أكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير، أن المتحف لا يُعد مجرد صرح أثري، بل يمثل منارة حضارية عالمية تجمع بين التراث والمعرفة والبحث العلمي والتعليم المتخصص، مشددًا على أن ما يحتويه من كنوز فريدة يجعله “دُرّة متاحف العالم” بلا منافس.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المعرض الخاص بالمتحف المصري الكبير، الذي تستضيفه الجامعة الألمانية في برلين، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من سلسلة “Connect Workshops”، بحضور الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة والعاصمة الإدارية وفرع برلين، والسفير محمد البدري، سفير مصر لدى ألمانيا، إلى جانب نخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين والإعلاميين من مصر وألمانيا.
وأوضح غنيم أن المتحف المصري الكبير يُعد الأكبر عالميًا المخصص لحضارة واحدة، وهي الحضارة المصرية القديمة، مشيرًا إلى أن فكرة إنشائه تعود إلى عام 1992 بمبادرة من وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، وأن موقعه الفريد على بُعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة أكسبه لقب “الهرم الرابع”.
وأضاف أن الافتتاح المرتقب للمتحف خلال العام الجاري سيكون لحظة تاريخية، حيث بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع أكثر من 1.04 مليار دولار، ويقام على مساحة 500 ألف متر مربع، أي ما يعادل خمسة أضعاف مساحة المتحف البريطاني، وضعفي مساحة متحف اللوفر، وأكبر من “ديزني لاند”، مما يعكس ضخامته وأهميته الدولية.
ويتضمن المتحف 12 قاعة عرض رئيسية، يتقدمها “الدرج العظيم” الذي يضم 59 قطعة أثرية ضخمة تروي محطات رئيسية من الحضارة المصرية، تنتهي بإطلالة بانورامية مبهرة على الأهرامات. كما تضم قاعة الملك توت عنخ آمون أكثر من 5,000 قطعة تُعرض لأول مرة، منها مقصوراته ومركباته الملكية وأجنة بناته.
وأشار غنيم إلى أن تصميم المتحف مستوحى من العمارة المصرية القديمة باستخدام خامات محلية، ويعتمد على أحدث تقنيات العرض التفاعلي، بما يجعله نموذجًا عالميًا في تجربة الزائر المتحفية.
وفي الجانب العلمي، أوضح أن المتحف يحتوي على 10 معامل متخصصة في الترميم، و9 معامل بحثية متقدمة لتحليل الحمض النووي والأبحاث الدقيقة، بالتعاون مع مؤسسات علمية من اليابان وفرنسا. كما يضم مكتبة متخصصة، ومتحفًا للأطفال، ومركزًا للفنون والحرف التقليدية، وقاعة تكنولوجية، إلى جانب بنية تحتية تراعي بالكامل متطلبات ذوي الهمم.
وقال غنيم: “المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم. لا يقتصر دوره على عرض الآثار، بل يُجسد رسالة إنسانية تدعو للسلام والحوار بين الشعوب، ويعكس العمق الحضاري لمصر، ومكانتها كجسر بين الماضي والمستقبل.”
وأشار إلى أن تنظيم المعرض بالتعاون مع الجامعة الألمانية يُعد جزءًا من خطة الترويج العالمية للمتحف، ويعكس أهمية التعاون بين المؤسسات الثقافية والتعليمية في إيصال رسالة مصر الحضارية إلى العالم.
وقد شهد حفل الافتتاح حضور أكثر من 150 شخصية بارزة، من بينهم دبلوماسيون، نواب برلمان، شخصيات سياسية وأكاديمية من مختلف المقاطعات الألمانية، إضافة إلى ممثلي هيئة التبادل العلمي الألمانية (DAAD).
ويأتي المعرض في إطار جهود الجامعة الألمانية لتعزيز الحضور الثقافي المصري في أوروبا، وتوسيع جسور التواصل الحضاري، من خلال الجمع بين الشباب والرموز الأكاديمية والدبلوماسية، في تجربة دولية ملهمة تحتفي بالإرث المصري وتُرسخ مفاهيم التفاهم العالمي.