بعدما أمضت الكاتبة الصحفية ايمان رسلان قرابة 40 عاماً من عمرها فى بلاط صاحبة الجلالة تكتب وتحاور وتحلل كل ما يخص حال التعليم المصرى هاهى تقرر ان تتحول من الميدان العملى الى الاكاديمى والفلسفى لتنتقل بخبرتها الى رحاب الفكر الفلسفى وتثبت علمياً ما نؤمن به وتناضل من أجله طوال حياتها الصحفية ..ابنة دار الهلال حصلت على درجة الماجستير من كلية الآداب جامعة اللقاهرة أمس برسالة بعنوان ( التعليم النخبوى بين الاصول اليونانية والطرح المعاصر ..دراسة نقدية ) بدرجة ممتاز باشراف د هدى الخولى استاذ الفلسفة اليونانية بآداب القاهرة ورئيس اللجنة د سامى نصار استاذ اصول التربية بجامعة القاهرة ود أنور مغيث استاذ الفلسفة المعاصرة عضوا ومناقشاً وبعد ثلاث ساعات من النقاش اجمعت اللجنة على منحها الدرجة بامتياز واشادوا باالرسالة والمجهود المبذول فيها من الباحثة
وعن موضوع الرسالة تقول رسلان :
تقاطعت حياتي بين الفكر والفلسفة والتعليم، وارتبط دافعي للعودة إلى الدراسة الأكاديمية بانشغالي لمدة غير قليلة، أربعين سنة، في مجال التعليم والفكر، وهي فترة زمنية تسمح بالانتقال والتنقل بين مجال الخبرة وبين الفكر الإنساني في رحاب التعليم وفلسفته، لاسيما في أصوله اليونانية لموضوع الرسالة.
التعليم النخبوي وتطور الفكرة حتى عصرنا الحالي كمدخل نقدى ، وارتبط دافعي بحقيقة أن المجتمع وطبقاته الاجتماعية وما تعكسه من نظم فكرية وفلسفية وثقافية يحددان التنشئة الاجتماعية وطبيعة التعليم والنظم التربوية والفكرية المرتبطة به، فما يشهده التعليم مؤخرًا من تداعيات حتى وصلنا إلى إلغاء المعرفة بالعلوم الإنسانية في مراحل التعليم قبل الجامعي، يتقاطع مع موضوع الرسالة في إتاحة التعليم النخبوي.
وكانت لقراءة د. طه حسين والعديد من المفكرين هي الملهم لي في الوصول إلى فكرة البحث، وأن له أسباباً ما نعيشه لم يأت من فراغ مزعوم.
واضافت : وتوضح الدراسة إشكالية البحث من خلال عدة أسئلة منها: هل كانت النخبوية عاملًا حاسمًا في نشأة الأفكار وتداولها وقصرها داخل الأسوار والأكاديميات للنخب فقط؟ وارتباط تلك الإشكالية بتلازم بين التعليم الجيد للنخب، وهل أصبح الرأسمال التعليمي والتمايز الثقافي والعلمي والتكنولوجي هو الثنائية الحديثة؟
وبعد استعراض نشأة التعليم النخبوى عند الفلاسفة اليونان وتطوره وصلت للخاتمة التي ترصد حقيقة أن التعليم كان قرينًا للتفلسف ونظرياته بوصفهما عملية تعليمية في المقام الأول لخلق المدارس الفكرية التي تعكسها، كسمة رئيسية له منذ نشأة الفلسفة. فكبار الفلاسفة كتبوا في التربية قديمًا وحديثًا. حاولت في رسالتي هذه توضيح كيف أن التعليم والفكر كان حكرًا على النخب والصفوة وأداة للتميز والثنائية، وكيف ارتبط ذلك بأوضاع النخب الحاكمة والغنية. وحاولت أن أرصد ثنائية الرجل الأبيض أو السيد والعبد التعليمية وصولًا إلى العصر الحديث وسيادة الفردية والتقدم العلمي. وكيف تفاعلت النخب المصرية عبر الابتعاث وأفكار العالم الجديد فأدت إلى رسوخ وهيمنة الفكر الجيد النخبوي والتعليمي للبعض والاستعلاء على إتاحته للجميع، مما ساهم في خلق الأسوار والأكاديميات التعليمية للنخب فقط والرسالة تستشهد ببعض الأرقام والاحصائيات حول ذلك .
مدرسة السليكون :
ووتضيف رسلان ان الرأسمال التعليمي اصبح هو السبيل لإعادة الهيمنة والاحتكارية عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة الخوارزميات الرقمية لها، بل وخلق هيمنة للإنسان الأداتي التكنولوجي، ومما أسف عما نعيشه ونشاهده الآن من إلغاء لتدريس الفلسفة والعلوم الاجتماعية والإنسانية مما يمنع الأغلبية في المدارس العامة من دراسة مبادئ مواد التفكير التي تساعد على طرح الأسئلة، بينما يتم إتاحة ذلك في مدارس النخب الخاصة والأجنبية. وذلك حتى لا تتشكل عقول ناقدة لهذه النخب من الأغلبية، وذلك لصالح مقولة واحتياجات سوق العمل.
ويؤدى ذلك الطرح الضيق إلى تفتيت الميادين العقلية إلى أجزاء متناثرة وضيقة تؤدي في النهاية إلى الارتباك الفكري، خاصة مع نمو المجتمع التكنولوجي المعاصر والتقدم العلمي الهائل. وأصبح لدينا ثنائية جديدة معاصرة هى تعليم ” يطلق عليه مدرسة السيليكون” الذي تباشره شركات عالمية قليلة وعملاقة، مما قد يؤدي إلى نشوء نخبة تعليم الذكاء الاصطناعي. وينقسم العالم بين المدرسة التقليدية للأغلبية،،وأخرى مدارس نخبوية للقلة أطلق عليها مدرسة الذكاء الاصطناعي.ومن هنا تأتى أهمية مساعدة وإقناع المجتمع بأهمية وضرورة بالتعليم الجيد، فالمصلحة العامة تتطلب أن يكون مستوى التعليم للأفراد مرتفعًا وليس نخبويًا.”
لحظة منح درجة الماجستير للزميلة ايمان رسلان