نوهت القناة 12 الإسرائيلية فى تغطيتها لقرارات الحكومة الإئتلافية فى تل أبيب بنية نتنياهو عرض خطة على مجلس الوزراء السياسي الأمني لاحتلال ما تبقي من قطاع غزة بشكل تدريجي، وأن الخطة التى سيعرضها “نتنياهو” على مجلس الوزراء السياسي الأمني ” الكابينت” تقضي باحتلال مدينة غزة بعد إخلاء سكانها مع قيام الولايات المتحدة بفتح مراكز توزيع جديدة للمساعدات، مع رهان الحكومة البنيامينية على أن النجاح في احتلال مدينة غزة سيدفع “حماس” لتسليم “المخطوفين ” لديها.
كما أوضحت التقارير التى أوردتها القناة 12 الإسرائيلية أن الكابينت في اجتماعه المرتقب يعتزم اتخاذ قرار بشأن الخطة المقترحة والتى تشمل شن عملية عسكرية تتراوح مدتها من 4 إلى 5 أشهر بمشاركة نحو 6 فرق ، مع الإشارة إلى معارضة رئيس الأركان الخطة المقترحة ويحذر من مخاطرها على حياة الأسرى وتآكل قدرة الجيش، ولم تغفل القناة 12 التنويه بأن خطة احتلال غزة تهدف لدفع سكان القطاع للتوجه باتجاه الجنوب لتشجيع هجرتهم إلى الخارج. وفى حين تناولت وسائل إعلام محلية توجيه وزير الدفاع ‘ كاتس ‘ رسالة حازمة إلى وزير الأركان تؤكد على أن القيادة السياسية هي من تتخذ القرارت وعلى القيادة العسكرية تنفيذها ، فقد إنتقد “بني غانتس – رئيس حزب المعسكر الوطني ” وزراء الحكومة الائتلافية لمهاجمتهم رئيس الأركان واصفاً ذلك بأنه يمثل استخفافاً خطيراً بالأمن ؛
وفى حين يعكس تقرير صادر عن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي تزايد مؤشرات تحوّل دولي تدريجي نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مدفوعًا بجرائم الحرب في غزة ، فقد أوضح تقرير أصدره المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) هذا الأسبوع أن إعلان فرنسا والمملكة المتحدة وكندا عزمهم الاعتراف بفلسطين كدولة أمر ذو أهمية دبلوماسية، لكنه قد لا يغير واقع الفلسطينيين في المدى القريب، خاصة مع الأزمة الإنسانية بغزة، وموقف الحكومة الإئتلافية فى تل أبيب ؛
وقد إعتبر المجلس الأطلسي (AtlanticCouncil) أن فشل إسرائيل في تقديم رؤية سياسية لليوم التالي للحرب فى غزة، أدى إلى تحولات دولية تسعى لتجاوز الجمود وفرض مسارات بديلة نحو حل الدولتين . كما عكس المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) وجهة نظر مهمة وهى أن اشتراط إصلاح السلطة الفلسطينية كمدخل للاعتراف بالدولة، رغم دعم المجتمع الدولي لها لسنوات، يكشف تناقضًا سياسيًا يُحمّل الفلسطينيين مسؤولية الاحتلال بدلًا من إنهائه أولًا؛
على جانب أخر وعلى خلفية تصريح وزير الدفاع أمس بأنّ الجيش سينفذ قرارات المستوي السياسي بإصرار ومهنية ، تطرقت عدة تقارير إعلامية إلى الانقسامات بين رئيس الحكومة ومسؤولين عسكريين فى تل أبيب، وأكدت مصادر مقربة من «نتنياهو» أنه منح رئيس الأركان «إيال زامير» خيار الاستقالة إذا رفض خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي إلغاء حالة الطوارئ التي بدأت منذ أكتوبر 2023، الأمر الذى يسمح بتسريح آلاف الجنود النظاميين. كما تشير بعض التقديرات الإعلامية إلى عدم قبول جيش الاحتلال الطرح الحكومى بتوغل شامل فى القطاع، حتى لا يتم تقويض قدرات الجيش ؛
فى سياقٍ موازٍ، ركزت وسائل الإعلام فى تل أبيب على إبراز تباين المواقف بين المؤسستين السياسية والعسكرية ودفع عدد من وزراء «اليمين المتطرف» بإتجاه فرض سيطرة كاملة على قطاع غزة، بينما تتحفظ المؤسسة العسكرية على هذا التوجّه بسبب الإرهاق الشديد فى صفوف الجيش، ومخاوف من التورّط فى حرب طويلة ومكلّفة، ويروج جيش الإحتلال لخطة بديلة تقوم على السيطرة على محاور استراتيجية، مثل: غلاف غزة ومحور “فيلادلفيا “، ونشرت يسرائيل هيوم -نقلاً عن مصادر في الجيش الإسرائيلي- أن رئيس الأركان قد يعرض على الحكومة اليوم الخميس مخاطر احتلال كامل لقطاع غزة ، وأنه سيتحدث عن المدة الطويلة التي سيستغرقها احتلال الجيش للقطاع؛
هذا ، وتتضاعف الملاحقات القانونية لجنود جيش الإحتلال فى الخارج، إذ تم رفع نحو 50 شكوى ضد جنود الاحتياط فى الجيش الإسرائيلي بالخارج، وفتح تحقيقات فى 10 دول، وأطلق المدعي الفيدرالي فى بلجيكا تحقيقًا رسميًا فى اتهامات بارتكاب جنود إسرائيليين جرائم حرب، بالتوازى مع اتساع دائرة الاتهامات الموجهة لحكومة وجيش الاحتلال باستخدام التجويع كسلاح فى غزة، ما يعرّضهما لمساءلات دولية محتملة
كما وصفت الأمم المتحدة خطط إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية فى غزة بأنها “مقلقة للغاية”، محذّرة من عواقب كارثية تهدد حياة المدنيين والرهائن، وطالبت دول عدة، منها الصين وبريطانيا، بوقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية دون قيود، وأكدت بريطانيا استعدادها للمساعدة فى وضع خطة تُنهي النزاع وتؤسس لدولة فلسطينية مستقلة.
محمد محمود عبد الوهاب