في زمنٍ تتراجع فيه القيم الثقافية أمام صعوبات الحياة وظروف العالم الاقتصادية، والأزمات السياسية، يأتي المتحف المصري الكبير كواحد من آخر الحصون التي تحرس ذاكرة الإنسانية.
من خلال عيون وأصوات شبابٍ قرروا أن يكونوا جسرًا بين الماضي العريق والمستقبل الواعد، شباب من جامعات ألمانية ومصرية لم يأتوا للترويج، بل جاءوا ليسألوا: كيف يمكن أن نعيد تعريف المتحف في وجدان العالم؟ وكيف نصوغ علاقة جديدة بين الإنسان وتاريخه؟
لم يعد المتحف مجرد معرض للآثار، بل مؤسسة حية تعيد تشكيل الإدراك حول معنى الحضارة. ليتحول المتحف المصري الكبير من صرح معماري ضخم إلى فضاء إنساني يشجع على التأمل والتساؤل.
ما يقدمه الشباب من خلال ورش Connects 2025، ليس عرضًا تقنيًا للقطع الأثرية، بل محاولة لفهم ما تعنيه هذه القطع في سياق الهوية، والانتماء، والتاريخ المشترك بين البشر.
فعالية Connects 2025 لم تكن احتفالية تقليدية، بل مختبرًا مفتوحًا لأفكار الشباب من 600 طالب من جامعات مصر وألمانيا.
انصهرت تخصصاتهم في التصميم، والموسيقى، والذكاء الاصطناعي في مشروع واحد: إعادة تقديم المتحف للعالم، بأسلوب يعكس روح الجيل الجديد.
جاءت فكرة تقديم نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير في قلب برلين كمبادرة فكرية وثقافية رائدة أطلقتها الجامعة الألمانية بالقاهرة، لتعكس رؤية مؤسسية عميقة لدور الجامعات في خدمة الهوية الثقافية والانفتاح على العالم.
وقد لعب الأستاذ الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة، دورًا محوريًا في تحويل هذه الفكرة إلى واقع حي، من خلال التنسيق مع إدارة المتحف المصري الكبير، وإشراك طلاب الجامعات المصرية والألمانية في إعداد وتقديم محتوى المعرض.
افتتحت الفعالية رسميًا اديميربيكن-فيغنر، عمدة منطقة راينيكندورف ببرلين، وأشادت في كلمتها بالدور الريادي الذي تلعبه الجامعة الألمانية في تعزيز الحوار الثقافي.
وقالت إن استضافة هذا الحدث يؤكد مكانة برلين كمركز دولي للثقافة والتلاقي الحضاري.
كما تحدث الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة، مؤكدًا أن هذا النموذج ليس مجرد فعالية ثقافية، بل منصة للتبادل الحضاري والانفتاح بين الشباب المصري والأوروبي.
وشدد الدكتور أحمد غنيم، المدير التنفيذي للمتحف، على أهمية تقديم التراث المصري بلغة معاصرة تحاكي روح العصر.
ومع صوت السوبرانو المصرية وهي تصدح بأنشودة إيزيس توافد الضيوف علي المعرض الذي شهد إقبالاً لافتًا من الجمهور الألماني والدولي، رغم الطقس الصعب والأمطار إلا أن الطوابير كانت ممتدة لدخول المعرض حيث توافد الزوار من مختلف الأعمار للاطلاع على التجربة الفريدة التي قدمها الطلاب بأنفسهم، وتفاعلوا مع العروض التفاعلية وورش العمل، مما أضفى على الحدث طابعًا إنسانيًا وثقافيًا شاملًا.
على مدار عقود، رُويت قصة الحضارة المصرية من خارج مصر. واليوم، يُعاد تقديم هذه الرواية بأصوات شباب مصريين وألمان، يعملون معًا لتقديم رؤية جديدة للمتحف كمنصة معرفية حيّة. إنه مشروع ثقافي عالمي، ليس فقط لحجمه، بل لرسالته الإنسانية.
أهم ما تكشفه هذه التجربة هو أن من يحملون مفاتيح المستقبل، هم القادرون أيضًا على فتح أبواب الماضي.
شباب الجامعات الذين وقفوا أمام تمثال رمسيس الثاني أو قناع توت عنخ آمون، جاؤوا لا ليُشاهدوا فقط، بل ليعيدوا طرح سؤال: ماذا يعني أن نكون بشرًا في حضارة تمتد لآلاف السنين؟
المتحف المصري الكبير لا يُروى فقط عبر الجدران والنقوش، بل من خلال أرواح هؤلاء الشباب، الذين أحيوا الحكاية، وأعادوا للمتحف روحه، وللحضارة صداها العالمي..
شعور بالفخر وأنا استمع لأحاديث الضيوف عن مصر التي شهدت أول معاهده سلام منذ آلاف الأعوام وسبقت العالم في اختراع الأدوية وأدوات التجميل والساندوتشات بل توصلت إلى تركيب الأطراف الصناعية.
خرجت من المتحف وأنا اردد عظيمة يابلدي