من المعلوم أن المفاوض الإيراني صعب المراس والدبلوماسية الإيرانية راسخة وترتبط بتمثيلها لحضارة عريقة ، وصدر عن وزير الخارجية الإيراني /عباس عراقجي كتاب عنوانه ” قوة التفاوض : مباديء وقواعد المفاوضات السياسية والدبلوماسية ” ، ويجمع بين التجربة الشخصية للمؤلف والرؤية الاستراتيجية الإيرانية ، ومن أبرز ما المقولات التى ذكرها ” عراقجي ” أن المفاوض الناجح هو من يُتقن فن استثمار مصادر القوة الظاهرة والكامنة ، وكذلك أن التفاوض إنعكاس لقدرة الدولة ومهارة ممثليها .
ومن الملفت للانتباه أن ” عراقجي ” استعرض فى الكتاب النموذج الإيراني فى التفاوض المعروف بإسم ” أسلوب البازار ” القائم على التكرار والصبر الاستراتيجي ، مؤكداً أن هذا النمط ليس مراوغة ، بل أسلوب تفاوضي مدروس يرتكز علي المثابرة والمرونة من دون التنازل عن المباديء ، ومن أبرز المستجدات الخاصة بالملف النووي الإيراني ما ذكره ” عراقجي فى إتصال هاتفي مع نظيره الباكستاني في 3 اكتوبر 2025 بأن طهران لا تري أن القرار 2231 تنتهي صلاحيته فى 18 اكتوبر الجاري 2025 , وفى رد فعل من جانب البرلمان دعا منوشهر متكي، النائب ووزير الخارجية الإيراني الأسبق، إلى خطوات “انتقامية” ردًّا على تفعيل ” آلية الزناد” .
وفيما يتعلق بردود الفعل الإقليمية الدولية ، إنضمت أنقرة إلى العقوبات ضدّ طهران وأعلنت وزارة الخزانة والمالية التركية تجميد أصول 20 شخصًا و18 مؤسسة مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، بموجب مرسوم رئاسي نُشر في الجريدة الرسمية. وجاء ذلك بعد حزمة أمريكية استهدفت 21 شركة و17 شخصًا مرتبطين بشبكات التسلّح والصواريخ، ورحب وزراء خارجية مجموعة السبع بإعادة تفعيل قرارات العقوبات الأممية، ودعوا إلى تنفيذها فورًا، مع الحثّ على تعاون إيران مع الوكالة الذرية والانخراط فى مسار تفاوضي مباشر. كما أفاد تقرير منسوب إلى “واشنطن بوست” بأنّ الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه عدة شروط لتفادي تصعيد عسكري محتمل: الدخول فى مفاوضات مباشرة، ووقف التخصيب، وتقييد برنامج الصواريخ.
هذا ، وتشهد الفترة الحالية توجيه انتقادات إيرانية مكثفة للدور الأوروبي، وذكر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، فى تصريح له أول أمس إن دور بريطانيا وفرنسا وألمانيا في مفاوضات الملف النووي سيكون محدودًا، مؤكدًا أن الضغط عبر “آلية الزناد” أو التهديد العسكري لم يُحقق نتائج، وأن الحلّ يكمن في المفاوضات الدبلوماسية . كما أكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أن الاتهامات الغربية لبرنامج إيران النووي السلمي “بلا أساس”، مشيرًا إلى التزام طهران بالقوانين والاتفاقيات الدولية وحرصها على الشفافية، وأن الهدف تلبية احتياجات الطاقة والأغراض البحثية دون توجه عسكري.
فى المقابل ، ذكر مجلس العلاقات الخارجية الأوروبية ECFR فى تقرير صدر الأسبوع الماضي أن تفعيل أوروبا لآلية العقوبات ” سناب باك ” يكشف عجز الدبلوماسية الأوروبية ، وأن رفض إيران للعروض الأوروبية يرجع إلى حسابات طهران الداخلية وفقدان التيار المعتدل قدرته فى الضغط علي المرشد ، فى حين أشار تقدير موقف صادر عن مجلس العلاقات الخارجية CFR إلى تركيز العقوبات الجديدة على البعد الأمني والعسكري أكثر من الاقتصادي .