تُعد الزيارة الجديدة لنتنياهو إلى واشنطن الثالثة فى أقل من 6 شهور وعقب مواجهاته العسكرية مع إيران سيسعى إلى التركيز بشكل أكبر على الجبهة الجنوبية ومحاولة استمالة ترامب إلى صفه – نسبياً حتي يا يتعرض لضغوط تؤثر على تماسك الإئتلاف الحكومى، فالمنهج البنياميني المتوقع فى التعاطي مع ضغوط ترامب المحتملة فى ملفات إيران وغزة هو الحفاظ على المكاسب العسكرية وعدم تقديم تنازلات سياسية ، ونشرت ‘ الجارديان ‘ تقريراً لأندرو روث يحمل عنوان ” نتنياهو يعود للبيت الأبيض حاملاً كل أوراق محادثات غزة ” ، ووفقاً لكاتب التقرير فان استضافة ترامب لـنتنياهو فى واشنطن ، تأتي فى وقتٍ يسعى فيه الرئيس الأمريكي مجدداً للتوسُّط فى اتفاق سلامٍ في غزة ، وبالتزامن مع حالة النشوة التى يعيشها نتنياهو بمكاسب الحملةٍ العسكرية المشتركة ضدَّ إيران وسلسلةٍ من الضربات الناجحة ضدَّ ما وصفه التقرير ” وكلاء إيران في الشرق الأوسط”، ومن أهم آراء خبراء شؤون الشرق الأوسط أن «نتنياهو» يصِل إلى واشنطن في موقفٍ سياسي قوي، الأمر الذى يوفر له غطاء دبلوماسي يحتاجه لإنهاء حرب غزة، دون التعرُّض لضغوطٍ من اليمينيين قد تُؤدِّي لانهيار حكومته.
ولعل الأمر اللافت للانتباه السؤال الرئيسي الذى طرحه التقرير حول مدى استدامة صبْر ترامب على نتنياهو ، إذا شعر بالإحباط أحيانًا من بطء وتيرة المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار فى غزة، وأنه علي الرغم من ترويج ترامب لنفسه كصانع صفقات، فإن توقيت وكيفية تنفيذ وقف إطلاق النار فى غزة يبدو فى النهاية خارج نطاق سيطرته ، استناداً إلى عدة أسباب لعل أهمها طبيعة الإئتلاف الحكومي فى إسرائيل، فيلاحظ أن رئيس حزب ” عوتسما يهوديت ” يحث كل من ” بن غفير ” و” سموتريتش ” على معارضة أى إتفاق محتمل بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار وتبادل أسري . كما اعتبرت صحيفة ” إسرائيل هايوم ” أن الرد الذى قدمته حماس تضمن بعض التحفظات ولكنها لا تُفرغ المقترح من مضمونه عملياً ،وأن حماس مضطرة لإبداء مرونة أكبر نتيجة الضغط العسكري وفقدانها السيطرة على السكان .
هذا ، وتشهد الفترة الحالية تنامى الأصوات داخل دولة الاحتلال التى تطالب بتوقيع اتفاق شامل بدلاً من صفقة جزئية ، وبالطبع ذلك التصاعد لا يعني أن المتطرفين فى الحكومة الائتلافية ‘ وزير المالية سموتريتش، وبن غفير وزير الأمن القومي ‘ يروق لهم التسويات السياسية ، فالاستيطان بالنسبة لهم عقيدة، وحكومة اليمين المتطرف ممارساتها السلبية لا توحي بأنها على استعداد للالتزام بإنهاء الحرب وتفكيرها يرتكز بالأساس على إعادة هندسة المنطقة وكذلك الاستعدادات للاستحقاق الانتخابي المقبل فى 2026 , وكتبت ” آنا بارسكى ‘ مقالاً لصحيفة ‘معاريف ‘ تشير من خلاله إلى أن حزب الليكود سيخوض الحملة الانتخابية المقبلة بقيادتين : رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة ترامب ، وهو ما يوحي بأن بارسكي لا يروق لها تصريحات ترامب الأسبوع الماضي حول محاكمة نتنياهو وما يفهم منها من دعم مباشر ، وأغفلت أنه ربما يكون نتنياهو وحكومته الحالية عبء على خطط ترامب لتوازنات المنطقة، بالنظر إلى الممارسات السلبية لحكومة نتنياهو والتى تؤثر على علاقاتها مع دول ترتبط معها بعلاقات سلام وتطبيع . وقد دفعت زيارة نتنياهو إلى واشنطن المحكمة المركزية فى القدس لإلغاء جلسات الإدلاء بشهادة رئيس الوزراء نتنياهو فى محاكمته الجنائية ، والتى كانت مقررة هذا الأسبوع .
لا ينبغي أن يفاجىء تدخل ترامب فى محاكمة نتنياهو أحداً ، هكذا كان عنوان المقال الذى كتبه ‘ ناحوم برنياع ‘ لصحيفة يديعوت أحرونوت والذى يشير فيه إلى سابق تدخل الإدارات الأمريكية فى السياسة الإسرائيلية منذ قيام الدولة ، منوهاً بأن البيت الأبيض قد حرص فى عهد الرئيس كلينتون على إقناع أعضاء كتلة شاس بدعم إسحق رابين . كما ذهب كاتب المقال إلى حد توجيه انتقادات حادة للرئيس ترامب لتدخلاته فى عمل القضاء ، وأن منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي حول محاكمة نتنياهو لها تداعيات سلبية على استقلال القضاء فى تل أبيب .