في خطوة غير مسبوقة تعكس متانة العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر وألمانيا، افتتحت الجامعة الألمانية ببرلين نموذجًا مصغرًا من المتحف المصري الكبير، وذلك برعاية الأستاذ الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة، الذي يقود جهودًا مستمرة لدعم الدور الثقافي والتنموي للجامعات المصرية على الساحة الدولية.
شهد حفل الافتتاح حضور أكثر من 150 شخصية بارزة من السياسيين والدبلوماسيين والأكاديميين، إلى جانب 600 طالب من مختلف الجامعات المصرية، وممثلي السفارة المصرية في ألمانيا، ووفد إعلامي مصري رفيع المستوى. جاء هذا النموذج كجزء من فعالية ثقافية موسّعة نظمتها الجامعة الألمانية الدولية ببرلين (GIU Berlin)، بالتعاون مع الجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC)، وجامعة GIU بالعاصمة الإدارية، وهيئة المتحف المصري الكبير، بهدف تعزيز الهوية الحضارية المصرية في المحافل الأوروبية.
وأكد الدكتور أشرف منصور في كلمته خلال الافتتاح، أن هذا الحدث الثقافي الكبير يمثل رسالة حضارية من مصر إلى العالم، وقال:
“جئت من حضارة لا تزال تذهل العالم، حضارة منحت البشرية أول معاهدة سلام، وأسّست مفاهيم العلم والمعنى، حضارة لم تعرف الكراهية ولا الحروب من أجل الفتح، بل انطلقت من قيم إنسانية نبيلة شكلت الأساس لكل ما تبعها من حضارات.”
وأشار إلى أن استضافة المعرض في فرع الجامعة الألمانية ببرلين يعكس رؤية مؤسسية تسعى لربط المعرفة بالهوية الثقافية، من خلال فعاليات “Connects 2025”، التي تُعقد بالتزامن مع المعرض، وتركز على إعداد جيل شاب قادر على مواكبة تحولات سوق العمل العالمي عبر التدريب على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتصميم، والتكنولوجيا الحديثة.
من جانبه، وجّه السفير المصري لدى برلين، الدكتور محمد البدري، دعوة مفتوحة للجمهور الألماني لزيارة مصر، مشيدًا بالدور الذي تقوم به الجامعة الألمانية بفروعها الثلاثة في القاهرة وبرلين والعاصمة الإدارية في تعزيز التبادل الثقافي والعلمي، ومؤكدًا أن هذا النموذج يُعد تجسيدًا حقيقيًا لقوة مصر الناعمة.
كما أكد الدكتور أحمد غنيم، المدير التنفيذي للمتحف المصري الكبير، أن المتحف الذي يُعد الأكبر عالميًا في تخصصه، سيفتتح رسميًا خلال العام الجاري، ويقع على بُعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، مشيرًا إلى أن تكلفته تجاوزت 1.4 مليار دولار، ويمتد على مساحة 500 ألف متر مربع.
ويضم المتحف 12 قاعة رئيسية و19 معملًا لترميم وصيانة وتوثيق الآثار بالتعاون مع مؤسسات دولية مرموقة، فضلًا عن قاعة الملك توت عنخ آمون التي تُعرض فيها ولأول مرة أكثر من 5000 قطعة من مقتنيات الفرعون الذهبي. ووصف غنيم المتحف بأنه “هدية مصر للعالم” ورسالة سلام حضارية.
وأعربت عمدة منطقة راينيكندورف بالعاصمة الألمانية برلين، السيدة أمينة ديميربيكن-فيغنر، عن سعادتها باستضافة المعرض وفعاليات “Connects”، مشيدة بدور الدكتور أشرف منصور في تأسيس منصة تجمع بين الثقافة والعلم، وبمساهمات الجامعة الألمانية بالقاهرة في تعزيز مكانة المنطقة كمركز دولي للتبادل الفكري والمواهب الشابة.
وإلى جانب المعرض، أُطلقت رسميًا فعاليات “Connect Event 2025”، وهي سلسلة من الأنشطة الثقافية والتعليمية التي تهدف إلى ربط الحضارة المصرية العريقة بالجمهور الأوروبي، وتعزيز الفهم المشترك بين الثقافات.
وتشمل الفعاليات ورش عمل تفاعلية في مجالات الذكاء الاصطناعي، العمارة، التصميم، الفنون، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى عروض موسيقية وفنية، ومشروعات طلابية تركز على استلهام التراث المصري وتقديمه بأساليب معاصرة.
ويُعد هذا النموذج المصغر أداة فعالة لدعم السياحة التعليمية والترويج للحضارة المصرية في سياق أكاديمي منظم، بما يعزز من مكانة مصر كوجهة معرفية وثقافية متميزة.
وقد أكد عدد من ممثلي السفارة المصرية أن هذه المبادرة تمثل نموذجًا ناجحًا لتوظيف الثقافة والتراث في بناء علاقات دولية مستدامة، وتشكيل صورة ذهنية إيجابية لمصر أمام العالم.
وفي ختام الفعالية، عبّر الحضور عن تقديرهم العميق لهذا المشروع الرائد، الذي يجمع بين الأصالة والابتكار، ويضع الثقافة المصرية في صدارة المشهد الثقافي الأوروبي، من خلال حوار مفتوح تناول فرص التعاون المستقبلي بين الجامعات المصرية والألمانية، ومجالات تبادل الخبرات وتنفيذ البرامج الأكاديمية والثقافية المشتركة.