المجتمع الدولي والمصير المشترك
إن تصاعد الدور العالمي للصين وتواجدها بقوة كلاعب أساسي في السياسة الخارجية العالمية والتأثير فيها بجانب الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، وكذلك في ظل مبادرة “مجتمع ذو مستقبل مشترك للبشرية” يرسخ لمنظومة التعددية القطبية عالميا خصوصا في ظل سياسات امريكا الداعمة لإشعال فتيل الحروب في العالم شرقا وغربا فتضحي مجتمعات مفككة متصارعة لا يجمعها إلا ساحة القتال والتناحر لتضمن استمرار قطبية أحادية الجانب وترسم بذلك صورة قاتمة للبشرية وتقطع شرايين مستقبلها لتموت مبكرا؛ وهذا يتعارض تماما مع المبادرة الصينية التي تتمثل في الدفع بمجتمع المستقبل المشترك للبشرية قدما إلى الأمام من خلال تحقيق الأمن والسلام الشامل والدائم في جميع بلدان العالم والبحث عن الرخاء المشترك وتبادل المنافع بين شعوب العالم من خلال تنمية مشتركة مربحة للبلدان وتوفير ضمانات لخلق فرص متساوية وتقاسم المنافع بما يخدم الشعوب ويدفع تنميتها وازدهارها بقوة. ويوقف نزيف دماء البشرية التي تتحكم فيه مصانع الأسلحة الأمريكية عن طريق إذكاء النزاعات في مختلف بلدان العالم للمساهمة في زيادة مكاسبها دون توقف لحظه بفضل توجيهها للساسة الأمريكيين لدعم مخططاتهم في تقوية الصراعات.
ولم تكن مبادرة “مجتمع المستقبل المشترك للبشرية” التي أطلقها الرئيس الصيني في مارس 2013 من موسكو مجرد شعارات تعبيرية رنانه لدغدغة شعور المجتمعات بل اعتمدت على أسس وخطوات وصندوق للتعاون بقيمة 100 مليار دولار وتعود فوائده وإسهاماته على البشرية تنمويا وثقافيا وعلميا وتكنولوجيا بيئيا وصحيا وأمنيا تحت أسس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة. ووفقا للمثال العربي رب ضارة نافعة كان الجائحة “كوفيد” العالمية خير برهان على أهمية المجتمع ذو مستقبل مشترك للبشرية حيث أثبتت الوقائع بعد إنتشار كوفيد أهمية التعاون بين جميع البلدان لضمان سلامة كل الشعوب. وكان مثال الصديق وقت الضيق خير نموذج ينطبق على التعاون المتبادل الصيني العربي في بناء مجتمع المستقبل المشترك حيث لم تدخر الدول العربية وعلى رأسها مصر جهدا في الحفاظ على سلامة وصحة الشعب الصيني. وقدم الصينيون والعرب مساهمات إيجابية في الحفاظ على الصحة العامة في العالم .وأظهرت الصين دورها القوي كقوة مسؤولة في جائحة كورونا في دعم العالم على نطاق واسع وأشادت بها الشعوب العربية من خلال تقديم مساعدتها للدول في القضاء على هذه الجائحة. وساهمت في تقديم المساعدات للدول في إطار مكافحة الوباء تتمثل في توزيع لقاحات وتعاون صحي وكانت الدول النامية في مقدمة الدول التي تدعمها الصين وعلى رأسها الدول الأفريقية. ولذا فإن المبادرة الصينية تعكس المصير الواحد للشعوب في التنمية والصحة والأمن وإن بناء مجتمع المستقبل المشترك يقدم حلولا للقضاء على القصور الأمني العالمي وتمسك بالسلام وتنمية والإنصاف والعدالة وهي نفس الركائز التي تعتمد عليها عملية التحديث الصيني النمط وهي التعاون والأمن والسلام والتنمية.
مبادرة الحزام والطريق
وكانت مبادرة الحزام والطريق التي تم إطلاقها في نفس عام 2013 هي المنصة العملية للتعاون الدولي لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وعلى مدار 11 عاما تحولت الرؤية إلى واقع يشارك فيها أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم. وتتدفق إلى مشروعاتها حوالي تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات العالمية. وانتشلت المبادرة حوالي 40 مليون شخص من الفقر في البلدان الواقعة على طول مبادرة الطريق.
الصين والعرب والمستقبل المشترك للبشرية
من المعلوم للعرب أن الصين تنتهج سياسة خارجية مستقلة قائمة على السلام و تعارض التدخل في الشؤون الداخلية للدول. بل تدعم اعطاء الحق أولا والوقوف بجانب الدول النامية والقضايا المصيرية والوصول الى وئام وسلام بين الدول وإطفاء حرائق الحروب المشتعلة. الصين لم تدخل في صراع أو حرب أو احتلال دولة بل ناضلت ضد الاحتلال وما زال موقف الصين مناهض للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وممارساته الأخيرة بل من خلاله سياستها الخارجية الى القيام بوساطات واستغلال نفوذها في الساحات الدولية لإيقاف آلة الحرب والوصول الى مائدة التفاوض وحل الدولتين بما يؤدي الى استقرار منطقة الشرق الأوسط برمته ف الصين والدول العربية تمتلك تاريخ عريق من التبادلات منذ طريق الحرير القديم ولم تتغير روح التعاون المتبادل والصداقة حتى في ظل التغييرات الكبيرة التي يشهدها العالم. وبناء مجتمع المستقبل المشترك سيجلب فرصة تنمية هائلة للصين والعرب .وان الرغبة المشتركة للطرفين في التنمية تدفعها بقوة لتحقيق ذلك بما سينقذ ويساعد الاقتصاد العالمي على الخروج من أزماته نحو الانتعاش وسيؤدي إلى تعدد الأقطاب في العالم.
مصر والصين والمستقبل المشترك
ولا ينكر أحد دور مصر والصين في السعي الحقيقي نحو نشر السلام والعمل عليه إلا جاحد أو جاهل فالدولتين دوما تعملان على حل الصراعات وتحقيق العدالة وكذلك تربطهما بعضهم البعض بعلاقات تاريخية قويه وممتدة وصداقة عميقة.
فمصر لها دور عربي ودولي وافريقي واسع. وتعلم الصين حقيقته جيدا، ولذا قامت بالمواءمة بين مبادرة الحزام والطريق ورؤية مصر 2030. وذلك بهدف تحقيق تنمية وتعاون مشترك و منافع متبادلة.. فمصر التي لها دور عربي ودولي وافريقي واسع تعلم الصين حقيقته جيدا ولذا قامت بالمواءمة بين مبادرة الحزام والطريق و رؤية مصر 2030 وذلك بهدف تحقيق تنمية وتعاون مشترك ووجدنا ولحظنا في آخر زيارة لوزير الخارجية الصيني لمصر.
الصداقة بين مصر والصين راسخة كالصخر كما قال الوزير. وأكد أن الصين تتطلع إلى تضافر الجهود مع مصر بهدف إقامة “مجتمع صيني مصري ذو مستقبل مشترك”. ووجدنا ولاحظنا في آخر زيارة لوزير الخارجية الصيني لمصر وانج وي أن الصداقة بين مصر والصين راسخة كالصخر، هذا النموذج سيكون النموذج الذي يحتذى به في بناء مجتمع صيني عربي وصيني أفريقي. لمستقبل مشترك للجميع ولعل هذا يدل على متانة العلاقات الصينية المصرية.
مصر هي قاطرة بناء مجتمع ذو مستقبل مشترك للبشرية. مصر تسعى إلى نشر الاستقرار والسلام وتسعى من خلال المبادرة إلى تحقيق المنافع المتبادلة والربح للجميع.