طوابير طويلة وساعات انتظار يقف فيها المئات أمام المتاجر في أكثر من دولة للحصول على دمية صغيرة، قاربت مبيعاتها خلال 2025 فقط إلى 2 مليار دولار، الأمر ليس قصة أو جزء من إعلان لكنه واقع في العديد من البلدان، فخلال الأسابيع الماضية تحولت “دمية” تُدعى “لابوبو” (Labubu) إلى ما يشبه الهوس العالمي، من طوابير الانتظار الطويلة أمام المتاجر في طوكيو ونيويورك، إلى صورها التي تملأ حسابات المشاهير والمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت ظاهرة ثقافية واقتصادية تشغل العالم.
بداية غامضة تصميم فني وانفجار تجاري
ظهرت لابوبو لأول مرة في العام 2019، من إنتاج شركة “Pop Mart” الصينية المتخصصة في تصميم ألعاب المصممين والفن المعاصر المصغر، تمثل كائناً صغيراً بأسنان بارزة وعينين كبيرتين، مستوحاة من رسومات فنان يُدعى “The Monsters”، ضمن سلسلة موجهة لهواة جمع الألعاب الفنية.
الإصدارات الأولى من الدمية كانت موجهة لجمهور محدود من محبي الفنون المصغرة، وكان انتشارها طبيعي مثل غيره، ولكن الشعبية الحقيقية انفجرت في 2024، عندما ظهرت المغنية العالمية ليسا عضوة فرقة BLACKPINK) ومعها نسخة من “لابوبو” في صورة نشرتها على “إنستجرام” وحصدت أكثر من 10 ملايين إعجاب، تضاعف بعدها الطلب بشكل مذهل.
سحر المشاهير وتريندات التيك توك
المشاهير العرب والعالميون ساعدوا في تحويل لابوبو إلى هوس لطلاب المدارس والجماعات، حيث ظهرت في حسابات عدد من النجوم أبرزهم: ليسا (BLACKPINK)، المغنية التايلاندية ميلي، واليوتيوبر العربي الشهير أبو فلة، الذي نشر مقطعًا وهو يهديها لطفل يتيم قائلاً: “أغلى لعبة في العالم حاليًا، والمغني أحمد سعد وغيرهم.
وفي 2025، تم رصد أكثر من 13.2 مليون منشور على تيك توك وإنستغرام تحتوي على الوسم #Labubu، ما جعلها تتصدر قائمة أكثر الألعاب تداولًا على الإنترنت، متفوقة على ألعاب قديمة مثل الفانكو بوب والدببة القطيفة.
أسعار تتضاعف وطوابير بالساعات
أسعار لابوبو بنسخها المختلفة قفزت مع زيادة الإقبال بشكل كبير فالسعر الأصلي في متاجر Pop Mart المنتجة للعبة لا يتجاوز 12 إلى 15 دولارًا، لكن في السوق السوداء وصلت أسعار بعض النسخ النادرة إلى 350 دولارًا، وبيعت إحداها في مزاد على eBay بمبلغ تجاوز 1200 دولار.
2025 عام المليار للابوبو
شركة Pop Mart حققت مبيعات تخطت 850 مليون دولار في الربع الأول من عام 2025، وتُرجع نسبة كبيرة منها إلى ارتفاع الطلب على لابوبو، وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن عدد النسخ المباعة من الدمية بمختلف أشكالها في الأشهر الخمسة الأولى من العام بلغ أكثر من 11 مليون وحدة، منها 4.6 مليون نسخة في الصين وحدها، و3.2 مليون في الولايات المتحدة.
عدد متاجر Pop Mart وصل إلى أكثر من 620 متجرًا حول العالم حتى منتصف مايو 2025، موزعة بين آسيا، أوروبا، والولايات المتحدة، مع توقعات بفتح 100 متجر جديد خلال النصف الثاني من العام.
استراتيجية التسويق اقتصاد المشاعر
تعتمد Pop Mart على مفهوم “المنتجات العمياء” (Blind Box)، حيث لا يعلم المشتري شكل الدمية التي سيحصل عليها، مما يعزز الإدمان على الشراء لدى البعض، ويخلق حالة من اللهفة والمفاجأة.
كما توظف الشركة علم “اقتصاد المشاعر” بشكل بارع، حيث ترتبط الدمية بمشاعر الحنين، الطفولة، والانتماء للموضة، مما يدفع المستهلكين للشراء العاطفي، لا المنطقي.
هل تعود لابوبو إلى تقاليد أو رموز معينة؟
مظهرها الطفولي والعفوي، لم يجعل تصميم لابوبو يتقاطع مع شخصيات الفولكلور الآسيوي، خاصة مخلوقات “اليوكاي” اليابانية، التي تجمع بين الظرافة والغموض، ما يمنحها طابعًا غريبًا يجذب مختلف الأعمار.
لكن لم يتم تأكيد أي رمزية دينية أو تقليدية، فالشركة المصنعة تكتفي بوصفها على أنها “كائن بري لطيف يعيش في الغابة ويحب المغامرات”.
لماذا الخوف؟
ورغم شعبيتها، انتشرت تحذيرات من تداول دمية لابوبو، خاصة في دول عربية، بعد أن سادت شائعات على الإنترنت بأنها “مرعبة” أو تحمل رموزًا خفية، وفسر متخصصون ذلك بأنه جزء من “الهلع الأخلاقي” المصاحب لأي موجة شعبية واسعة النطاق، مثل ما حدث سابقًا مع دمية باربي أو بوكيمون.
هل ستتوقف الموجة؟
حتى اللحظة، لم تُعلن Pop Mart عن نية وقف بيع لابوبو، بل على العكس، أطلقت إصدارات خاصة لعام 2025 احتفالاً بالعام القمري الجديد وأخرى بالتعاون مع ماركات أزياء شهيرة.
المراقبون يشيرون إلى أن الموجة قد تستمر حتى نهاية 2025 على الأقل، خاصة في ظل إقبال متزايد من أسواق جديدة مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.