في خطوة استراتيجية بارزة، عقدت القمة الثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهوريه، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في القاهرة، لتكون بمثابة منصة جديدة لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، كما تاتي هذه القمة في وقت عصيب تمر به منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره، حيث تتزايد حجم التحديات السياسية والاقتصادية التي تتطلب تكاتفاً وتنسيقاً قوياً على الصعيد الإقليمي والدولي.
هناك اوجه تشابه وتقارب لانعقاد القمة الثلاثية ومن أهمها التوافق بين وجهات النظر بين مصر وقبرص واليونان بشأن العديد من القضايا الجوهرية التي تؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار المنطقة، والتي أكد خلالها الرئيس السيسي بأن التعاون بين الدول الثلاث يمثل نموذجاً مثالياً للتكامل الإقليمي، مشدداً على ضرورة تعزيز هذا التعاون بما يخدم مصالح الشعوب ويعزز الاستقرار والسلام في المنطقة.
وياتي القضية الفلسطينية على رأس الأولويات،ومن أبرز القضايا التي تم تناولها القمة الثلاثية، فقد جددت الدول الثلاث تأكيدها علي الدعم الثابت للحقوق الفلسطينية، وأعلنت تمسكها بحل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967. كما أشاد الرئيس السيسي بموقف كل من قبرص واليونان الداعم لهذه الحقوق، مؤكداً أن هذا الموقف يعكس التزاماً مشتركاً بالقيم الإنسانية والعدالة الدولية.
وقد تم التباحث أيضاً حول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، والجهود المبذولة لتخفيف المعاناة الإنسانية، مع التأكيد على ضرورة تقديم الدعم الدولي للشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات التي يواجهها.
كما شهدت القمة مناقشات موسعة حول العديد من القضايا التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي، مثل الأزمات في سوريا وليبيا والسودان والصومال. وقد اتفقت الدول الثلاث على ضرورة التنسيق المشترك لمواجهة هذه التحديات والعمل علي تقديم حلول سياسية عاجلة تعزز من استقرار المنطقة. كما تم التأكيد على ضرورة التعاون في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
اما من الناحية الاقتصادية، تناولت القمة العديد من الملفات الهامة التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث. تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والعمل علي تطوير مشروعات الطاقة المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى تعزيز الربط الكهربائي بين الدول الثلاث. كما تم التباحث في سبل تبادل الخبرات في هذا المجال، بما يحقق الاستفادة القصوى من الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها هذه الدول.
كما تم بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات النقل واللوجستيات، وتنمية البنية التحتية المشتركة، بما يسهم في تحسين حركة التجارة ويعزز من التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث.
كما تم التباحث في سبل تعزيز التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي، حيث تم التأكيد على أهمية تبادل المعرفة والخبرات في مختلف التخصصات، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار. وبذلك، فإن هذه القمة تمثل خطوة نحو إنشاء شراكة استراتيجية بين الدول الثلاث تساهم في تحسين مستوى التعليم وتعزيز البحث العلمي، بما يعود بالنفع على شعوب المنطقة.
تعتبر هذه القمة نقطة انطلاق هامة لمرحلة جديدة من التعاون الإقليمي بين مصر واليونان وقبرص. فبالرغم من التحديات العديدة التي يواجهها العالم والمنطقة، فإن هذه القمة تجسد إرادة مشتركة بين الدول الثلاث للعمل على مواجهة هذه التحديات بشكل استراتيجي ومدروس. إنها خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار، ليس فقط في منطقة البحر المتوسط، ولكن أيضاً على مستوى العلاقات بين الدول الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط.
فان التركيز على بناء سياسات استراتيجية فعالة لمواجهة التحديات المستقبلية، وهو ما يعزز من دور مصر، إلى جانب قبرص واليونان، كقوى إقليمية محورية تسعى لتحقيق الاستقرار والنمو المشترك في المنطقة بشكل خاص.