حذّر الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، من تصاعد مظاهر العنف والانحرافات السلوكية داخل المدارس الإعدادية، مشيرًا إلى أن ما يتم رصده من اعتداءات على المعلمين وحالات انتحار وتهديدات، ينذر بكارثة تربوية وأخلاقية تحتاج إلى تدخل عاجل من وزارة التربية والتعليم.
وقال حجازي إن بعض الطلاب باتوا ينظرون إلى الغش كحق مكتسب، بل ويصفون المعلم الذي يرفض مساعدتهم على الغش بأنه “فاقد للرحمة والضمير”، مضيفًا أن هذه التصورات لا تُعبّر فقط عن سلوك خاطئ، بل عن خلل عميق في الوعي والانتماء والاحترام للمؤسسة التعليمية.
حوادث داخل المدارس
وأشار إلى أن من بين الحوادث التي تم رصدها مؤخرًا طالبة ألقت بنفسها من الطابق الثاني، وأخرى اعتدت على معلمتها، فيما قام طالب بالاعتداء على معلمته لفظيًا وجسديًا، مؤكدًا أن مثل هذه السلوكيات الخطيرة صدرت عن طلاب في مرحلة عمرية صغيرة هي المدارس الإعدادية.
وأوضح حجازي أن الأسباب متعددة ومركبة، من أبرزها رفض الطالب الوجداني للمدرسة، وغياب الشعور بالانتماء إليها، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل، منها:
- تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية التي تروّج لفكرة أن المدرسة بلا قيمة.
- افتقار المدارس إلى أنشطة جاذبة تُناسب اهتمامات الطالب وميوله.
- التركيز المفرط على الجوانب المعرفية وإرهاق الطلاب بالتكليفات دون معنى.
- غلبة الطابع العقابي داخل المدرسة وضعف التواصل الإنساني بين المعلم والطالب.
المدارس شهادة دون تعليم
وأضاف أن بعض المفاهيم المنحرفة مثل “الغاية تبرر الوسيلة”، و”الشهادة أهم من التعليم”، و”البلطجة شطارة”، أصبحت تجد طريقها إلى عقول بعض الطلاب، مما يؤدي إلى تراجع احترامهم لدور المعلم.
وأكد حجازي أن الحل يكمن في إعادة ضبط المناخ داخل المدارس، وتهيئته ليكون أكثر جذبًا للطلاب، وأكثر ارتباطًا بطموحاتهم وحياتهم اليومية، مطالبًا بتعليم يمنح الطالب إحساسًا بالهدف والمعنى، وينقله من “التعلم من أجل الامتحان” إلى “التعلم من أجل الحياة والنمو”.
وشدد على أن مواجهة هذه الأزمة لا تقتصر على الوزارة وحدها، بل تتطلب تعاونًا واسعًا بين المؤسسات التربوية والدينية والثقافية والإعلامية والأسرة، مع ضرورة الإسراع في اتخاذ تدابير وقائية وعلاجية شاملة قبل أن تتفاقم الظاهرة وتفقد المدرسة دورها التربوي بالكامل.