في تصعيد قانوني غير مسبوق، رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد قرار الحكومة الفيدرالية بمنعها من تسجيل طلاب دوليين جدد وتهديدها بترحيل الطلاب الحاليين، وذلك في سياق حملة أوسع تستهدف الجامعات الأمريكية التي تتهمها الإدارة بتشجيع “التحيز ضد السامية” والتساهل مع “نشاطات معادية لأمريكا”.
خلفية الأزمة
في أبريل 2025، أصدرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، بقيادة الوزيرة كريستي نوم، قرارًا بإلغاء شهادة برنامج الطلاب والزوار الأجانب (SEVP) الخاصة بجامعة هارفارد، مما يعني منعها من تسجيل طلاب دوليين جدد، وتهديد الطلاب الحاليين بفقدان وضعهم القانوني إذا لم يتم نقلهم إلى مؤسسات أخرى أو مغادرة البلاد.
بررت الإدارة هذا القرار بادعاءات تتعلق بانتشار “التحيز ضد السامية” في الحرم الجامعي، ووجود “محرضين مؤيدين للإرهاب” بين الطلاب الدوليين، بالإضافة إلى اتهامات بوجود روابط مع الحزب الشيوعي الصيني.
رد هارفارد القانوني
في 21 أبريل 2025، قدمت هارفارد دعوى قضائية في محكمة فيدرالية ببوسطن، تطعن فيها في قرار الحكومة، معتبرةً إياه انتهاكًا للدستور الأمريكي، لا سيما التعديل الأول الذي يضمن حرية التعبير، وخرقًا لإجراءات العدالة الإدارية.
اتهمت الجامعة الإدارة الفيدرالية باستخدام التمويل كأداة ضغط لإجبارها على تنفيذ تغييرات جذرية في سياساتها الأكاديمية والإدارية، بما في ذلك تعيين مشرفين خارجيين، وتعديل سياسات القبول والتوظيف، وإلغاء بعض الأندية الطلابية.
تجميد التمويل والتهديدات الإضافية
كرد فعل على رفض هارفارد الامتثال لمطالب الإدارة، قامت الحكومة بتجميد أكثر من 2.2 مليار دولار من المنح الفيدرالية المخصصة للجامعة، وهددت بتجميد مليار دولار إضافي من عقود الأبحاث الصحية. كما تم إلغاء أكثر من 2.7 مليون دولار من المنح المقدمة من وزارة الأمن الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك، هددت الإدارة بإلغاء الوضع الضريبي المعفي من الضرائب للجامعة، مما قد يؤثر بشكل كبير على تمويلها واستقلاليتها الأكاديمية.
موقف الجامعة والدعم المجتمعي
أكد رئيس جامعة هارفارد، آلان غاربر، أن الجامعة لن ترضخ للضغوط الحكومية، مشددًا على أن هذه الإجراءات تهدد مستقبل أكثر من 7,000 طالب دولي يدرسون في الجامعة.
حظيت هارفارد بدعم واسع من المجتمع الأكاديمي والسياسي، حيث أعرب العديد من رؤساء الجامعات الأمريكية عن تضامنهم مع موقفها، كما أعرب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن دعمه للجامعة في مواجهة هذه التحديات.
التطورات القضائية
في 23 مايو 2025، أصدرت محكمة فيدرالية في بوسطن أمرًا قضائيًا مؤقتًا يمنع الحكومة من تنفيذ قرارها ضد هارفارد، مما يسمح للجامعة بمواصلة تسجيل الطلاب الدوليين مؤقتًا حتى يتم البت في القضية بشكل نهائي.
تُعد هذه القضية اختبارًا حاسمًا للتوازن بين استقلالية المؤسسات الأكاديمية وسلطات الحكومة الفيدرالية، خاصةً في ظل تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة. من المتوقع أن تستمر المعركة القانونية في الأسابيع المقبلة، مع جلسة استماع مقررة في 27 مايو 2025، والتي قد تحدد مستقبل العلاقات بين الحكومة والجامعات الأمريكية.