كان مسمى الطبيب زمان هو ” الحكيم “، فقد كان الكثيرين من الأطباء حكماء بالفعل ملمون إلى حد كبير بكيفية علاج الكثير من العلل والأمراض المختلفه، ولم تقف معلوماتهم عند حدود تخصص معين نتيجة لمستوى التعليم الطبى والتدريب الجيد فى ذلك الزمان الذى كان يؤهل الطبيب للعمل وحده فى أماكن بعيدة أو أماكن نائيه، مما كان يجعله قادرا على علاج العديد من الأمراض المختلفة.. بل و إجراء بعض العمليات الجراحية أيضا بإمكانات متواضعه، ولم يكن فى أغلب الأحيان بحاجة لأن يدفع مريضه إلى اللجوء لطبيب آخر قد يراه أكثر خبرة وتخصصا منه فى حالته المرضية إلا فيما ندر من الحالات الصعبه، ولعله كان يشارك ذلك الطبيب الآخر فى الكشف ومناقشة حالة مريضه معه وربما استدعيا طبيبا ثالثا إذا إقتضت الحالة ذلك، وهو ماكان يعرف ب “الكونسولتو”، وهو مالا يعرفه الكثيرين من أطباء اليوم وعلى الأخص صغارهم، والذين يتجاهل بعضهم آراء من قد يكون المريض قد لجأ إليهم قبل مجيئه إليهم، ويكون أول ما يسمعه منهم ” سيبك من هذا العلاج وخد علاجى ” وربما تقول على الطبيب الأسبق وعلى علاجه.
ولذلك كان ذلك الحكيم يستطيع الموازنة بين ما يلزم المريض من علاج وبين الآثار الجانبية لهذا العلاج على الأعضاء الأخرى.
ورغم ما فى تواجد تخصصات عديدة تزداد كل يوم فى هذا الزمان من مميزات إلا أن الكثيرين من أصحاب هذه التخصصات قد تقف خبرتهم العملية عند تخصصهم فقط ولا يتجاوزونها تقديرا أو إحتراما للتخصص كما يقولون، ومن ثم فقد لا يهتمون بل ولا يعلم بعضهم الكثير عما يصيب أعضاءا أخرى من بدن المريض بالإعتلال ربما تكون هى من مسببات إعتلال ذلك العضو الذى يهتم به بعا لتخصصه، فتكون النتيجة فى بعض الأحيان وبالا على المريض وأهله.
كذلك كثيرا ما لا يراعى البعض الحالة النفسية للمريض الذى قد يطول علاجه ومكوثه بالسرير وعلى الأخص بعض مرضى الرعاية المركزه، حيث لا يسمحون بوجوجود مرافق لهم لأكثر من الساعة المحددة للزياره وهو ما ينعكس على الحالة النفسية للمريض حين يجد نفسه وحيدا طوال نحو ال 23 ساعة الباقية من اليوم وقد يضاعف من شدة مرضه أو يقلل من استجابته للعلاج العضوى.
لقد تناسى الكثيرين من أطباء اليوم أن ليست مهمة الطبيب هى فحص المريض وكتابة العلاج الدوائى أو غيره، وإنما مهمته الأولى هى طمأنة المريض وتخفيف آثار مرضه بالكلمة الطيبة والتشجيع على إحتمال المرض أو العلة مصداقا لقول الله عز وجل لنبيه موسى أن مهمة الطبيب هى أن يطيب نفس المريض الذى هو سبحانه من سيشفيه، ويلتمس رزقه.
فيا كل الأطباء لابد من الإهتمام بالحالة النفسية للمريض وأن لا يحول التخصص دون العلم الكافى بما حوله أو خارجه من الأمراض والعلل. حتى يمكنكم الوصول للعلاج اللازم للمريض بصورة أفضل وأدق.