عقدت إدارة تحرير مجلة الدبلوماسي ندوة لمناقشة كتاب “وزارة الخارجية المصرية ورحلة في أرشيفها السري القديم” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب في سبتمبر ٢٠٢٣ للدكتورة إلهام عبد الجليل الأستاذ المساعد لعلم الوثائق والأرشيف بجامعة الأزهر اليوم الأحد ١٥ أكتوبر بالنادي الدبلوماسي النهري.
وترأست الندوة السفيرة منى عمر رئيس مجلس إدارة النادي الدبلوماسي المصرى، وتحدث فيها السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية وقدمت الأستاذة الدكتورة سلوى ميلاد رائدة علم الوثائق فى مصر وأستاذ الوثائق المتفرغ بكلية الآداب جامعة القاهرة ملاحظات افتتاحية، بينما أدار الندوة السيد السفير عمرو الجويلى محرر “ديوان القراءات الدبلوماسية” بالمجلة.
وعبرت السفيرة منى عمر، في كلمتها الافتتاحية، عن سعادتها باستضافة النادي الدبلوماسي للندوة باعتباره البيت الذى يجمع الدبلوماسيين المصريين واعتزازهم بتاريخ وزارة الخارجية التي ينتمون إليها. ومن جانبه، أشاد السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق بجهود توثيق عمل الدبلوماسية المصرية مطالباً بأن يكون الموضوع أحد المواد التي يدرسها طلبة الاقتصاد والعلوم السياسية من جانب وشباب الدبلوماسيين المتدربين بمعهد الدراسات الدبلوماسية من جانب آخر، مضيفاً أن المجلس يساهم بدوره في عملية التوثيق هذه.
وعرضت دكتورة سلوى ميلاد لمنهاجية علم الوثائق المرتبط بشكل ونمط معين يكسبها المصداقية اللازمة للبحث، مؤكدة أن الوظيفة الأول لدار الوثائق يجب أن تكون الإتاحة بما يحقق فرصة التعلم من تجارب التاريخ في سياسات الحاضر لتشكيل واقع المستقبل، مؤكدة أن القانون يسمح بذلك آملة فى التنفيذ الدقيق له من خلال الإفراج عن الوثائق للباحثين. وأثنت على الكتاب الخاص بأرشيف وزارة الخارجية الذى حقق إعادة لأرشفة تلك الوثائق وإعداد قاعدة بيانات به، لكنه ما زال يمثل قطرةً في بحر بما يتطلب قيام باحثين آخرين باستكمال رحلة الدراسة والتوثيق.
واستفاضت الدكتورة إلهام عبد الجليل في عرض محتويات الكتاب الذى يغطى الأرشيف السرى لوزارة الخارجية من ١٨٤٨ إلى ١٩٦٠، منذ عصر محمد على ونشأة ديوان التجارة والأمور الأفرنكية من ضمن ٧ دواوين حكومية للدولة المصرية الحديثة. وأبرزت أن مؤسسة وزارة الخارجية كانت دوماً رمزاً للسيادة حاول الاحتلال البريطاني، دون نجاح، فى طمسه إبان فرض الحماية البريطانية على مصر، لكن حتى خلال اختفاء الوزارة من الهيكل الحكومى ظل الكيان الإدارى فاعلاً، حتى أن عادت مع إلغاء الحماية لتترسخ مع معاهدة ١٩٣٦ وأكثر فأكثر مع جلاء الاستعمار البريطاني بالكامل واستمرت في التطور خلال فترة البحث حتى خلال الوحدة بين مصر وسوريا التي أنشأت الجمهورية العربية المتحدثة فتم تقسيم النشاطين الدبلوماسي والقنصلي فيما بين مصر وسوريا.
وعرضت الكاتبة لقانون ٣٥٦ لعام ١٩٥٤ الذى بناء عليه تم إنشاء دار الوثائق القومية لتحفظ ذاكرة مصر الوطنية بما يدعم التاريخ المبنى على الوثائق وكيلا يقتصر التأريخ على الروايات الشفهية، فقد ساهمت وزارة الخارجية فى الحفظ الوسيط لتلك الوثائق قبل انتقالها إلى دار الوثائق عام ١٩٦٠. وأبرزت التحديات التي تواجه الباحث الموثق كون أن مسموح له الاطلاع فقط دون التصوير، وهو ما دفعها أيضاً إلى إعداد خطة تصنيف تلك الوثائق بين رئيسية وفرعية، وإعداد بطاقتي وصف وأرشفة لها بما سيسهل عمل الباحثين في المستقبل باستخدام قاعدة البيانات الإلكترونية التي تم تطويرها.
من جانبهم، أبرز الحضور من السفراء الرواد أهمية استكمال البحث من خلال الدراسة الأرشيفية المقارنة لما هو منشور في الدول الأخرى تصحيح السرديات الأجنبية، مؤكدين أن الوثائق الوطنية هي جزء من الهوية القومية وركناً أساسياً في تدقيق الروايات التاريخية بما يتطلب تخصيص مجموعات من الباحثين المتخصصين في دراسة وثائق وزارة الخارجية وتحليل عملهم الدبلوماسي الوطني عندما تنقضي فترة الحظر والسرية.
واختتم السفير عمرو الجويلى، الذى أدار الندوة، بالإشارة إلى أن مجلة الدبلوماسي التي يرأس تحريرها السفير رضا الطايفى بادرت بإنشاء قسم جديد منذ إعادة إصدارها في طبعة إلكترونية فى مايو الماضى، وهو ما يساهم في إثراء التفاعل بين الخبرة الدبلوماسية المهنية والأدبيات الأكاديمية الدولية والمحلية المتخصصة في المجال. وأشار إلى الجهد الحالي لإعداد مرجع حول كتابات الدبلوماسين المصريين حيث تم حصر أكثر من ألف مؤلف لهم منذ إقامة الجمهورية، وحيث يستكمل ذلك تأريخ الدبلوماسية المصرية من خلال كتابات سفرائها.
ونوه إلى أن عصر المعلومات الحالي قد رسخ بعد الدبلوماسية العامة التي من خلال تساهم وزارات الخارجية في تشكيل الإدراك الدولي للدولة بما يتطلبه من مهارات خاصة في التواصل المرئي والمسموع، المطبوع والرقمي أصبح لا غنى عنها لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.