ما لا تحرقه النار ، تزيده صلابة ، سُنةُ اللهِ في خلقه ، وعلي قدر أهل العزم ، تأتي العزائمُ .
ودوماً تشاء إرادته سبحانه ، أن ينال الصابرون جزاء صبرهم ، والصادقون ثمرة صدقهم ، والمخلصون ثواب إخلاصهم .
فيما الخانعون والمرجفون ، يخرجون خاوين الوفاض ، ومن أسوأ أبواب التاريخ .
الماء طبيعته الإغراق ، وقد جعله اللهُ طريقاً ممهداً لموسي !
وأم موسي، كي تُحافظ عليه ، تُلقيه في البحر ! هذا البحر نفسُه ، يُنجي الرضيع ، ويُغرق الملك المتأله ، ومَنْ معه !
النار طبيعتها الإحراق ، وقد جعلها اللهُ برداً وسلاماً علي إبراهيم !
والسكين طبيعته الذبح ، وقد جعله اللهُ حريراً ناعماً علي رقبة إسماعيل !
نجاة يوسف تتحقق ، بالإلقاء في الجُب ! وملكه يتشكل ، بدخوله السجن !
واليدُ التي ألقتْ به في الجُب ، جاءتْهُ بعدَ سنين ممدودةً لتقولَ له : تَصَدَّقْ عَلَيْنَآ ..
مريم العذراء ، ينطقُ الرضيع لها بالبراءة ، و يتساقط الرطب عليها جَنياً ، بمجرد هز جذع النخلة !
لم تكن هناك نخلة ، بل كان جذعاً فقط ، ولم يكن هذا موسم الرطب أصلاً !
يخون أبو لهب عهد الله ، فيُذكرُ : تَبَّتْ يَدَا !
ويصون أبو بكر عهد الله ، فيُذكرُ : وَلَسَوْفَ يَرْضَى .
دولة الإسلام تعلو وتزدهر ، بالهجرة من مكة ، وترك الجمل بما حمل !!
أما أنا فسيكونُ عُمري ، أطولَ من عُمرِ شانقي ، هكذا قال شيخُ المجاهدين ، عمر المختار ، قبل لحظاتٍ من إعدامه عام ١٩٣١ ..
نذكرُ ونفاخرُ ، بعمر المختار ، ولا نعرف حتي اسم شانقه !
لا تضعف ، وجدد ثقتك بربك ، ولا تقل : همي كبير ، بل قُل : ربي عظيم .
لا تنحنِ لأحد ، فإذا اعتاد الظهر الانحناء ، شق عليه الاعتدال ، وإذا اعتادت النفس العبودية ، شقت عليها الحرية .
هي أيامٌ تمر ، وسنواتٌ تمضي ، وتاريخ يكتب ، وربٌ لا يضِلُ ولا ينسي .
العُمر وإن طال قصير ، والسيرة أعظم ثروة يمتلكها إنسان ، وهُناك موتي يتنفسون ، وأحياءُ وارتهم القبور .
وأفضلُ النَّاسِ مَا بَين الوَرَى رَجلٌ ،،
تُقضَى عَلَى يَدِهِ للنَّاسِ حَاجَاتٌ ..
قد ماتَ قومٌ وما ماتَت فضائلُهم ،،
وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ ..
كان أبو الأنبياء إبراهيم ، تماماً كما كان الأنبياء والمرسلون ، وكما كان حفيده المصطفي ، صلي الله عليه وسلم ، كانوا جميعاً رجال إيمان وأفعال وبطولة .
إبراهيم يُسْئَلُ عن أجمل أيام عُمره ، فيقولُ : تلك التي عشتُها في النار !
لقد حرقتِ النارُ قلوبَ أعدائِك ، ولم تحرقِ هَذِهِ النارُ ، إلا قيودَك ، يا إبراهيمُ !!