ساهم فريق بحثي من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في دراسة دولية رائدة نُشرت في مجلة Nature Medicine، كشفت لأول مرة عن تأثير العوامل البيئية والاجتماعية والسياسية على تسارع الشيخوخة، خاصة شيخوخة الدماغ، وربطت بين التلوث، وعدم المساواة، وضعف المؤسسات الديمقراطية، وارتفاع ما يُعرف بـ”الفجوة العمرية البيولوجية السلوكية” (BBAGs)، وهي مؤشر علمي جديد يُقيس مدى التقدم في السن بما يتجاوز العمر الزمني.
قاد المشاركة من الجامعة كل من الدكتور محمد سلامة، أستاذ معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية وزميل المعهد العالمي للصحة الدماغية (GBHI)، والدكتورة سارة مصطفى، باحثة ما بعد الدكتوراه في مجموعة أبحاث الشيخوخة بالجامعة.
حللت الدراسة بيانات نحو 161,981 شخصًا من 40 دولة حول العالم، واستخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي والنمذجة الوبائية لفهم كيفية تأثير “بيئة الإنسان” — بما في ذلك جودة الهواء، عدم الاستقرار السياسي، والتمييز الاجتماعي — على صحة الدماغ ومعدلات تدهوره.
واكدت الدراسة ان العوامل البيئية والاجتماعية مثل التلوث الهوائي، ضعف المؤسسات السياسية، عدم المساواة الاقتصادية، والهجرة القسرية، مرتبطة بشكل مباشر بتسارع شيخوخة الدماغ، بجانب ان الأشخاص الذين يعانون من فجوات عمرية بيولوجية أكبر، يُواجهون مستقبلًا خطرًا أعلى لانخفاض قدراتهم الإدراكية والوظيفية.
وتوصلت الدراسة الي ان بيئة الفرد الاجتماعية والسياسية لها بصمة بيولوجية قابلة للقياس وتؤثر بشكل واضح على معدلات التدهور المعرفي بمرور الوقت.
وأكد الدكتور محمد سلامة أن إشراك الدول من أفريقيا والشرق الأوسط لم يعد ترفًا علميًا بل ضرورة لفهم التحديات المرتبطة بصحة الدماغ عالميًا، مشيرًا إلى أن فريق الجامعة نجح في المساهمة الفعّالة في هذا الجهد البحثي الذي يعكس أهمية العمل متعدد الجنسيات لفهم قضايا الشيخوخة.
من جهته، قال أوجستين إيبانز، المؤلف الرئيسي للدراسة “عمرنا البيولوجي يعكس العالم الذي نعيش فيه. التلوث، وعدم المساواة، وضعف الديمقراطيات لا تُؤثر فقط على المجتمعات، بل على أدمغتنا أيضًا.”
وأبرزت الدراسة أن الشيخوخة الصحية لا يمكن فهمها أو معالجتها من منظور فردي فقط. فالعوامل المادية والاجتماعية والسياسية تُشكّل مسارات الشيخوخة بطرق غير مرئية ولكن عميقة. وتشير النتائج إلى أن استراتيجيات الصحة العامة ينبغي أن تتوسع لتشمل إصلاح السياسات البيئية والاجتماعية، وليس فقط الاكتفاء بالتوصيات التقليدية المتعلقة بنمط الحياة.
وأضافت ساندرا بيز، المشاركة في إعداد الدراسة: “الشيخوخة المتسارعة لا تتعلق فقط بالعادات الشخصية، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالبيئة التي يعيش فيها الإنسان، سياسيًا واجتماعيًا وماديًا.”
ودعا الباحثون في نهاية الدراسة إلى تحرك سياسي وصحي عاجل، لمعالجة الأسباب البنيوية لتدهور صحة الدماغ، بدءًا من تحسين جودة الهواء وحتى دعم الحكم الديمقراطي في مختلف أنحاء العالم، باعتبار أن ذلك لم يعد مجرد قضية مناخ أو حوكمة، بل قضية صحة عامة تتطلب تدخلًا فوريًا.
لقراءة الدراسة الكاملة:
https://doi.org/10.1038/s41591-025-03808-2