نشر عالم الجينوم المصري الدكتور هيثم شعبان، مدير مشروع أبحاث السرطان بمركز أجورا بلوزان وكلية الطب بجامعة جنيف في سويسرا، دراسة حديثة في المجلة الإنجليزية Cell Death and Differentiation إحدى مجلات Nature العالمية، ركزت على ربط التغيرات في عملية تنظيم الجينوم المرتبطة بالخلايا الشائخة، لفهم مصير الخلايا في العديد من الأمراض المرتبطة بوجود هذه الخلايا مثل السرطان والشيخوخة، وبالتالي إيجاد طريق لعلاجهما.
وتشرح هذه الورقة البحثية التغييرات في عملية تنظيم الجينوم، وكيفية تكوين هياكل جينية جديدة ناتجة عن الدخول في الشيخوخة.
ووفقًا للورقة البحثية، فتعتبر الخلايا الشائخة فريده من نوعها، حيث إنها تتوقف في النهاية عن التكاثر ولكنها لا تموت، لذلك يطلق عليها الخلايا الزومبي . ولأنها مقاومة للموت، تتراكم الخلايا الشائخة – أو “الزومبي” – مع تقدم العمر، وبدلاً من موتها، فإنها تبقى وتستمر في إطلاق المواد الكيميائية التي تؤدي إلى الإلتهاب، وتساهم في تطور أمراض مثل الشيخوخة، بما في ذلك ونمو الورم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أن خلايا الزومبي ايضا لا يمكن أن تنقسم، لذا فهي لا تساعد في تجديد الأنسجة أو إصلاح الأضرار الحادثة في الجسم، ويمكن أن تكون الخلايا الشائخة مفيدة للصحة من خلال تعزيز الشيخوخة في الخلايا المجاورة المعرضة لخطر أن تصبح سرطانية وجذب الخلايا المناعية لإزالة الخلايا السرطانية.
تصاحب الشيخوخة الخلوية إعادة تشكيل واسع النطاق للتنظيم ثلاثي الأبعاد للجينوم، مما يجعل من فهم التغيرات في عملية التغيير في الجينوم وكيفية إعادة تنظيمه، أمراً بالغ الأهمية لفهم الأمراض المرتبطه بالشيخوخة الخلوية والتخلص منها.
وقال الدكتور هيثم شعبان، إنه كان يُعتقد حتى وقت قريب أن الشيخوخة الخلوية هي حالة لا رجوع فيها إلي الحالة الطبيعية، إلى أن وجد فريق من علماء الوراثة إنه عند إضافة الكوكتيل من أربع بروتينات نووية (مركبات كيميائية) التي تتفاعل مع المادة الوراثية للخلايا الشائخة، تعمل على إعادتها إلى حالتها الطبيعية والخروج من الشيخوخة، هذا الكوكتيل يعمل على إعادة تنظيم الجينوم واستعادته إلى الوضع ما قبل دخول الخلايا للشيخوخة، بينما وجد فريق آخر من العلماء إنه عند إيقاف عمل واحد من البروتينات المسؤولة عن عملية تغيير الجينوم الناتج عن الشيخوخة الخلوية، يكفي لخروج الخلايا من الشيخوخة.
هنا نجد أن العامل المشترك في الاكتشافين هو عملية تنظيم الجينوم سواء عن طريق إعادة تنظيمه آو توقف تغيير تنظيمه، لكن كان من الصعب دراسة كيفية وآليات إعادة هذا التنظيم، لعدم توافر التقنيات التي تتيح مشاهدة الجينوم بأكمله بدقة متناهية الصغر.
وأضاف، أنه كان من الصعب مشاهدة ودراسة عملية التغيير التنظيمي للجينوم الناتجة عن دخول الخلايا إلى حالة الشيخوخة الخلويه، مما أدى إلى عدم فهم الآليات الكامنة للدخول والخروج من الشيخوخة.
وتابع الدكتور هيثم شعبان ، حديثًا طورت تقنيات تصوير الجينوم البشري في الخلايا الحية لدراسة التفاعلات الجينية والتغير في هياكل المادة الوراثية وحركته، وأوضح أن هذه التقنيات سوف تُجيب على أسئلة كثيرة متعلقة بإعادة تنظيم كامل للجينوم الحادث في الخلايا الشائخة التي لم تُدرس من قبل لعدم توفر هذه التقنيات.
وأقترح الدكتور هيثم شعبان في هذه الورقة البحثية الدراسات اللازمة لفهم الآليات الكامنة في التغيير التنظيمي للجينوم الناتج عن عملية دخول الخلايا للشيخوخة، كما ركز على أهمية استخدام تكنولوجيا تصوير كامل للجينوم، وكيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة لتوجيه الخلايا للخروج من الشيخوخة الخلوية.
وأضاف الدكتور هيثم شعبان ، أن هذه الورقة البحثية تُمثل خريطة لكيفية الاستفادة من هذه التقنيات، ودمجها مع تقنيات أُخرى معتمدة على الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في فهم آليات الدخول والخروج من الشيخوخة الخلوية، ولكن أيضا في تحديد مؤشرات حيوية معتمدة على بصمة التنظيم الجيني للكشف عن مراحل الشيخوخة المختلفة، وأكد ايضا أن تتحدد العلامات المبكرة لحالات الشيخوخة المختلفة للمساعدة في توجيه التشخيص السريري.