إستحوذت الإفادة الخطية التى قدمها رئيس جهاز الأمن الداخلى ( الشاباك ) للمحكمة العليا إهتماماً بالغاً من الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب، بعد ما كشف أن قرار إقالته جاء نتيجة رفضه التجاوب مع مطالب بالولاء الشخصي لرئيس الحكومة وليس بسبب الأداء الوظيفي، وذهبت تقديرات إعلامية إلى وصف إستهداف الحكومة الإئتلافية لرئيس الشاباك بأنه يعكس توجهاً ممنهجاً لإخضاع الجهاز الأمني لمبدأ الولاء السياسى وليس المهنى.
إعتبر منتقدى الحكومة من المعارضة البرلمانية ووسائل الإعلام هذه الإفادة بمثابة لائحة إتهام جنائية بحق نتنياهو ، ومن التسريبات التي تناولتها وسائل إعلام محلية حول إفادة ‘ رونين بار ‘ أن نتنياهو طلب منه فى أكثر من مناسبة تنفيذ أعمال غير قانونية فى عدة مسائل ، أبرزها توجيه موارد الشاباك لمراقبة نشطاء الإحتجاجات المناهضة للحكومة ، وتضمنت الإفادة التي قدمها ‘بار’ قبل يومين أنه تم إبلاغه بوضوح أنه فى حالة وقوع أزمة دستورية عليه أن يطيع رئيس الحكومة لا المحكمة العليا .
هذا ، وقد أفردت وسائل الإعلام المحلية مساحات واسعة لردود الأفعال حول الإفادة التي أدلي بها رئيس الشاباك ، ونشرت صحيفة ‘ معاريف ‘ المحاور الرئيسية الواردة في إفادة ‘بار ‘ وأن إستبعاده من طاقم التفاوض فى صفقة الرهائن قد ألحق ضرراً بفرص الإفراج عنهم ، وجاء في مقال رأي بيديعوت أحرونوت أن هناك دلائل على نية نتنياهو وإئتلافه تدمير الديمقراطية أبرزها طلب رئيس الحكومة من ‘ بار ‘ عدم الإنصياع للقانون ، وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الجانب السرى من إفادة ‘بار’ قد شمل معلومات مُفصلة عن تحقيقات مع مُقربين من نتنياهو ، وأن ‘ بار ‘ قد أشار فى الإفادة أنه ليس معلوماً له أسباب إقالته من منصبه ، وإن كان تسلسل الأحداث يستدعى الإدراك بأنها لا تستند إلى أسباب مهنية وإنما بتوقع ولاء شخصى لرئيس الوزراء ، وتلك الإفادة تسببت في خروج الآلاف إلى وسط تل أبيب للتظاهر ضد الحكومة .
وفي رد فعل هجومي، أصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً إتهم فيه رونين بار بالكذب والسعى لقلب نظام الحكم ، و القناة الثالثة عشر ركزت علي السجال الإعلامي الدائر بين للأجهزة التنفيذية والأمنية فى دولة الإحتلال والإتهامات الواردة فى بيان مكتب رئيس الوزراء لـ’ بار ‘ وأنه فشل فشلاً ذريعاً في التعامل مع التحريض ضد المستوى السياسى ومن قبله الفشل فى 7 أكتوبر ، وعلى الرغم أن الإنقسامات داخل المجتمع ‘ الإسرائيلي قد ظهرت بقوة في بداية 2023 وإحتجاجات الشارع علي تغول السلطة التنفيذية علي القضائية ، إلا أن حراك السابع من أكتوبر وما تلاه من حرب في غزة بالتوازي مع خطط تمدد إقليمي لدولة الإحتلال تُعمق الفجوات بين الفئات المجتمعية والسياسية .
كما عقد قادة المعارضة جلسة مشاورات صدر عنها بياناً يشير إلى أن تصرفات رئيس الوزراء – كما وردت فى تصريح رئيس الشاباك – تُعرِض أمن ومستقبل الدولة ووجودها للخطر ، واتفق زعماء المعارضة على التقدم بطلب عقد جلسة طارئة للهيئة العامة للكنيست لمناقشة التطورات الأخيرة. كما إنتقد زعيم المعارضة ‘ يائيير لابيد ‘ البيان الصادر عن حزب الليكود بأن ‘ بار ‘ يحول أجزاء من جهاز الشاباك إلى ميليشيا خاصة للدولة العميقة ، وأشار ‘ لابيد ‘ أن مثل هذا البيان له عواقب وتجاوز الخط الأحمر ، مخاطباً الليكود وزعيمه بأنه من الأجدى دعم الشاباك والأجهزة التى تحافظ على بقاء الدولة بدلاً من دعم التحريض .
وتفاعلاً مع تعليقات لابيد ، نشر حزب الليكود بياناً للتعقيب على تصريحاته بأنه فى حين لم يرفع “لابيد” صوته ضد التحريض الجامح والخطير ضد رئيس الحكومة فإنه يشارك بشكل قوى فى هذا التحريض . كما دخل علي خط البيانات والتعليقات “جانتس – رئيس حزب الوحدة الوطنية ” الذى وصف إفادة ‘ بار ‘ بأنها شجاعة والتى تكشف فى تقديره عن تسلل الإعتبارات الشخصية إلى صلب منظومة إتخاذ القرار فى إسرائيل . كما تواكبت حرب البيانات مع إجراء قيادة سلاح الجو مشاورات داخلية للنظر فى تدابير فصل جنود الإحتياط الذين وقعوا على ” العريضة الإحتجاجية ” ضد إستمرار الحرب فى غزة ، علماً بأن من بين الموقعين على الرسالة نحو 60 من جنود الإحتياط ( مازالوا في الخدمة الفعلية ) ومن بينهم 7 طيارين .
وإنعكاساً للإنفسامات الداخلية فى دولة الإحتلال ، كشفت إستطلاعات للرأى أن 45% من الجمهور الإسرائيلى عبروا عن ثقتهم فى صحة الإفادة التى أدلي بها ‘بار’ ، مقابل 33% أيدوا موقف مكتب نتنياهو ، علماً بأن يائير لابيد زعيم المعارضة قد حذر من وقوع إغتيالات سياسية علي خلفية سياسية بسبب التحريض والتطرف وأن رونين بار الأكثر عُرضة للإغتيال . كما تصاعدت مطالب المعارضة بتنحى رئيس الحكومة نتنياهو معتبرة أن بقائه في منصبه يمثل تهديداً صريحاً لأمن الدولة وسيادة القانون .