قبل أيام، عقدت الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي بنجاح في بكين، بمشاركة ممثلي 151 دولة و41 منظمة دولية، وتجاوز عدد المسجلين 10 آلاف شخص. وألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة رئيسية في الجلسة الافتتاحية، حيث استعرض إنجازات بناء “الحزام والطريق” في العقد الماضي ولخّص التجارب الناجحة، وأعلن عن “الأعمال الثمانية” لدعم التعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، الأمر الذي حدد الاتجاه الجديد لـ”الحزام والطريق” وفتح له آفاق جديدة وضخ فيه حيوية جديدة.
إن أوضح رسالة لهذا المنتدى هو التضامن والتعاون والانفتاح والكسب المشترك. بعث المنتدى رسالة واضحة إلى العالم، مفادها دعم التضامن والتعاون والانفتاح والكسب المشترك، بدلا من الانقسام والمجابهة والانغلاق واللعبة الصفرية. في ظل التغيرات غير المسبوقة منذ مائة عام، يجلب التعاون في بناء “الحزام والطريق” للعالم دائما الاستقرار والطاقة الإيجابية.
إن أهم توافق لهذا المنتدى هو فتح مرحلة جديدة لبناء “الحزام والطريق” بجودة عالية. تدعم كافة الأطراف زيادة تعميق التواصل والترابط، وتدعو إلى تسريع بناء “طريق الحرير الرقمي”، وتعميق التعاون في “طريق الحرير الأخضر”، وتتطلع إلى تعزيز التعاون العملي على نحو شامل، والدفع بتحرير وتسهيل التجارة والاستثمار، وإقامة فعاليات متنوعة في مجالات الفن والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والسياحة والصحة والرياضة.
إن أطمح رؤية لهذا المنتدى هو التعاون في تحقيق التحديث في العالم. لا تسعى الصين إلى التحديث بوحدها، بل تتطلع إلى العمل مع كافة الدول النامية لتحقيق التحديث. إن هذه الرؤية الطموحة تتطابق مع مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتحدد الاتجاه للتعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية.
إن أبرز سمة لهذا المنتدى هو التركيز على اتخاذ الخطوات والفعالية. أعلن الرئيس شي جين بينغ عن الأعمال الثمانية لدعم بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، بما فيه بناء شبكة “الحزام والطريق” شاملة الأبعاد للتواصل والترابط، ودعم بناء الاقتصاد العالمي المنفتح، وإجراء التعاون العملي، وتدعيم التنمية الخضراء، والدفع بالابتكار التكنولوجي، ودعم التواصل الشعبي، وبناء طريق النزاهة، واستكمال آليات التعاون الدولي في بناء “الحزام والطريق”. خلال المنتدى، توصلت كافة الأطراف إلى 458 منجزا، بما فيه “مبادرة بكين بشأن تعميق التعاون في مجال التواصل والترابط”، و”مبادرة بكين بشأن التنمية الخضراء في إطار الحزام والطريق”، و”مبادرة بكين بشأن التعاون الدولي للاقتصاد الرقمي في إطار الحزام والطريق” وغيرها من مبادرات التعاون المهمة والترتيبات المؤسسية، وكذلك الأهداف المحددة مثل تدريب 100 ألف شخص للدول الشريكة في مجال التنمية الخضراء بحلول عام 2030، وزيادة عدد المختبرات المشتركة إلى 100 مختبر. كما تم التوقيع على العقود التجارية بقيمة 97.2 مليار دولار أمريكي خلال مؤتمر رجال الأعمال، بما يساهم في خلق المزيد من فرص العمل والنمو لكافة الدول. بالإضافة إلى ذلك، قرر الاجتماع تشكيل الأمانة العامة للمنتدى، لتلعب دورا في البناء المؤسسي وتنفيذ المشاريع.
كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقة الدبلوماسية مع الصين الجديدة، وهما صديقان حميمان يشاركان الأهداف الطموحة والثقة المتبادلة، وشريكان عزيزان يسعيان وراء التنمية المشتركة والازدهار المشترك. في السنوات العشر الماضية، أجرى البلدان التعاون المثمر في إطار “الحزام والطريق”، وحققا تقدما ملحوظا في التواصل والترابط في مجالات السياسة والبنية التحتية والتجارة والمالية والتواصل الشعبي.
على هامش المنتدى، التقى الرئيس شي جين بينغ مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، الذي زار الصين لحضور المنتدى، حيث أشاد الجانبان بالنتائج المثمرة التي حققها التعاون الصيني المصري في بناء “الحزام والطريق”، وتوصلا إلى توافقات مهمة حول التعاون بين البلدين في المستقبل. وقال الرئيس شي جين بينغ إن السنوات العشر الماضية شهدت التعاون المثمر بين الصين ومصر في إطار “الحزام والطريق”. إن الصين تدعم مصر للسير في طريق التنمية الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية، وتحرص على تعميق المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، وتشجع الشركات الصينية ذات الإمكانية على الاستثمار ومزاولة الأعمال في مصر، وترحب بدخول المزيد من المنتجات المصرية الممتازة إلى السوق الصينية. تحرص الصين على العمل مع مصر على حسن تنفيذ نتائج الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي، وتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والتقنيات الزراعية والطاقة المتجددة، وتوسيع التواصل الشعبي، بما يدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى الأمام.
من جانبه، قال الدكتور مصطفى مدبولي إن مصر تعتبر الصين قدوة لدول الأسواق الناشئة والدول النامية، وتشكر الصين على دعمها الغالي وطويل الأمد. وساهم التعاون في بناء “الحزام والطريق” في رفع مستوى النقل والخدمات اللوجستية في مصر بشكل كبير، مما دفع بقوة التنمية الاقتصادية في مصر. وتتطلع مصر إلى تحقيق تقدم أكبر في كافة أوجه العلاقات الصينية المصرية، مستعدة للمضي قدما في بناء “الحزام والطريق”، وتتطلع إلى قدوم المزيد من الشركات الصينية للاستثمار ومزاولة الأعمال في مصر، مستعدة لتوفير لها الدعم السياسي والضمان الأمني.
كإنجاز مهم للمنتدى، نجحت مصر في إصدار “سندات الباندا” بقيمة 3.5 مليار يوان في الصين في يوم 16 أكتوبر، مما أصبحت أول دولة إفريقية أصدرت هذه السندات، الأمر الذي يدعم بقوة عملية التحول الاقتصادي الأخضر في مصر. في يوم 30 أكتوبر، قدم بنك التنمية الصيني قروضا بقيمة 7 مليارات يوان إلى البنك المركزي المصري. كما التقى الدكتور مصطفى مدبولي مع الكثير من ممثلي الشركات الصينية، وعمل على إنجاح دفعة من مشاريع التعاون، مما وسع مجالات التعاون الصيني المصري في بناء “الحزام والطريق”.
في المستقبل، ستعمل الصين ومصر على تنفيذ مخرجات المنتدى، واستخدام المعدات الصينية والمنتجات الصينية لمساعدة مصر في تعزيز البنية التحتية، واستخدام التقنيات الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من الطاقة المتجددة، وإيجاد نقاط النمو الجديدة في مجالات الطيران المدني والفضاء والتقنيات الزراعية والاقتصاد الرقمي وتقنيات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والصحة العامة، بما يدفع العلاقات الصينية المصرية إلى مستوى أعلى.
في السنوات العشر الماضية، قامت الدول المشاركة في بناء “الحزام والطريق” بتكريس روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وركزت على التواصل والترابط ودفعت التواصل في مجالات السياسة والبنية التحتية والتجارة والمالية والتواصل الشعبي، وحققت التلاحم للاقتصاد والتفاعل في التنمية والمشاركة لإنجازات التنمية. يدل نجاح هذا المنتدى مرة أخرى على أن الصين تسير في الاتجاه الصحيح لدفع “الحزام والطريق”، وأن كافة الدول تمتلك الثقة الثابتة للمشاركة في بناء “الحزام والطريق”، وأن بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية مقبل على مستقبل مشرق. عند نقطة الانطلاق الجديدة، نتطلع للعمل مع كافة الأطراف على إطلاق مسيرة جديدة، بما يفتح مستقبلا جميلا لكافة الدول نحو التحديث!