بقلم – مازن إسلام
عانت الدول الأفريقية على مدار السنوات الماضية بسبب الاحتلال الغربي الذي نهب ثرواتها وخيراتها، وأصبحت تبحث الآن عن شريك أكثر موثوقية يدعم تنميتها وازدهارها وليس استغلالها لمنفعته الخاصة.
وبالفعل نجحت الصين – التي لا تمتلك أي تاريخ استعماري – في بناء مجتمع صيني أفريقي ذي مستقبل مشترك للبشرية يعود بالنفع على شعبي البلدين، من خلال استثماراتها اللامحدودة في القارة السمراء، التي وفرت آلاف فرص العمل للعديد من الشباب ومهدت الطرق وخطوط السكك الحديدية لتعزيز الاستثمارات في دول الأفريقية، فضلا عن اتباع دبلوماسية الاستادات لمساعدة الدول الأفريقية في استضافة كافة الأحداث الرياضية الكبرى من خلال بناء استادات رياضية عالمية.
القمة التي تأتي تحت عنوان العمل معا “لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني أفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك” ستركز بكل تأكيد على تعزيز التعاون الاستراتيجي مع دول القارة الأفريقية خاصة في مجال الزراعة فضلا عن مساعدة دول القارة السمراء أيضا في القضاء على الفقر من خلال الاستفادة من تجربة الصين الملهمة في القضاء على الفقر المدقع.
السياق التاريخي
بدأت علاقة الصين بإفريقيا في منتصف القرن العشرين مع إقامة علاقات دبلوماسية ودعم الحركات التحررية في القارة. وعلى مر العقود، تعمقت هذه العلاقة بشكل ملحوظ، خصوصًا مع إطلاق منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (FOCAC) في عام 2000. وقد أصبح هذا المنتدى ركيزة أساسية للحوار والتعاون، مما أتاح العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى وإبرام الاتفاقيات بين الطرفين.
التعاون الاقتصادي
يعتبر التعاون الاقتصادي من أبرز مظاهر العلاقة بين الصين وإفريقيا. حيث تعد الصين مصدرًا رئيسيًا للاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، مع التركيز على مشروعات البنية التحتية مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ. وتندرج هذه المشروعات ضمن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي تهدف إلى تعزيز مسارات التجارة العالمية.
وقد استفادت الدول الإفريقية من الاستثمارات الصينية عبر تحسين بنيتها التحتية، مما ساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية. على سبيل المثال، شهدت شبكة السكك الحديدية في إثيوبيا وأنظمة الطرق في نيجيريا تحسينات كبيرة بفضل التمويل والخبرة الصينية.
العلاقات التجارية
نمت التجارة بين إفريقيا والصين بشكل هائل، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر لإفريقيا، مع تحقيق أحجام تجارية قياسية كل عام. تصدر الدول الإفريقية المواد الخام مثل النفط والمعادن والمنتجات الزراعية إلى الصين، في حين تستورد السلع المصنعة والإلكترونيات والآلات.
تعد هذه العلاقة التجارية متبادلة المنفعة، حيث توفر للدول الإفريقية وصولًا إلى سلع وتقنيات بأسعار معقولة، بينما تضمن الصين حصولها على الموارد الأساسية لاقتصادها المتنامي.
التبادل الاجتماعي والثقافي
تجاوزت العلاقات بين الصين وإفريقيا الجانب الاقتصادي، حيث تم تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين الطرفين. زادت برامج التبادل التعليمي، والمنح الدراسية، والبرامج الثقافية، مما سمح بتوثيق الروابط بين الشعوب. وقد تم إنشاء معاهد اللغة والثقافة الصينية، مثل معاهد كونفوشيوس، في العديد من الدول الإفريقية لتعزيز الفهم والتعاون الثقافي.
التحديات والانتقادات
رغم الفوائد العديدة، فإن العلاقة بين الصين وإفريقيا ليست خالية من التحديات. يشير المنتقدون إلى أن الاستثمارات الصينية قد تؤدي إلى الاعتماد على الديون، وأن بعض المشروعات تفتقر إلى الشفافية والاستدامة. كما توجد مخاوف بشأن التأثير البيئي للمشروعات الكبيرة على البنية التحتية وما يصاحبها من تهجير للسكان المحليين.
ومع ذلك، أبدى قادة إفريقيا والصين التزامًا بمعالجة هذه القضايا من خلال الحوار وتحسين أطر التعاون. كما أن “رؤية 2035 للتعاون الصيني-الإفريقي” تضع أهدافًا طويلة الأجل لتحقيق التنمية المستدامة، والتجارة، والاستثمار، بما يهدف إلى خلق شراكة متوازنة ومنصفة.