مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقررة 5 نوفمبر 2024، وتزايد الاهتمام الدولي بنتائج استطلاعات الرأي والتفاعل واسع النطاق مع المناظرة الرئاسية الثانية التي جمعت المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والتي عقدت يوم 10 سبتمبر الجاري، ولاقت المحاور الرئيسية (الاقتصاد والهجرة وقضايا داخلية أخرى) ولاقت تفاعلاً ملحوظاً من الرأي العام داخل الولايات المتحدة وخارجها، فإنه من الأهمية بمكان إلقاء الضوء على تفاعل وسائل الإعلام ومراكز الفكر الأمريكية وتناولها لأهم المحاور والملفات الشائكة التي جاءت بالمناظرة.
وعلى الرغم من تأكيد شبكة “سي إن إن” الإخبارية أن “ترامب” يفكر جدياً في عدم المشاركة في مناظرة أخرى، إلا أنه من الملاحظ تركيز الإعلام الدولي بشكل أكبر على القضايا الداخلية وردود كل مرشح على الأسئلة التي تم طرحها خلال المناظرة، حيث نشرت “فاينانشيال تايمز” البريطانية تقريراً يبرز أن الأداء الضعيف لـ”ترامب” خلال المناظرة، أثار حفيظة الجمهوريين الذين يعتقدون أنه لم يكُن مستعدًا بما يكفي.
كما وصفت الصحيفة البريطانية مواجهة يوم الثلاثاء، بأنها نقطة تحوّلٍ في مسار حملة ترامب الانتخابية؛ إذ يُكافِح حاليًا لاستعادة موطئ قدمٍ قبل موعد الانتخابات، وقد يُسهم خوض مناظرةٍ أخرى في إثبات أن ما حدث لم يكُن هو اللقاء الحاسم.
في السياق ذاته، رجحت بعض التقديرات الإعلامية أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان “ترامب” سيُوافق على مناظرةٍ رئاسيةٍ أخرى أمام “هاريس”، بعد أن أبدى تحفُّظاتٍ لقناة “فوكس نيوز” التي اقترَحَت 3 مواعيد محتملة للمناظرة في أكتوبر المقبل.
في المقابل ، أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أنه برغم أن قضايا السياسة الداخلية بما في ذلك الاقتصاد وأمن الحدود وحقوق الإنجاب، حظِيَت باهتمامٍ كبير خلال المناظرة، فإن السياسة الخارجية كانت حاضرةً كذلك، إذ اصطدم المرشَّحان بشأن قيود “ترامب” التجارية ضدَّ الصين، والموقف من الحرب في غزة، ومستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
وذهبت التقديرات الإعلامية إلي أنه في حين تُعد رؤية “ترامب” العامة لقيادة البلاد معروفةً جيِّدًا للجمهور الأمريكي، إلا أن المناظرة منَحَته فرصةً لتنشيط حملته التي تُكافح للتكيُّف مع دخول “هاريس” للسباق الانتخابي، وأن المناظرة – التي استمرت 90 دقيقة – أتاحت للناخبين أكبر لسماع “هاريس”.
هذا، ولم تغفل المؤسسات البحثية الإفصاح عن تقديراتها للمناظرة، حيث أورد موقع الدورية السياسية The Atlantic تقييماً لديفيد فروم يحمل عنوان “هاريس تنجح في الإيقاع بترامب”، واصفاً صعود “هاريس”، نائبة الرئيس جو بايدن، إلى منصة المناظرة بمهمة تتمحور حول إثارة “ترامب” كي ينهار وقد نجحت، فيما كانت لدى ترامب مهمةٌ أيضاً وهي “سيطر على نفسك” وقد فشل فيها.
استند تقييم فورم إلى قيام “هاريس” يإثارة مسائل وقضايا تثير استفزاز “ترامب”، بينما قابلت ردوده بابتساماتٍ ساخرة، وفيما يمكن تصنيفه علي أنه يحمل قدر من الإعجاب بأداء “هاريس” أو إنحيازاً لها، ذكر فروم أنها ركّزت خلال التحضير للمناظرة على علم النفس أكثر من التركيز على السياسة، إذ نجحت في دفْع “ترامب” ومحاصرته في كلِّ مرة، وخلص فروم إلى أنه على أقل تقدير، ستضع المناظرة حداً لادعاءات ترامب بأن هاريس لا وزن لها، وتفتقر للمؤهلات اللازمة للمشاركة في المناظرة.
كما أشارت صحيفة “نيويورك بوست” إلى قيام بعض الجمهوريين بالترويج لأن شبكة “إيه بي سي” الأمريكية قد ارتكبت خطأً فادحًا، عندما قامت بالتحقُّق بشكلٍ فوري خلال المناظرة من صحة بعض القضايا (التي طرحها ترامب والرد عليه لإفحامه)؛ الأمر الذي يُثبت تحيُّز الشبكة الإخبارية، إذ وجد ترامب نفسه مضطراً للرد ليس فقط على هجمات هاريس المتكررة، لكن أيضاً على المذيعَين اللذَين اعترضا على بعض تصريحاته، ما دفع مؤيديه إلى اتهام المناظرة بافتقارها إلى الحيادية. كما تشير تعليقات الجمهوريين إلى أن المذيعَين قاما بالمقابل بالتغاضي عن عددٍ من الفرص للتعليق أو الردِّ على أطروحات “هاريس”.
إجمالاً ، المتابع لنبض الشارع الأمريكي عقب المناظرة الثانية يجد تصاعد شعبية ‘هاريس ‘ وتحويلها هزيمة بايدن قبل تنحيه إلي تفوق طفيف ومستمر علي ترامب ، وحصدت هاريس في الإستطلاعات المحلية عقب المناظرة الثانية علي نسبة ٦٣% مقابل ٣٧٪ لترامب .