ما حدث في التعليم قبل الجامعي والجامعي خلال السنوات العشر الماضية ليس مجرد تطوير عادي وإنما هو بمثابة ثورة تعليمية وقفزة سريعة وقوية نحو المستقبل من خلال إعادة هيكلة حقيقية للنظام التعليمي المصري.
والدولة في سعيها لتطوير منظومة التعليم وضعت نصب أعينها وضع التعليم المصري مقارنة بالأنظمة التعليمية ذات السمعة الدولية المتميزة وموقع الخريج المصري في سوق العمل الدولي ومن ثم اتخذت مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة لتحسين وضع النظام التعليمي في التصنيفات الدولية وربط التعليم المصري بسوق العمل العالمي وليس المحلي فقط ووضع الخريج المصري أيضا على خريطة وظائف المستقبل، وقد تعددت المحاور التي اهتمت الدولة بالعمل عليها لتطوير التعليم والتي منها:
– البنية التحتية والتجهيزات : إنشاء المزيد من المدارس والفصول وتطوير البنية التحتية للكثير من المدارس وتزويدها بالوسائل التكنولوجية الحديثة التي تيسر عملية التعلم وتساعد على تحقيق الأهداف التربوية وإمداد طلاب المدارس الثانوية بأجهزة التابلت وتجهيز وإعداد المنصات الاليكترونية التفاعلية و القنوات التليفزيونية المتخصصة (مدرستنا 1, 2, 3).
– تطوير المناهج: بدأت الدولة في تطوير المناهج حيث تم تطوير 48 منهجًا جديدًا تقريبا , وقد روعي في تطوير المناهج أن تكون متوافقة مع المعايير الدولية وقد تضمنت المناهج التي تم تطويرها مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وجاري الانتهاء من المرحلة الإعدادية ثم يعقبها البدء في المرحلة الثانوية.
– تطوير الثانوية العامة: تحظى الثانوية العامة باهتمام خاص لدى الأسرة المصرية لذلك فقد حظيت بالنصيب الأكبر من التطوير حيث تم تعديل وتطوير نظام الامتحانات بحيث أصبحت أكثر دقة وكفاءة باعتماد نظام البوكليت في كراسة الأسئلة والبابل شيت في الإجابة والتصحيح الآلي والذي يضمن قدرا كبيرا من الدقة والموضوعية حفاظا على حقوق الطلاب , كما تم تطوير مخرجات التعلم والتركيز على الوصول إلى المستويات المعرفية العليا والتي تتضمن الفهم والتطبيق والتحليل والتركيب وليس مجرد الاقتصار على الحفظ, وتم توفير المنصات التعليمية والقنوات التليفزيونية وتوفير جهاز تابلت لكل طالب, وجاري الإعداد لحوار مجتمعي موسع لتطوير نظام الثانوية العامة واستحداث نظام المسارات وهو نظام جديد يهدف إلى تقليل الضغوط وتخفيف العبء عن كاهل الأسرة المصرية وإتاحة المزيد من الفرص التعليمية المتميزة للطلاب ومواكبة التخصصات الجديدة.
– التعليم الفني : حظي التعليم الفني بنصيب كبير أيضا من التطوير الذي شهده النظام التعليمي في السنوات العشر الماضية سواء على مستوى التعليم قبل الجامعي أو التعليم الجامعي الفني فقد تمت عملية إعادة هيكلة وإعادة صياغة للتعليم الفني بالكامل ويمكن وصف ما حدث بالتعليم الفني بأنه تغيير جذري حيث تم إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية وهي مدارس متميزة تقوم على الشراكة بين سوق العمل ووزارة التربية والتعليم وتعمل على تدريب الطلاب وفقا لآخر المستجدات في سوق العمل وعلى التكنولوجيا المستخدمة في الصناعات المختلفة وعدد هذه المدارس تقريبا 71 مدرسة موزعة على أنحاء الجمهورية و تم استحداث 29 برنامجا تعليميا جديدا من خلال هذه المدارس , وعلى صعيد المناهج تم تطوير ما يقرب من 75% من المناهج وفق منهجية الجدارات وجاري استكمال تطوير باقي المناهج
اما على صعيد التعليم الفني الجامعي فقد تم استحداث الكليات التكنولوجية لتتيح لخريجي المدارس الفنية والتكنولوجية استكمال الدراسة الجامعية والحصول على درجات علمية عالية ذات طابع مهني تمكنهم من اكتساب المزيد من الخبرات التي يتطلبها سوق العمل وبالتالي زيادة فرصة الترقي المهني ورفع سقف الطموح المهني والعلمي. , وقد انعكست هذه الإجراءات على نظرة المجتمع للتعليم الفني حيث تحولت النظرة من سلبية إلى إيجابية وقد بدا ذلك واضحا من خلال الإقبال الكبير على مدارس التكنولوجيا التطبيقية وعلى الكليات التكنولوجية من قبل الطلاب وأولياء الأمور, ونتيجة لهذه الجهود فقد تقدم التعليم الفني فى مصر من المركز 113 على مستوى العالم إلى المركز 46.
– التعليم الجامعي: حظي التعليم الجامعي بنصيب وافر أيضا من الاهتمام , حيث أنشئت العديد من البرامج الجديدة والتخصصات الحديثة والكليات الجديدة أيضا والتي تهتم بتدريس مجالات أكاديمية حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها , وقد أصبحت هذه التخصصات قادرة على جذب اهتمام الطلاب وأصبحت مجالا للتنافس بينهم
كما تم تطوير نظم الامتحانات والتقويم وتطوير المناهج واللوائح في العديد من الكليات والتخصصات الأخرى وعلى رأسها كليات التربية وهي الجهة الأكاديمية المنوطة بإعداد وتدريب المعلمين, كما تم إنشاء الجامعات الأهلية وهي جامعات غير هادفة للربح يقوم الطالب الراغب في الالتحاق بها بدفع مصروفات أقل مقارنة بالجامعات الخاصة والدولية ويتم توجيه هذه المصروفات لتطوير العملية التعليمية في هذه الجامعات وتتضمن تخصصات فريدة ومرتبطة بشكل كبير بالبيئة المحيطة بالجامعة من حيث التخصصات التي تتضمنها والمشكلات التي تهتم بمعالجتها من خلال التدريس والبحث العلمي, وهي جامعات ذات ارتباط وثيق أيضا بسوق العمل, ونتيجة لهذه الجهود فقد تم إدراج 79 مؤسسة تعليمية مصرية في تصنيف ويبومتركس وفقا لنسخة يناير 2024
كما أن تقرير ويبومتركس أشار إلى تواجد عدد (6) جامعات مصرية ضمن قائمة أفضل 1000 جامعة على مستوى الجامعات التي يتضمنها التصنيف والتي تضم 32 ألف مؤسسة تعليمية على مستوى العالم أنحاء العالم
وأشارت تم إدراج عدد (13) جامعة مصرية بتصنيف QS للتخصصات الجامعية لعام 2024، علما بأن هذا التصنيف يهتم بترتيب أفضل 15,559 جامعة على مستوى العالم. وهذه تعتبر شهادات عالمية للتعليم المصري تؤكد على أن التطوير الذي يشهده النظام التعليمي هو تطوير حقيقى وله صدى على الصعيد الدولي , كما أن معدل الثقة في الخريج المصري وفي النظام التعليمي المصري يزداد بالضرورة تبعا لتقدم مصر في التصنيفات الدولية.
الدكتور عاصم حجازي: أستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوي المساعد- جامعة القاهرة