قد يكون للبعض قصة أو بطولة يعشق حكيها وسردها ..لكن ماذا لوكانت هذه البطولة هى حكاية وطن وقصة أرض عادت من فم العدو؟.. د مفيد شهاب هو واحد ممن ارتبطت اسماؤهم بالمواقف المحترمة والانجازات ..فهو قيمة يزداد بريقها مهما مرت السنوات رأيته فى لقاء الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون الاسبوع الماضى تحت قبة معشوقته جامعة القاهرة فهرعت اليه للسلام واستعادة ذكريات سنوات مضت كان فيها رئيسا للجامعة ثم وزيرا للتعليم العالى..كانت علاقته كمسئول مع الصحافة كأفضل مايكون ..علاقة يغلفها الاحترام والتقدير والتفاعل وسرعة التحرك مع كل ماتكتبه الصحافة . ليس هذا فقط ما يقفز فى الذهن عند رؤية هذا الرجل الجليل وانما نتذكر له طابا ..كلمة السر التى تتهلل لها قسمات وجهه .
ستبقى ملحمة طابا جزء من ذاكرتنا التاريخية ومصدر فخرنا بالانتصار على العدو الاسرائيلى .. فهى ملحمة أذهلت العالم لكونها اختبار حقيقى لقدرتنا كدولة على الدفاع عن سيادتها بكل الوسائل المشروعة فى كل الميادين من الحربية للدبلوماسية للقانونية وانبرى فى كل ميدان ابطال كلفوا بهذه المهمة القومية فأبلوا فبها بلاءً حسنا وكتبوا اسماءهم بحروف من نور فى كتاب التاريخ .
وفى معركة طابا الدبلوماسية والقانونية برزت اسماء لنجوم مجالات مختلفة منهم يونان لبيب رزق ود وحيد رأفت ، د عصمت عبد المجيد ، د ابراهيم يسرى ود صلاح عامر وغيرهم لكن يظل د مقيد شهاب احد هؤلاء النجوم الذين شاركوا فى ملحمة طابا فهو ابرز المتحدثين عنها ليس فقط لأنه شارك فيها براعة القانونى المحنك الذى صال وجال قولا وفعلا ..بالمستندات والمرافعات أمام لجنة التحكيم المختصة بالنزاع ليبهر الجميع .. وانما لأنه اعتبر هذا العمل هو اعظم انجازاته وكان ومازال يحب ان يلقب بدكتور مفيد شهاب ( محامى طابا ) رغم استاذيته الجامعية ومناصبه كرئيس للجامعة سابقا وكوزير للتعليم العالى ووزير للشئون البرلمانية وكمحامى دولى ذائع الصيت والمكانة
ومن هنا ما أن تُذكر ملحمة طابا والا يصاحبها اسم د مفيد شهاب ..الذى آل على نفسه نقل كواليس الملحمة للأجيال المختلفة لتحتفل بانتصاراتها ويقدمها للأجيال الجديدة لرفع مستوى وعيها وتغرس قيم الولاء والانتماء للوطن..
لذا كان هذا الاسبوع فى محرابه الأول الذى تدرج فيه طالبا ثم استاذا ثم رئيسا لها وفى الموسم الثقافى للجامعة الذى حضرت معه تدشينه واطلاقه فى عام 1994 بعد ما قرر كرئيس للجامعة فتح مسرح وقاعة الاحتفالات وعودة الروح للنشاط الثقافى والفنى للجامعة بعد سنوات اغلاق طويلة بسبب الأخوان المسلمين .. واطلق الموسم الثقافى والفنى للجامعة ودخلت الفرق الموسيقية من الأوبرا ومعهد الموسيقى وعُقدت الندوات لكبار المثقفين والمفكرين والسياسيين وللوزراء ليلتقى طلاب جامعة القاهرة بصفوة كل مجال فى المجتمع وجها لوجه ودارت نقاشات وحوارات كثيرة وكانت فترة التسعينات هى أوج ازدهار للجامعة .
وقف الدكتور مفيد شهاب على مسرح قاعة الاحتفالات( احب الاماكن له وعن احب الذكريات لديه ) متحدثاً لابنائه الطلاب واعضاء هيئة التدريس من مختلف الأجيال مشيرا لحق الشعوب في الاحتفال بانتصاراتها وشرحها وتوضحها للأجيال التي لم تشهدها، لتوعية الشباب، فمن حق الشعوب أن تدرس أسباب هزائمها، مؤكدًا أن حب الوطن لن يتحقق إلا بمعرفة تضحياته وأحداثه،
فقد سرد الموقف المصري والإسرائيلي منذ نكسة ١٩٦٧ حتى انتصار اكتوبر ١٩٧٣، وحروب الاستنزاف التي خاضها الجيش المصري من أجل اشغال العدو وتعريفه ان الشعب المصري بقواته يأبي الهزيمة ولا يقبل وجود العدو على أراضيه، و إرادة الشعب بعد هزيمة ١٩٦٧ استطاعت أن تُعيد بناء القوات المسلحة خلال ٦ سنوات حتى تحقق النصر، لافتًا إلى التحديات المختلفة التي واجهها الجيش خلال تحرير سيناء، مثل العائق المائي الذي تمثل في قناة السويس، وخط بارليف، والتي استطاعت القوات المصرية اختراقه باسلوب علمى مبتكر
وقال أن أعظم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر هو استخدام عنصر المفاجأة والذي يُعد عنصرًا مهمًا في الحروب الحديثة، مشيرًا إلى أن الانتصار العسكري للقوات المصرية دفع اسرائيل للتفاوض مع مصر وأعقبه إعلان مبادئ اتفاقية كامب ديفيد عام ١٩٧٨، ثم توقيع اتفاقية السلام المشترك في مارس ١٩٧٩، وأكد أن مصر ستظل مسؤلة عن الأمن العربي بأكلمه وتُولي اهتمامًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية وتساند حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
أما اعظم دروس طابا كما وضحها د مفيد شهاب، أن السند في استرداد الحق ليس فقط أن تكون صاحب حق، بل الاصرار على هذا الحق بكافة الوسائل سواء عسكرية أو سياسية أو قضائية أو قانونية، وأن القضايا والأزمات الكبرى لابد أن يتم الاعتماد فيها على الأسلوب العلمي من خلال المتخصصين كلٌ في مجاله.