لم نخلق لنعيش وحدنا ,, ودائماً الآحرون الذين يعيشون بيننا ومعنا هم همنا الأساسي ، مصدر سعادتنا وتعاستنا معاً ..من أجلهم نرتدي أقنعة لنختفي وراءها كي نبدو أمامهم كما نحب أن نكون ، وليس مثلما تكون حقيقتنا ..
-ونستمرنشكل أقنعتنا لتناسب الأدوار التي قررنا أن نلعبها تماماً مثل المسرحيات التي تؤدي على خشبة المسرح ، نلعب جميعاً أدواراً نرسمها نحن أو يرسمها لنا الآخرون على مسرح الحياة .. هذه الأدوار تؤثر في طريقة تفكيرنا وكيفية تصرفاتنا بل ومظهرنا الخارجي أيضاً ، فالقناع الذي نرتديه يؤثر على ملامحنا ويعلم علي أجسادنا ؛فالرجل الطيب نجده مبتسماً دائماً ،والجاد مقطب الجبين والضعيف دائماً شاكياً باكياً ، والعصبي يصاب برعشة أثناء حديثه وتنتفخ عروقه ..وهكذا ..نصبح نحن أنفسنا القناع الذي اخترنا أن نرتديه ..
– وكما كان اليونانيون القدماء يستخدمون الأقنعة ليميزوا بين الشخصيات في العمل الدرامي وبين الشخصيات العادية الحقيقية كذلك نحن نستخدم الأقنعة لنبتعد بأنفسنا عن إنسانيتنا الحقيقية،وفي هذه الحالة لانختفي بشخصياتنا الحقيقية عن الآخرين فقط بل وعن ذواتنا أيضاً ..نصبح الدور الذي نلعبه ونفقد إدراكنا بحقيقة شخصياتنا الحقيقية ..
– الغريب والمثير في الأمر أننا نتمسك بهذه الأقنعة تمسكنا بالآخرين في حياتنا .. لانرحب بخلعها ولانستطيع حتي لو أردنا ، فهي تقدمنا للآخرين وتعبر عن الأدوار التي نلعبها ، تحيطنا بجدران صلبة ،وتمنعنا من معرفة آلامنا الداخلية ،وبمرور الوقت وسنين العمر تصبح هذه الأقنعة جزءاً منا لايمكن أن ننفصل عنها ، نحتمي بها أحياناً ونتمني أن تفارقنا لنذوق طعم البراءة مرة أخري ، ثم ..نعود ثانيةً لنباهي بها ونسميها خبرة السنين !!
– نكبر أكثر ،وعندما نصل إلى مرحلة نضج الشخصية ، ندرك الآلام التي سببتها لنا هذه الأقنعة التي رافقتنا ردحاً طويلاً من الزمن يساوي سنوات عمرنا ، فإذا قررنا أن نخلعها كان علينا أن نواجه إحساساً بالعزلة والوحدة ..فخلع الأقنعة يكشف عما بداخلنا من نقائص وآلام واحباطات والمثير أننا نرفض أن نعترف بهذه النقائص ونجد دائما ما يبررها أمام أنفسنا وأمام الآخرين .. ونندب أيامنا ونغني “ليه يارمان ماسبتناش أبريا ؟؟!!”
– انها الازدواجيه نعيشها كل يوم مع الأقنعة والأكاذيب ..
ـ أيضاً ومن جانب آخر..بداخل كل إنسان نعرفه … يوجد إنسان أخر قد لا يشبهه في شئ ،شخصية مختلفة تماما عن تلك التي نتعامل معهاً شخصية لانعرف عنها الكثير مهما كنا قريبين منها لأننا نتعامل مع الشخصية الظاهرة لنا من خلال قناع سميك..أما تلك المتخفية فلا يعرفها أو يجدها إلا من يبحث عنها ..
ـ إن الحقيقة التي لاشك فيها هي أننا كلناـ بدرجات متفاوتةـ متسرعون في الحكم على الآخرين ونستمر في حكمنا هذا سواء سلباً أو إيجابا ً إلي أن تثبت لنا الأيام العكس فلا نقوي على تحمل الحقيقة التي تغافلنا عن معرفتها بكسلنا وعدم اهتمامنا..فدائماً ، هناك شخص آخر خلف الذي يقف أمامك و عما وراء القناع الذي يظهر به.. حاول أن تبحث عنه لتعرف كيف تتعامل معه ….. ولا تنخدع بالصفات الظاهرية ..التي نادرا ما تتطابق مع الحقيقة.. ولا تلوموا من سقطت عنهم أقنعتهم ،بل لوموا عيونكم التي لم تحاول من قبل نزع القناع لتبحث عما ورائه واكتفت بالصورة المزيفة .. -لكن قبل أن نبحث عما وراء أقنعة الآخرين ، علينا أن نبحث داخل أنفسنا عما يحدث داخلنا من تغييرات ..
-البعض منا عندما يكتشف حقيقة تأثير القناع الذي يرتديه ، يرفض بشدة خلعه ، لأن ذلك يسبب ألماً ، والبعض يكابر ويدعي أنه لايرتدي أي قناع وبالتالي يرفض ان يتغير ويلوم الآخرين لأنهم هم سبب تعاسته ، وهؤلاء الذين يكابرون هم الذين يعيشون في مشاكل حقيقية تسببها لهم خيالاتهم يرفضون تغيير أنفسهم ويقاومون التغيير في الآخرين ايضاً ..
فالتغيير يتطلب شجاعة من نوع خاص ، فالشخص الذي لديه الشجاعة ليختار بحرية هو شخص لديه إيمان راسخ بمعتقداته وقيمه التي من خلالها يتخذ قراراته ولايتردد ، أما من ليس لديهم هذه الشجاعة فانهم يقفون بعيداً حتي يختار غيرهم ثم يتوجهون إلى الجانب الرابح بعد أن يثبت أنه الرابح ، وإذا حدثت نكسة لهؤلاء بعد انقيادهم لرأي الآخرين يملأون الدنيا ضجيجاً واتهاماً لمن جازف واختار بشجاعة وإقدام ..
– إنها الأقنعة نرتديها طوعاً أو قسراً ولكنها تطالبنا بدفع الثمن دائماً ..وياله من ثمن ..