انتقد الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس، ما وصفه بـ«الأوضاع المقلوبة» في منظومة إعداد المعلمين بمصر، موضحًا أن الحد الأدنى للقبول بكليات رياض الأطفال، التي تُخرّج معلمي مرحلة التأسيس الأولى، يأتي في الغالب أقل من كليات التعليم الابتدائي، بينما الحد الأدنى للقبول بكليات التربية (تعليم عام) التي تُخرّج معلمي الإعدادي والثانوي هو الأعلى، رغم أن المنطق التربوي يفترض العكس تمامًا.
وأشار د. شوقي إلى أن هذا التفاوت في القبول يعكس خللًا في فلسفة الإعداد التعليمي، لأن المراحل التأسيسية تحتاج إلى معلمين على أعلى مستوى من الكفاءة والتأهيل العلمي والنفسي والتربوي، إذ تقع عليهم مسؤولية وضع الأساس السليم لتعلم الطفل، وتمكينه من مواصلة المراحل التالية بثقة وكفاءة. لكن الواقع، بحسب وصفه، يشير إلى أن الأكفأ من خريجي الثانوية العامة يتجهون لتدريس طلاب المرحلة الثانوية، بينما تُترك المراحل الأولى لمعلمين أقل تأهيلًا، أو في بعض المدارس الخاصة لمعيدين لا يحملون مؤهلات تربوية من الأساس.
وأوضح أن هذه المفارقة تفسر ظهور أعداد متزايدة من الطلاب الذين يعانون من ضعف التأسيس الأكاديمي وصعوبات التعلم، مؤكدًا أن الدول المتقدمة تتعامل مع هذه المراحل بجدية بالغة، وتشترط حصول المعلمين على مؤهلات لا تقل عن درجة الماجستير.
وأكد شوقي أن حديثه لا يقلل من كفاءة أو إخلاص معلمي المراحل التأسيسية، فبينهم نماذج متميزة تُقدّر رسالتها جيدًا، لكن المقصود هو ضرورة تصحيح المنظومة بما يتناسب مع أهمية هذه المراحل.
ودعا إلى تحفيز معلمي رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ماليًا ومعنويًا من خلال مكافآت مجزية، تقلل اعتمادهم على الدروس الخصوصية في المراحل الأعلى، وتشجع في الوقت نفسه الطلاب المتفوقين على الالتحاق بتخصصات التعليم التأسيسي، بما يرفع الحد الأدنى للقبول بها ويُعيد التوازن لمنظومة إعداد المعلمين في مصر.