في احتفالية ثقافية متميزة نظمتها الجامعة الألمانية بفرعها في برلين، افتُتح معرض المتحف المصري الكبير بحضور دبلوماسي وأكاديمي رفيع المستوى، شهد مشاركة نخبة من الشخصيات البارزة من بينها الدكتور محمد البدري، سفير مصر لدى ألمانيا، الذي ألقى كلمة مؤثرة استعرض خلالها العمق التاريخي والإنساني للحضارة المصرية، ودعا الألمان إلى زيارة مصر ومشاهدة معالمها الأثرية والسياحية الفريدة.
شارك في افتتاح المعرض كل من الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC) والجامعة الألمانية الدولية (GIU) بالعاصمة الإدارية الجديدة، والدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير، والسفير خالد جلال، المستشار ورئيس مكتب غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية، والدكتور سامح سرور، المستشار الثقافي لجمهورية مصر العربية في ألمانيا.
بالإضافة إلى نحو 150 شخصية سياسية وأكاديمية ودبلوماسية، من بينهم ممثلو هيئة التبادل العلمي الألمانية، وأعضاء برلمان، ودبلوماسيون من جنسيات متعددة، وممثلون عن مقاطعات برلين المختلفة.
السفير البدري: “كل شيء بدأ من مصر”
في بداية كلمته التي لاقت تفاعلًا كبيرًا من الحضور، قال السفير البدري: “أقف أمامكم اليوم وفي قلبي مزيج من الفخر والشجن، فقدت والدتي قبل اثني عشر يومًا، وهي التي غرست في نفسي حب مصر عندما أخذتني لأول مرة إلى الأهرامات وأنا في الخامسة من عمري. واليوم أتحدث عن السياحة في مصر، وعن حضارة هي جوهر كل ما هو عظيم.”
وأبرز السفير الدور الريادي للحضارة المصرية في شتى المجالات قائلًا: “كل حاجة ابتدت في مصر. اخترعنا المكياج ومعجون الأسنان، وكان للمرأة مكانة مميزة، فحتشبسوت لم تكن فقط ملكة، بل أرست قواعد التعاملات الاقتصادية، ويمكن اعتبارها أول من وضع أصول الرأسمالية.”
من أحمس إلى سينيواي: رموز عبقرية خالدة
وأشار إلى شخصية الملك أحمس الذي حرر مصر من الهكسوس وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، مؤكدًا أن مصر القديمة لم تقدم فقط ملوكًا عظماء، بل ساهمت في إرساء قواعد العلوم، “فأول كتاب طبي كتب في مصر، وأول جراح للمخ في التاريخ كان اسمه سينيواي قبل ٥ آلاف سنة.”
وأضاف: “لدينا إرث علمي وفلسفي هائل، فابن مينا تاتي كان عالم فلك وفيلسوفًا وطبيبًا. وأقمنا حضارة قامت على العدالة، كما تعكسه مفاهيم مثل الإلهة ماعت، رمز الحق والحكم العادل.”
مصر في الكتب المقدسة
وأكد السفير البدري على أهمية الإرث المسيحي في مصر، لافتًا إلى أنها ذُكرت في العهد القديم 735 مرة، وفي العهد الجديد 500 مرة، وأنها احتضنت حضارات رومانية وإغريقية لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.
وفي لمسة رمزية ختامية، قال البدري إن مقولة هيرودوت “مصر هبة النيل” لا تكتمل دون التأكيد على أن “الحضارة هي هبة الناس”، داعيًا الحضور لزيارة مصر بقوله: “تعالوا مصر، سوف ننتظركم هناك”، وختم كلمته بعبارة باللغة الهيروغليفية في دلالة عميقة على أصالة مصر وخلودها.
دور الجامعة الألمانية في تعزيز الروابط الثقافية
من جانبه، أشاد السفير بالدور القيادي للدكتور أشرف منصور، واصفًا إياه بـ”الرجل الملهم والعظيم”، مثمنًا جهود الجامعة الألمانية بالقاهرة وفرعها ببرلين في تعزيز التبادل الثقافي والعلمي بين مصر وألمانيا، ودعم المشاريع الوطنية التي تبرز قيمة الحضارة المصرية عالميًا.
وتُعد استضافة الجامعة الألمانية لمعرض المتحف المصري الكبير جزءًا من فعاليات “Connects Workshops 2025” في نسختها الثالثة، والتي تهدف إلى ربط الشباب الأوروبي بالحضارة المصرية، وبناء جسور من الفهم المشترك والتعاون الأكاديمي.
إقبال واسع من الجمهور الألماني والدولي
شهد المعرض، الذي يستمر حتى 31 يوليو الجاري، إقبالًا كبيرًا من الزوار الألمان والدوليين، في دلالة واضحة على الشغف العالمي بالحضارة المصرية القديمة. ويُفتح المعرض مجانًا للجمهور لمدة عشرة أيام في حرم الجامعة الألمانية ببرلين، ليُشكل محطة مميزة للتعريف بكنوز المتحف المصري الكبير المنتظر افتتاحه في القاهرة.