حين وصلتُ إلى قلب محافظة المنوفية، وتحديدًا إلى قرية سبك الأحد، شعرت أنني أمام مشهد استثنائي.، حيث الحقول الهادئة والبيوت البسيطة، كانت الحياة على موعد مع صفحة جديدة، عنوانها “الأمل”. تبدأ بمبادرة “أمل جديد” فهي لم تكن مجرد مشروع للتنمية، بل وعدٌ حقيقي لمئات الأسر بأن الغد يمكن أن يكون أفضل.
المبادرة أُطلقت تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي، وبالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والسفارة الصينية بالقاهرة، وبمشاركة مؤسسات مجتمع مدني كبيرة مثل مؤسسة أبو العينين، مصر الخير، وحياة كريمة. الهدف واضح: تمكين الأسر الأكثر احتياجًا عبر مشروعات صغيرة تضمن دخلاً مستدامًا. في المرحلة الأولى، حصلت مئة أسرة على 10 آلاف كتكوت (50 لكل أسرة) مع الأعلاف، والرعاية البيطرية، والتدريب العملي على تربية الدواجن وإدارتها وفق أساليب حديثة.
شاركت في المبادرة من بدايتها حتي تسليم المشروعات وما لفت نظري أن المبادرة لم تقتصر على توزيع الكتاكيت ، بل امتدت إلى تأهيل حقيقي. الأسر المستفيدة خضعت لبرامج عملية داخل مزارع شركة “نيو هوب” بالتعاون مع خبراء صينيين وفريق مصري متخصص. شاهدتُ النساء والرجال يتعلمون طرق التحصين (الرش، الحقن، التقطير، إعطاء الدواء عبر المياه)، ويسجلون ملاحظاتهم بدقة كأنهم في قاعة محاضرات. كان المشهد أقرب إلى ورشة علمية مفتوحة على أرض الريف.
وسط هذه الأجواء، جاءت اكثر اللحظات تأثيرا حين أعلنت السيدة سمية أبو العينين – نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة أبو العينين – عن شراء منتجات السيدات المستفيدات من المبادرة. كانت مفاجأة غير متوقعة بالنسبة لهن، أشعلت المكان بالتصفيق والزغاريد. لم تكن مجرد لفتة كريمة، بل رسالة قوية مفادها أن ما تنتجه أيديهن له قيمة حقيقية في السوق، وأن هناك من يؤمن بجودة عطائهن.
لن أنسى وجوه النساء اللواتي استلمن مشروعاتهن بأمل كبير. إحداهن قالت لي بابتسامة عريضة: “دي بداية جديدة لأولادي، وهتعلم إزاي أخلي المشروع يكبر معانا”. كانت كلماتها تختصر روح المبادرة: الأمل في أن يصبح الفقر ماضيًا، والاعتماد على النفس مستقبلًا. ومع مبادرة شراء منتجاتهن، صار الأمل فعلًا واقعيًا يتحقق أمام أعينهن.
“أمل جديد” ليست مجرد مبادرة في المنوفية؛ إنها صورة لمصر التي تريد أن تعيد بناء قراها من الداخل، بالعلم والعمل، وبالشراكات الذكية مع العالم. هو تأكيد أن التنمية ليست رفاهية، بل ضرورة تمس حياة كل أسرة وكل طفل. ومن المنوفية خرجت قصة ملهمة تقول إن التغيير يبدأ من أصغر القرى، وإن الأمل حين يتحول إلى مشروع مدروس يمكن أن يصنع مستقبلًا مختلفًا لأسر كانت تنتظر فقط من يفتح أمامها الباب. ومع المفاجأة التي قدمتها سمية أبو العينين بشراء منتجات السيدات، بدا وكأن “أمل جديد” لم يعد مجرد اسم لمبادرة، بل صار واقعًا يطرق أبواب البيوت ليزرع الثقة، ويمنح النساء والأسر طاقة جديدة نحو الاعتماد على الذات