في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية “اتكلم عربي”، نظمت وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج بالتعاون مع منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة “اليونسكو”، حلقة نقاشية بعنوان “اللغة العربية: مصدر الإلهام والإبداع”، قصر الأمير محمد علي بالمنيل، شهدتها السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، والدكتورة نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة، والدكتور مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، كما شهدها أيضا عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والدكتور وسيم السيسي عالم المصريات الكبير، والموسيقار الكبير هاني شنودة، ومجموعة من كبار الكُتاب والأدباء والمفكرين والشخصيات العامة،
أدارت الحلقة النقاشية أ. أريج عطالله أخصائية برامج في قطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية في مكتب اليونسكو بالقاهرة، وشارك فيها كل من: د. أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأ. أمينة همشري، المستشار الإقليمي لقطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية في مكتب اليونسكو بالدوحة، ود. سماح أبو بكر عزت، الكاتبة وسفيرة شؤون الطفل في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، وأ. إسراء صالح، المؤسس والمدير التنفيذي لمبادرة “سوبر أبلة”، وأ. محمود جودة، كاتب وأديب فلسطيني.
أعربت أريج عطالله عن أن اللغة العربية ركن من أركان الإبداع، مشيرة إلى أن الحضور في الفعالية يؤكد أن اللغة ماتزال ثرية ويمكن الاستفادة من هذا الشغف بشكل أكبر.
فيما قال د د. أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن اللغة العربية احتوت في ثوبها لغات شتى، وباتت لغة طيعة تنشر السماحة الروحية، فنطرب لسماع اللغة العربية البسيطة، لما تنشره من فنون الإبداع شعرا ونثرا، ومشيرا إلى سيمفونية اللغة العربية التي لم تكن أبدا في معزل، ولكنها اشتبكت والتحمت وتزاوجت مع غيرها، حيث أثرت في الإسبانية مثلا بنحو 18 ألف كلمة، بل ومختلف اللغات.
وتابع بهي الدين أن اللغة العربية لغة يسيرة نمتلكها كما امتلكها القدماء، على حد وصف عميد الأدب العربي طه حسين، مضيفا أن اللغة العربية الممصرة كانت سببا من أسباب انتشار النقلة الروحية للغة العربية، ومن بينها قصائد على غرار البردة ونهج البردة وغير ذلك من بدائع الشعر العربي، ما يجعلنا نحكي عنها بفخر، لتشكل نسقا من أنساق ثقافتنا، التي يجب علينا الحديث عنها بفخر لأبنائنا في الداخل والخارج.
وبدورها، أشادت د. سماح أبو بكر عزت، الكاتبة وسفيرة شؤون الطفل في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، بما تقدمه المبادرة في القرى والصعيد، لزرع القيم والمثل العليا في أطفالهم، مضيفة أنها طافت مئات القرى حول الجمهورية تتحدث إلى أصحاب المستقبل من أطفالنا، متابعة أنها عضو في جمعية حماية اللغة العربية، وتحرص على غرسها في نفوس الأطفال، عن طريق سلاسل قصصية للأطفال
وحرصت د. سماح أبو بكر عزت على اصطحاب دميتها “ريهام” والتي تستخدمها لتعليم الطفل اللغة العربية، ومن بينها قصة “العام الدراسي الجديد” والتي توضح معاني بعض الكلمات باللغة العربية للأطفال بصورة ميسرة، وكذلك قصة “لكل مقام مقال” وتحكي عددا من الأمثال والعبارات الشائعة ومواضع استخدامها.
ووجهت د. سماح خالص التحية للسفيرة سها جندي على جهودها في مبادرة “اتكلم عربي” لتعزيز الهوية وصون اللغة التي تراها في سلاسة الحرير وقوة الحديد، وأنها لغة المشاعر والعلم والتقدم إن حافظنا عليها، متابعة: إن زرعنا اللغة العربية في نفوس أبنائنا حصدنا وعيا وثقافة وعلما.
من جانبها، قالت أمينة همشري، المستشار الإقليمي لقطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية في مكتب اليونسكو بالدوحة، إن منظمة اليونسكو تقوم بدور بارز لخدمة اللغة العربية، ضمن جهود المنظمة لدعم التنوع الثقافي، وذلك منذ نشأة اليونسكو عام 1945، لتعزيز حوار الثقافات تحت مظلة الإنسانية، مضيفة أن اللغات وعاء الثقافات وتعكس حضارات أصحابها، وكذلك النهضة في مختلف المجالات، بجانب ما تمثله من تراث ثقافي ينبغي صونه، بما تضمه اللغة من تراكيب وأمثال ومرادفات وغيرها.
وذكرت همشري أن اليونسكو أطلقت 2022 مبادرة “الثقافة العربية اللاتينية” ArabLations، والتي تضم أكثر من 20 دولة عربية في المنطقة، بجانب دول من أمريكا اللاتينية، منها شيلي والبرازيل وغيرهم، لتلقي الضوء على القواسم المشتركة على الثقافتين العربية واللاتينية، واللتان يتحدث بهما الملايين سواء من البلدان الناطقة بهما أو الأشخاص في المهجر، في مختلف دول العالم، مشيرة إلى دور اللغة العربية في الأدب والثقافة والعلوم المختلفة، على مدار مئات السنين.
أوضحت إسراء صالح، المؤسس والمدير التنفيذي لمبادرة “سوبر أبلة”، أننا بحاجة لزيادة الاهتمام لأبنائنا بالخارج، حيث جرت إحصائية على 120 طالب في المرحلة الابتدائية، من بينهم طلاب في 9 دول عربية، فوجد نحو 60% منهم لا يجيدون القراءة والكتابة، مشيرة إلى مبادرتها تستهدف الأطفال من 2.5-8 سنوات بطريقة مبسطة، مضيفة: “أنا من جيل بوجي وطمطم وبكار وأبلة فضيلة وقصص الأنبياء ولذلك فهذا المزيج حرصت على توظيفه في محتوى مناسب للأطفال، لأنني لمست بنفسي حاجة أطفالنا لذلك، وبشكل خاص مع انشغال الأسر المصرية بالخارج، وهدفي أن نساعد الأسر ليستمر عشق العربية”.
فيما أوضح الكاتب والأديب الفلسطيني محمود جودة، أن اللغة العربية حفظت الثقافة والتراث العربي، فباتت هذه اللغة التي يتحدث بها نحو 400 مليون شخص، مشيرا إلى أن ثقافة العرب كانت تتفاخر بالشعراء منذ القدم، ولذلك تستمر اللغة حية، حتى الآن، رغم اندثار نحو 300 لغة حول العالم، حتى الآن.
وأضاف جودة أن هناك شعراء فلسطينيين كانوا سببا في صون الهوية الفلسطينية والحفاظ على تراثها، ومن ذلك ما أبدعه محمود درويش، فدوى طوقان، وكتابات إدوارد سعيد، وغيرهم من أدباء فلسطين الذين أسهموا بكتاباتهم في ربط النشء بالأرض ومعرفة تاريخهم، مؤكدا أن مجرد وجود لوحات المركبات والمحال والمنشآت باللغة العربية فخر أن يكون في مصر الغالية، وهو ما نفتقده في فلسطين، والتي لا تكاد ترى إلا العبرية أو الإنجليزية..