حذر الدكتور ميسرة عبد الله، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة ونائب رئيس هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية السابق من الدعوات التي تطالب بإعادة المومياوات إلى مواقع اكتشافها، لما قد يمثله ذلك من خطر داهم على سلامتها. موضحًا أن المومياوات تحتاج إلى ظروف حفظ دقيقة وتقنيات تكنولوجية عالية الجودة داخل المتاحف، تحميها من التلوث والتلف والاندثار.وأشار إلى أن عودة القطع الأثرية إلى أماكنها الأصلية هو أمر جدلي، ويكتسب قيمته حين يُعيد للأثر سياقه الأصلي الذي وضعه فيه المصري القديم. جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت تحت عنوان “مصر.. متحف مفتوح”، حيث نظم صالون نفرتيتي الثقافي فعالية جديدة وذلك بمركز إبداع قصر الأمير طاز، برعاية وزارة الثقافة ممثلة في صندوق التنمية الثقافية
و استضافت الفعالية الدكتور ميسرة عبد الله، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة ونائب رئيس هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية السابق، في لقاء امتد لأكثر من ثلاث ساعات، وسط حضور لافت وتفاعل كبير من الجمهور، الذي شارك بأسئلته ومداخلاته طوال الجلسة.
أكد الدكتور ميسرة على أن أرض مصر تزخر بكنوز لا تُحصى من المواقع الأثرية والتراث الحضاري الذي يحكي فصولًا متعددة من تاريخ الإنسانية. مشددًا على أهمية إدراك الفرق بين المتاحف التقليدية، التي تحتضن الآثار المنقولة داخل قاعات مغلقة، وبين “المتاحف المفتوحة” التي تعيش فيها الآثار في بيئتها الأصلية، محتفظة بجمالها وسياقها التاريخي والروحي، مثل مدينة القصير، ورشيد، وهضبة سقارة، ومعابد الكرنك، والمنطقة الغربية في الأقصر، فضلًا عن شوارع القاهرة التاريخية مثل المعز لدين الله الفاطمي، وشارع الأشراف، وصليبة، وغيرها.
كما شدد الدكتور ميسرة على أهمية حماية ما سماه بـ “المتاحف المفتوحة” المنتشرة في ربوع مصر، إلى جانب المحميات الطبيعية خاصة في سيناء، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التراث الوطني والإنساني.
وحذر من اتساع فجوة الاغتراب التي يشعر بها المصريون تجاه حضارتهم القديمة، نتيجة قرون من الترويج لفكرة أنهم ليسوا أبناء هذه الحضارة العظيمة. داعيًا إلى ضرورة ترسيخ الشعور بالانتماء منذ الصغر، من خلال تدريس الحضارة المصرية في المدارس، واقترح تعيين أثريين متخصصين داخل المدارس يكون لهم دور تربوي وتثقيفي في تعليم الأطفال تاريخ بلدهم. كما أكد على أهمية الرحلات المدرسية المنتظمة إلى المواقع الأثرية لبناء تراكم معرفي وتكوين ذاكرة جمعية تفتخر بالتراث المصري.
ولم يغفل عبد الله الإشارة إلى الدور الجوهري الذي يمكن أن يلعبه الأهالي القاطنون حول المواقع الأثرية، مشددًا على أهمية إدماجهم في جهود الحماية والتنمية. داعيًا إلى تبني سياسات تحفز المجتمع المحلي على الانخراط في حماية الآثار باعتبارها موردًا اقتصاديًا قانونيًا، بدلًا من الوقوع في فخ التهريب أو التخريب. واقترح مجموعة من الوسائل لتحقيق هذا الهدف، منها إطلاق ورش تدريب على الحرف التراثية، وتنظيم فعاليات ثقافية وترفيهية، وحلقات نقاشية، ما يسهم في خلق فرص عمل مرتبطة بالتراث، ويحول الآثار إلى مورد تنموي مستدام.
جدير بالذكر أن صالون نفرتيتي الثقافي انطلق منذ ثلاث سنوات كمبادرة ثقافية قامت بها مجموعة من الصحفيات المصريات ليلعب دور كمنصة للحوار الثقافي الحر. ويقوم بالإشراف عليه كل من الصحفيات كاميليا عتريس ، مشيرة موسى ، أماني عبد الحميد ، والإذاعية وفاء عبد الحميد من أجل تعزيز قيم الانتماء والوعي الحضاري ورد الاعتبار للهوية المصرية وتراثها الإنساني العظيم.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%A1