استضافت مدينة يوكوهاما اليابانية الدورة التاسعة لمؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى أفريقيا ( TICAD ) والذى عقد تحت شعار ” المشاركة فى إيجاد حلول مُبتكرة ” ، وركز على التحديات التى تواجه القارة السمراء فى ثلاث مجالات ( المجتمع ، والسلام والاستقرار ، والاقتصاد ) ، وركز الهدف الرئيسي للمحفل التنموي المتميز علي تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص ، وطرح أفكار جديدة للاستفادة من موارد أفريقيا الهائلة وشبابها استناداً إلى الابتكار التكنولوجى وخبرات الشركات اليابانية ، وننوه هنا بالتوافق حول أهمية استدامة التنسيق لتعزيز مكانة الطرفين ( اليابان / أفريقيا ) فى الترتيبات الدولية الجديدة .
كما وفرت الدورة التاسعة للتيكاد منصة مهمة للإعلان عن خطط طموحة لتطوير البنية التحتية بأفريقيا، ومشروعات الربط بين أسيا وأفريقيا عبر الشرق الأوسط ، وفى مقدمة الجوانب التنموية التى تستقطب تمويل من اليابان، بناء الموانىء وتأهيل الطرق فى دول شرق أفريقيا التى تطمح لترسيخ نفسها كمركز محورى للتجارة فى المحيط الهندي، وفى إطار المنافسة المحتدمة مع الصين وقوى دولية أخري تسعى طوكيو للدخول فى شراكات طويلة المدي تستند إلى معادلة ( التنمية + العوائد الاقتصادية )؛
كما يتيح المؤتمر، الذي يُعقد كل ثلاث سنوات، لطوكيو فرصة التفاوض على اتفاقيات تجارية غير مسبوقة مع الدول الأفريقية، وبالتالي فتح أسواق جديدة لصادراتها التي تُثقل كاهلها التوترات الجيوسياسية العالمية والسياسات الحمائية الأمريكية. كما تهدف اليابان إلى ترسيخ مكانتها كشريك رئيسي ونموذج تنموي للقارة الأفريقية، من خلال رؤية لشبكة لوجستية تربط المحيط الهندي ( تمر منه ٦٠ ٪ من التجارة العالمية ) بأفريقيا ، أخذاً فى الاعتبار أن الوكالة اليابانية للتعاون الدولى ( جايكا ) تتولى تمويل عمليات تطوير ميناء مومباسا فى كينيا وميناء ناكالا فى موزمبيق وخطة لتشجيع الاستثمار الخاص في أفريقيا بأموال مضمونة من الدولة؛
هذا، وتنوي طوكيو جمع 1.5 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة لما يُطلق عليه ” الاستثمار المؤثر فى أفريقيا ” بهدف تحييد انبعاثات الغازات الدفيئة في القارة السمراء ودعم التنمية المستدامة، وأشار بيان لوزارة الخارجية اليابانية، إن الحكومة ستعمل على الاستفادة من استثمارات هيئة التعاون الدولي اليابانية “جايكا” للمساعدة في جمع تمويل القطاع الخاص، ويهدف الاستثمار المؤثر إلى تحقيق عوائد مالية وتأثيرات ومنافع اجتماعية وبيئية معاً؛
وخلال فعاليات TICAD9 ، حددت الحكومة اليابانية أيضاً خطة جديدة لتعزيز التنمية فى الدول الناشئة من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث تتولى طوكيو مسؤولية جزء من مخاطر الاستثمار والإقراض. يهدف البرنامج إلى تشجيع الاستثمار الخاص من خلال مساهمات رأس المال وضمانات الائتمان، ومساعدة الشركات اليابانية على التوسع فى أفريقيا، التي تُعرف بـ”الوجهة النهائية” نظرًا لإمكانات نموها العالية، وسيُطلق البرنامج- تجريبيًا -فى السنة المالية 2025، بتخصيص أقصى قدره 17 مليون دولار أمريكي للاستثمارات والقروض وضمانات الائتمان) ؛
ومن المتوقع أن يشمل المشروع الأول استثمارات أو قروضًا لصندوق “&Capital”، وهو صندوق أنشأه أعضاء تطوعيون من الشركات ففى الرابطة اليابانية للمديرين التنفيذيين للشركات، وفى إطار سعيه لتحقيق عوائد، سيستثمر هذا الصندوق فى الشركات الناشئة بأفريقيا التى تُعالج القضايا الاجتماعية فى قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم؛
ولا يفوتنا الإشارة هنا إلى دعم “تيكاد” لمبدأي “الملكية الإفريقية الكاملة لمسارها التنموي ” والشراكة الدولية، كما أنها تعزز التعاون جنوب – جنوب والتعاون الثلاثي في إطار برامج التنمية الوطنية والإقليمية، وخلال الدورة التاسعة نظمت وكالة الجايكا ” الوكالة اليابانية للتنمية ” مجموعة من الاجتماعات النوعية فى مقدمتها التعاون الأكاديمي والبحثي بين اليابان وأفريقيا ، العدالة المناخية ، والتحول الرقمي فى أفريقيا ، وتطوير إمكانيات صغار المزارعين فى القارة ، وموضوعات اخري حول الثقافة والشباب ودورهم فى التنمية ، فضلاً عن توقيع برتوكول تعاون بين الجايكا والنيباد .
واستحوذ اللقاء الذى جمع رئيس الوزراء المصري ” د. مصطفي مدبولي ” ورئيس وكالة الجايكا ” أكاهيكو تاناكا ” على تغطية إعلامية واسعة ، نظراً لمرور 70 عاماً على التعاون المثمر بين مصر والجايكا، وهو ما عبر عنه رئيس الجايكا من خلال إصدار كُتيب بهذه المناسبة يستعرض صور التعاون بين الجانبين ، والتى اتسعت لتشمل جوانب تنموية متنوعة ( بصفة خاصة : التعليم ، والصحة ) ، فضلاً عن قطاعات النقل والتنمية الحضرية .
كما سبق أن أثني وزير الخارجية المصري د. بدر عبد العاطي ، خلال اللقاء الذى جمعه مع رئيس الجايكا فى أغسطس الماضي ، على دعم الوكالة لمركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ السلام ، وتطرق النقاش حينها إلى أهمية تعزيز أطر التعاون بين الجايكا والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية – الذراع التنموي لجمهورية مصر العربية – من خلال أفكار مبتكرة تُسهم فى تطوير مسيرة التنمية بالدول الأفريقية ، بهدف دعم النمو المستدام فى القارة السمراء التى تعد مركز واعد للإزدهار الاقتصادي فى العالم .