تشهد الساحة التعليمية في الولايات المتحدة مواجهة غير مسبوقة بين دعاة “الاستقلال الأكاديمي” ومنظّري التيار المحافظ، وعلى رأسهم كريستوفر روفو، الذي يُلقب بـ”عدو هارفارد”. بعد أن لعب دورًا بارزًا في الإطاحة برئيسة جامعة هارفارد، ها هو اليوم يسعى لتوسيع معركته نحو جميع مؤسسات التعليم العالي، مستغلًا النفوذ السياسي والدعم الفيدرالي.
في خطته الأخيرة، يحاول روفو فرض شروط صارمة على أي جامعة تتلقى تمويلاً من الحكومة الفيدرالية. هذه الشروط تتضمن إلغاء برامج التنوع، الحد من حرية الاحتجاج الطلابي، وتعزيز التوظيف الإيديولوجي للأكاديميين المحافظين. بحسب محللين، فإن هذه المقترحات تسعى لتغيير بنية الثقافة الجامعية من جذورها، بما ينسجم مع خطاب اليمين الأمريكي.
جامعات مثل كولومبيا قبلت بهذه الشروط ضمن اتفاق مالي ضخم، بينما ترفض هارفارد الخضوع وتواجه روفو قضائيًا. ومع تأييد وزيرة التعليم ليندا ماكماهون لخطة روفو ووصفها بأنها “استعادة للصرامة”، فإننا أمام تحول جذري في فلسفة التعليم قد يعيد رسم حدود الاستقلال الأكاديمي في الولايات المتحدة.
الجدل الحالي يعكس صراعًا أعمق بين رؤيتين للتعليم: واحدة تعتبره فضاء حرًا للتعدد والانفتاح، وأخرى ترى فيه أداة لإعادة إنتاج القيم المحافظة والانضباط الاجتماعي. وإذا ما استمرت هذه السياسات في التوسع، فقد نكون على أعتاب عصر جديد للجامعات الأمريكية… لكن ليس بالضرورة أفضل.