلى الاستفادة من هذه الفرصة الكبيرة، فروسيا تفتح أبوابها للعلم والمعرفة أمام الجميع.
س: وماذا عن تعليم اللغة الروسية في مصر؟
ج: نعتبر تعليم اللغة الروسية مفتاحًا أساسيًا لفهم الثقافة الروسية. لذلك نعمل على توسيع نطاق الدورات التدريبية، ليس فقط في اللغة، بل في العلوم والهندسة والفنون أيضًا.
نقدّم برامج تعليمية مخصصة للأطفال والكبار، لأن الثقافة تبدأ من اللغة، ومن ثم تمتد إلى الفنون، والتكنولوجيا، والعلاقات الإنسانية.
س: هل لدى “البيت الروسي” بالقاهرة خطط لتوسيع التعاون مع المؤسسات المصرية الثقافية والفنية؟
ج: بالتأكيد. نحن في “البيت الروسي” نؤمن بأن الثقافة لا تزدهر إلا بالشراكات والتكامل. لدينا تعاون فعّال مع وزارة الثقافة المصرية بمؤسساتها المختلفة، ومع أكاديمية الفنون في مجالات المسرح والموسيقى والسينما.
كما نتعاون مع جمعية بناة السد العالي التي تمثل رمزًا للتاريخ المشترك بين روسيا ومصر في واحدة من أعظم مشروعات القرن العشرين.
نسعى لتطوير برامج ثقافية وفنية مشتركة تُبرز هذا التاريخ وتفتح آفاقًا جديدة للشباب المبدع في البلدين.
س: كيف تصف علاقة المركز بكل من جمعية الصداقة المصرية الروسية والجالية الروسية في مصر؟
ج: العلاقة قوية وإنسانية بالدرجة الأولى. جمعية الصداقة المصرية الروسية شريك أساسي لنا في تعزيز الحوار الشعبي بين البلدين، فهي تنظم فعاليات ثقافية واجتماعية تقرب الشعوب.
أما الجالية الروسية في مصر فهي جسر حي للتواصل اليومي بين الشعبين، ونعمل معهم في العديد من المبادرات، ونحتفي بمساهماتهم في المجتمع المصري، فهم جزء من النسيج الإنساني والثقافي الذي يجمع روسيا بمصر منذ عقود طويلة.
س: ماذا عن دور جمعية خريجي الجامعات الروسية؟
ج: العلاقة مع جمعية خريجي الجامعات الروسية علاقة خاصة جدًا، لأن أعضاء الجمعية هم سفراء حقيقيون لروسيا في مصر.
هؤلاء الخريجون درسوا في جامعات روسية وعادوا إلى وطنهم حاملين العلم والثقافة الروسية بروح مصرية أصيلة.
نعمل مع الجمعية على تنظيم لقاءات دورية وندوات علمية وثقافية، ونحرص على إشراكهم في كل فعالياتنا، لأنهم يمثلون ذاكرة التعاون التعليمي بين بلدينا، ووجودهم المستمر يعزز التواصل بين الأجيال الجديدة وروسيا.
س: هل يسعى البيت الروسي إلى نشر الثقافة الروسية خارج حدود المركز؟
ج: بالتأكيد، فلسفتنا تقوم على أن الثقافة لا تُحبس داخل الجدران. نعمل دائمًا على الخروج بالثقافة الروسية إلى الجامعات وإلى المحافظات المصرية المختلفة.
نشارك في المهرجانات الثقافية الكبرى، وهدفنا أن يشعر كل مصري بأن الثقافة الروسية قريبة منه، وأنها جزء من حوار حضاري متبادل وليست مجرد نشاط داخل المركز.
س: ذكرت اهتمامك بالتعاون في مجالات السياحة، ما الجديد في هذا الإطار؟
ج: سنعمل قريبًا على إعداد برنامج خاص لتدريب العاملين في مجال السياحة المصرية على تعلم اللغة والثقافة الروسية.
الهدف هو تعزيز التفاهم مع السائح الروسي الذي يحتل مكانة مهمة في السوق السياحي المصري.
كل من يعمل في مجال السياحة يجب أن يعرف ثقافة الروس وعاداتهم وطريقتهم في التواصل، لأن ذلك يسهم في تنشيط السياحة ويعزز العلاقات بين الشعبين.
س: نحتفل هذا العام بمرور 100 عام على إنشاء الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الدولي.. كيف ترى هذا الحدث؟
ج: نعم، نحتفل هذا العام بمرور مائة عام على إنشاء الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الدولي، وهي ما نطلق عليه الدبلوماسية الشعبية الروسية.
الوكالة تلعب دورًا محوريًا في بناء الجسور بين الشعوب عبر الثقافة والتعليم والعلم والفنون، ونسعى من خلالها إلى مزيد من التعاون مع مصر في جميع المجالات، انطلاقًا من العلاقة التاريخية العميقة بين بلدينا.
س: وجه كلمة أخيرة للشباب المصري.
ج: أقول للشباب المصري: استفيدوا من الفرص التي تقدمها روسيا في التعليم والثقافة والفنون، وتعلموا اللغة الروسية لأنها بوابة واسعة نحو المستقبل.
لقد عملت في مصر منذ عشرين عامًا، وها أنا أعود إليها مرة أخرى لأواصل مسيرة التعاون والمحبة بين روسيا ومصر، بلد الحضارة والنيل.