ما بين البحث العلمي والمشروعات التنموية، بدأت أزمة كلية الزراعة جامعة القاهرة، بدأت المشكلة بطلب الإحاطة المقدم من النائب محمد الحسيني بشأن تخصيص 100 فدان من أراضي كلية الزراعة بجامعة القاهرة لإقامة مشروعات خدمية وتنموية في حي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة.
وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط الأكاديمية والبرلمانية، ففي الوقت الذي يرى مؤيدو المشروع أنه يخدم سكان بولاق الدكرور الذين يعانون من نقص الخدمات، حيث عرض النائب محمد حسيني تصور لإقامة العديد من المشروعات الخدمية والتنموية (تعليمية – صحية – رياضية – ثقافية) نظرًا لنقص الخدمات الشديد الذي يعاني منه الحي، فضلًا عن إنشاء وحدات سكنية للمواطنين، يؤكد معارضوه أن هذه الأراضي تمثل قيمة أكاديمية وعلمية ورئة المكان التي لا يمكن التفريط بها.
وأكد عدد من اعضاء هيئة التدريس بالكلية، ان هذه الأراضي تستغل لزراعه و استنباط الاصناف الجديدة و اختبار شتي انواع المحاصيل او الفاكهه او الخضر او الزينه لتعريف طلاب الكليه بها و تدريبهم عمليا علي اساليب الزراعة، بجانب يوجد تربيه الحيوانات الكبيرة و تغذيتها مثل الجاموس المصري و البقر و الأغنام و الحيوانات الصغيرة مثل الطيور و الارانب و الحشرات الاقتصاديه مثل نحل العسل ..
كما تقوم باختبارات و تجارب المبيدات قبل اجازتها في وزارة الزراعه وكذلك التدريب علي اعمال المقاومه الحيويه الطبيعيه دون استخدام المبيدات، فضلا عن قيام قسم الهندسه الزراعيه بتجارب زراعه المساحات الكبيره و تطوير طرق الري الحديث لتقليل استخدام مياة الري العشوائي في ظل ازمه المياة التي تواجه مصر.
واشار عدد من اعضاء هيئة التدريس، ان مزرعه كليه الزراعه تساوي في قيمتها المستشفي لطلاب كليه الطب فهل يستطيع طبيب ممارسه عمله دون فترة الامتياز في السنوات النهائية، مؤكدين انه لقد تطورت الدراسه و اللوائح الدراسيه في كليه الزراعه لتقر بان الفصل الدراسي الاخير للطالب يقضيه في التدريب في مزرعه الكليه حتي يستطيع مزاوله المهنه بالمعرفه العمليه اللازمه لنجاح الخريج في عمله.
وأرسل خريجى كلية الزراعه جامعة القاهره والذي يضم الالاف من الخريجين، نداء الي المستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب اكدوا فيه رفضهم للمقترح وأشاروا فيه أن الأرض المشار اليها ليست مخصصة من الدولة وإنما هي وقفاً شرعياً لأغراض التعليم والبحث العلمى بجامعة القاهرة لا يباع ولا يوهب ولا يرهن ولا ينقل وفق ما جاء في الحجج الشرعية الموثقة ، ولما كان شرط الواقف كشرع الشارع فإن الامتثال لإرادة الواقف يعد أمراً واجب الاحترام.
وتابع بيان الخريجين، ان المزرعة بالنسبة لكلية الزراعة هي كالمستشفى لكلية الطب ، لا تستقيم العملية التعليمية في كلية الزراعة بغير وجود المزرعة فهي مكون أساسي شأنه كشأن قاعات المحاضرات والمعامل، وان المزرعة المشار اليها هي حاضنة للبحوث العلمية الزراعية لأعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا التي تعمل على استنباط الأصناف النباتية المتفوقة والحصول على الهجن الحيوانية عالية الإنتاج بما يحقق سد الفجوة الغذائية في الداخل وتعظيم حصة الإنتاج الزراعي للتصدير الجالب للعملة الصعبة المطلوبة لدعم الاقتصاد المصري.
وعددت رسالة الخريجين استخدام الارض في ” ان المزرعة تستخدم في اختبار الأصناف النباتية والمبيدات والأسمدة المراد تسجيلها للتداول في جمهورية مصر العربية” .
وعن خدمة المنطقة أشار الخريجين ان المزرعه تشكل الرئة الوحيدة في منطقة اكتظت بالسكان ، فتعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة نسبة الأكسجين في الهواء الذي يتنفسه المصريون في تلك المنطقة ويتعين المحافظة عليها، وهو من الأمور التي تسعى دول العالم الى زيادته والدعوة اليه من خلال مؤتمرات المناخ والاتفاقيات الدولية للحد من التلوث.
من جانبه أعلن اتحاد طلاب كلية الزراعة بجامعة القاهرة دعمه الكامل لرفض انتزاع أراضي الكلية. مؤكدا أنه بصفته الممثل الشرعي لثمانية آلاف طالب، أنه لن يتنازل عن شبر واحد من أراضي الكلية، وأطلق الطلاب عدد من الهاشتاج ابرزها#لا_للمساس_بمحطة_التجارب_الزراعية_كلية_الزراعة_جامعة_القاهرة، #رافضون.
علي الجانب الآخر؛ أيد بعض النواب المشروع بدعوى أن تخصيص هذه الأراضي للمشروعات الخدمية سيساهم في تحسين ظروف سكان المنطقة، ببنما أكد آخرون على ضرورة تحقيق التوازن بين الاحتياجات التنموية والحفاظ على ممتلكات الجامعة ودورها البحثي.
وأشار النائب هشام حسين إلى ضرورة النظر في معاناة المواطنين في المنطقة، مؤكدًا أهمية البحث العلمي، لكنه شدد على ضرورة اعداد دراسة متأنية لتحقيق الاستفادة القصوى لكل من المواطنين والجامعة، دون التمسك بالأرض لمجرد الاحتفاظ بها.
وقال النائب هشام حسين، عضو مجلس النواب، إن الأمر يبدو وأنه احتفاظ بملكية ليس أكثر، مضيفا :«علنيا أن نبدل الأدوار لمعرفة المعاناة التي يعيشها المواطنين، وفي نفس الوقت أهمية البحث العلمي ولكننا لا نستحوذ على شيء، ولا نريد الاحتفاظ بالأرض لمجرد الاحتفاظ فقط.
و أضاف:«ماذا لو كان هناك توجيه من القيادة السياسية، فعلى سبيل المثال تم نقل جامعة حلوان بالكامل لمنطقة عين حلوان عدا كليتين فقط، وماذا لم تم الأمر مع كلية الزراعة جامعة القاهرة، ومن ثم لابد من دراسة الأمر بشكل مدروس لتعظيم الاستفادة للمواطنين وللكلية في نفس الوقت، وعدم التمسك بالأرض من أجل التمسك فقط.وفي ختام المناقشات، أوصى النائب أحمد السجيني، رئيس اللجنة، بتشكيل لجنة فرعية برئاسة النائب وفيق عزت، وكيل اللجنة، لدراسة جميع المستندات المقدمة من كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وطلب أي وثائق إضافية من الجهات المختصة. من المقرر أن تقدم اللجنة تقريرًا شاملاً خلال 45 يومًا لعرضه في اجتماع موسع لاتخاذ القرار النهائي بشأن تخصيص الأرض.
ومن المنتظر إعلان عدد من الجهات المعنية وعلي رأسها وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات، جامعة القاهرة، نقابة الزراعيين، موقفها خلال الايام القادمة.
وتعود ملكية الأراضي المتنازع عليها إلى جامعة القاهرة، وهي جزء من مزرعة كلية الزراعة التي أُنشئت عام 1889، وتُعد من أقدم وأهم المزارع البحثية في مصر. وقد تبرعت بها الأميرة فاطمة إسماعيل، في مطلع القرن العشرين لدعم إنشاء الجامعة المصرية، التي أصبحت لاحقًا جامعة القاهرة. وتكمن أهمية هذه الأراضي كعنصر رئيسي في الدراسات والبحوث الزراعية، وتدريب طلاب الكلية وإجراء التجارب العلمية
يذكر أن ازمة كلية الزراعة جامعة القاهرة لم تكن الأولى ففى عام 2019، واجهت كلية الزراعة بجامعة المنوفية أزمة تتعلق بمطالبة محافظة المنوفية بتحويل جزء من أراضي الكلية إلى مشروع سكني. هذا الأمر أثار استياءً داخل الكلية، مما دفع مجلس الكلية إلى الانعقاد الدائم حتى حل هذه الأزمة، وحتى الان لم تحسم القضية بعد.