هناك نكتة نتندر بها و تتداولها الصفحات الإلكترونية على سبيل الهزار فى موسم ظهور النتائج وهو مدرسة النجاح لم ينجح أحد .. لكن الواقع عندنا لايكذب ولا يتجمل فقد قرأنا الخبر الحقيقى هذه الأيام مع ظهور نتائج الإعدادى والخبر يقول مدرسة عزبة حميدة الإعدادية، التابعة لمركز الواسطى ببنى سويف ، لم ينجح بها سوى طالبة واحدة فقط من بين جميع الطالبات!! اى حالة رسوب جماعى للمدرسة!! نعم أعني للمدرسة وليس للطالبات
مدرسة أمضت بها الطالبات ثلاث سنوات فى مرحلة الاعدادية قبل الوصول لهذه النتيجة كيف كانت وكيف وصلوا للسنة الثالثة بهذا المستوى ؟ السؤال الثانى هل غياب الطالبات كان طوال العام الدراسى أم غابوا عن الامتحانات فقط ؟ ومدرسوا المدرسة أين كانوا وماذا كانوا يفعلون طوال اليوم الدراسى أمغابواايضاً؟ وإدارة المدرسة من المدير أو المديرة والوكلاء والمشرفين هل كانت مفاجاة لهم غياب الطالبات أم الطرمخة وغض الطرف عنهم كان السائد بينهم؟ وماذا عن لإدارة التعليمية ومديرة المديرية هل مدرسة عزبة حميدة سقطت من خريطة أشرافهم ولم يسمعوا بها من قبل ؟
أين التفتيش المدرسي هل كان يعرف طريق هذه المدرسة ؟ من الواضح طبعا لا، أم كانوا يذهبون اليها وكل مرة يصدروا لهم البنت الوحيدة االتى كانت تذهب للمدرسة؟ هل الطالبات غابوا عن المدرسة فى كل الصفوف أم فى الصف الثالث فقط ؟ هل كانت النتيجة مفاجئة للادارة والمديرية والمحافظ وللوزارة كلها ؟
اسئلة كثيرة ثارت فى ذهنى وحاولت اجد لها إجابة فقلت أسال يمكن حد يجاوبنى .. بدأت بالمسئولين فوجدت السيدة أمل الهواري، وكيل وزارة التربية والتعليم ببني سويف، في تصريح لـ “صدى البلد جامعات” ،تقول أن ما حدث يعكس واقعًا تعليميًا متراكمًا داخل المدرسة، وأن النسبة المرتفعة في الرسوب تعود في المقام الأول إلى غياب عدد كبير من الطالبات عن الدراسة طوال العام الدراسي، وهي ظاهرة متكررة داخل المدرسة نفسها منذ سنوات، بحسب ما رصدته الإدارة التعليمية. ماشاء الله السيدة وكيلة الوزارة تعترف انها ظاهرة متكررة ومعروفة عن المدرسة من سنوات !! وهذا لم يحرك ساكناً ..المسئولة غير المسئولة عملت ما عليها واعترفت بالمصيبة وخلاص .. أما الوزارة بعد النتيجة وانتشار الخبر اصدرت أوامر بالتحقيق !! يعنى بعد خراب مالطة .
تناقشت مع إحدى المدرسات وهى وكيلة مدرسة من بنى سويف من مدرسة فى قرية أخرى بالفشن فقالت لى السبب فى غياب الطلاب والطالبات عن المدارس عندنا هو الفقر الشديد والعوز ..فكثير من الأسر لم تعد قادرة على مصروفات خروج العيل للمدرسة بدءً من الساندويتشات للمواصلات للكراسات والدروس
واضافت لى تصدقى أحيانا احنا كمدرسين من كتر ما بنطلب من العيال كراسات عشان يكتبوا فيها ومش بيقدروا يوفروها بنشترى لهم على حسابنا الخاص واحيانا العيال بتصعب علينا شكلها وضعفها فنشترى لهم اكل وساندويتشات عشان نجذبهم للمدرسة ولا يغيبوا وكتير مننا بيضع زكاته وصدقاته للطلاب واسرهم .
معظم الأسر في القرى الفقيرة يفضلون ذهاب أولادهم للغيطان كعمالة يومية للمساعدة فى مصاريف البيت أويخرجوا للسوق يبيعوا أى حاجة ويرجعوا لأسرهم بمصاريف اليوم ولاحظنا مثلا ان أكثر أيام الغياب عندنا هى يوم الخميس ويوم السبت والسبب انها أيام الاسواق يخرج اليها الاطفال للبيع والبنات تقولك اصل ده يوم الطبخ عندنا يا أبلة فالامهات تفضل بقاء البنات فى البيت لمساعدتها. انتهى كلام ابلة منال التى وضحت ببساطة اسباب الرسوب الجماعى لتلك المدرسة ..فالفقر هو العدو الأول للتعليم رغم أن العلم هو مفتاح الخلاص من الفقر
فهؤلاء الطلاب والطالبات المتسربات من التعليم بسبب عملهم كعمالة اليومية وحسب اليونيسيف لدينا 2 مليون طفل متسرب من التعليم وهم من سيتزوجون ولا يجد الزوج عملا وتضطر الزوجة لتعمل فى اى عمل بسيط للصرف عليه وعلى البيت ونجدهم فى قائمة معاش تكافل وكرامة والأسر المستحقة للمساعدة والقوافل وحياة كريمة وما الى ذلك من كل اشكال المعاناة التى يعانيها مجتمعنا
لذا لكل المسئولين فى مصر .. الفقر لايحارب الا بالتعليم والتسرب من التعليم ليس مجرد رقم في إحصائية بل هو ضياع لمستقبل كامل ودخول فى دايرة مفرغة من الجهل والفقر والأعباء الاقتصادية والاجتماعية .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++