قضت الدائرة ٦ تعليم بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة, برئاسة المستشار خالد محمد طلعت عبدالهادى نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية المستشار أحمد محمود محمد عبدالله والمستشار إيهاب أحمد جبر محمود, والمستشار محمد محمود محمد المقدم, والمستشار د. محمد حسن محمد على حسن, والمستشار محمود مصطفى محمود على الدين, والمستشار محمد جمال الدين أحمد شطيفه, والمستشار عادل أحمد على أحمد عمر الجيوشى, والمستشار عمرو محمود كامل محمود, والمستشار حسام الدين رمضان محمد بطيخ, والمستشار على عبدالنعيم محمد نصير, والمستشار عبدالهادى عبدالهادى محمد تغيان, وسكرتارية محمد يوسف أمين السر, بقبول الدعوى المقامة من رابطة التعليم المفتوح, والتى تطالب بإلغاء قرار وزير التعليم العالى فيما تضمنه من إلغاء نظام التعليم المفتوح و تحويل البكالوريوس أو الليسانس من درجة أكاديمية إلى درجة مهنية, مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن المدعين أقاموا الدعوى المطروحة بموجب عريضة من موقعة من محام مقبول أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ ,٢٠١٧/١١/٤ وذكر المدعون – شرحاً لدعواهم – أنه بتاريخ ٢٠١٧/١٠/٧ أصدر المجلس الأعلى للجامعات ستة قرارات من بينها أن نظام التعليم الإلكتروني المدمج يمنح دبلوم مهنى أو بكالوريوس مهني, إضافة إلى توقيع الدارسين على إقرار يفيد بأن الشهادة التي سيحصلون عليها من نظام التعليم الإلكتروني المدمج هى دبلوم أو بكالوريوس مهني غير مكافئ لنظيره الأكاديمي فى برامج التعليم النظامي أو الانتساب أو الساعات المعتمدة أن نظام التعليم المفتوح.
وقد فوجئوا بأن الجامعة تريد أن تلزمهم بكتابة إقرار دون تاريخ يفيد بأن المؤهل الذى سوف يحصلون عليه مهنى وليس أكاديمي, ولما كانت شهادة البكالوريوس المهني لن يكون لها فى سوق العمل نفس قوة البكالوريوس الأكاديمي والأفضلية دائما ستكون لحاملي البكالوريوس الأكاديمي, كما أن البكالوريوس المهني لا يؤهل لعمل الدراسات العليا سواء ماجستير أو دكتوراه, فضلاً عن أن الحاصل على شهادة البكالوريوس المهنى سيحرم من مميزات الالتحاق بأي نقابة على عكس الحاصل على البكالوريوس الأكاديمي, على الرغم من أنهم جميعاً لهم نفس المراكز المتشابهة بل والمتماثلة.
واستطرد المدعون أنه فى أواخر عام ٢٠١٤ بدأت حملة موسعة فى وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية للهجوم بشدة على التعليم المفتوح, تزامن ذلك مع رفض بعض النقابات قيد خريجي التعليم المفتوح بجداولها مما نتج عنه ضغط مجتمعي وإعلامي, مما حدا بالمجلس الأعلى للجامعات إعادة النظر فى نظام التعليم المفتوح, وانتهى الأمر إلى إصدار القرار المطعون فيه.
وقد تظلم عدد كبير من الطلاب للمجلس الأعلى للجامعات بطلب إعادة النظر فى قراره, خاصة أن نظام التعليم المفتوح يخدم من فاتهم قطار التعليم سواء لظروف اجتماعية أو مالية, ولا يوجد لهم مسار آخر للتعليم إلا عن طريق هذا النمط من أنماط التعليم, وأن معظم من يلتحق بهذا النمط من التعليم هم الشباب, ولذلك من الحتمي أن تفتح الدولة لهم أنماط أخرى من التعليم وأن تساعدهم على الارتقاء بمستواهم العلمي والمهني على حد سواء.
وأضاف المدعون أن هذا القرار مخالفاً للدستور والمواثيق الدولية وعدم قيامه على سبب صحيح، فضلاً عن تخلف ركن الغاية عنه, وإخلاله بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ومعيب بعدم المشروعية ومخالفة القانون, كما أنه يجافى الحقيقة والواقع ويضرب بعرض الحائط بمصالح الآلاف من الطلاب, وأن حقيقة هذا القرار ليس تطويراً لكنه بمثابة إلغاء لنظام متعارف عليه عالمياً ومحلياً قد درجت عليه مراكز التعليم المفتوح بجميع الكليات التابعة للجامعات الحكومية, ونظام معمول به منذ أكثر من «٥٢» عاماً. الأمر الذى حدا بهم إلى إقامة الدعوى الماثلة بطلباتهم سالفة البيان.
وقد تداول نظر الدعوى بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة ٢٠٢٣/٣/١٩ قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة ٢٠٢٣/٥/٢٨ مع التصريح بتقديم مستندات ومذكرات خلال أسبوعين, حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
وأوضحت المحكمة أن حقيقة طلبات المدعين وفقاً للتكييف القانونى السليم – هى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر بتاريخ ٢٠١٧/١٠/٧ فيما تضمنه من اعتبار الشهادات الممنوحة بنظام التعليم المدمج فى الجامعات المصرية شهادات مهنية وغير مكافئة للشهادات الأكاديمية الممنوحة بنظام الدراسة النظامى أو الانتساب أو الساعات المعتمدة أو التعليم المفتوح سابقاً وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث إن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً, فمن ثم تغدو مقبولة شكلاً. وحيث إن الدعوى مهيأة للفصل فى موضوعها مما يغنى عن نظر الشق العاجل منها.
وأضافت أنه عن الموضوع, فإن المادة «٩١» من الدستور تنص على أن «التعليم حق لكل مواطن, هدفه بناء الشخصية المصرية, والحفاظ على الهوية الوطنية, وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير, وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار, وترسيخ القيم الحضارية والروحية, وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز, وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله, وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية….»
وحيث إن قانون تنظيم الجامعات رقم ٩٤ لسنة ١٩٧٢ ينص فى المادة «٢١» منه على أن «للجامعات مجلس «المجلس الأعلى للجامعات» مقره القاهرة, يتولى تخطيط السياسة العامة للتعليم الجامعى والبحث العلمى والتنسيق بين الجامعات فى أوجه نشاطها المختلفة».
وتنص المادة ١٩٦ من القانون ذاته والمعدلة بالقانورن رقم ١٥٢ لسنة ٢٠١٩ – على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض وزير التعليم العالى وبعد أخذ رأى مجلس الجامعات وموافقة المجلس الأعلى للجامعات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن الحق فى التعليم هو حق دستورى كفله الدستور وأصبح على الدولة أن تراعى عند تنظيمها لهذا الحق أن يكون لكل مواطن أن يتلقى قدرًا من التعليم يتناسب مع ميوله وقدراته وظروفه, وفق القواعد التى يسنها المشرع تنظيماً لهذا الحق, بما لا يؤدى إلى مصادرته أو الانتقاص منه.
وأضافت أنه قد صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم ٦٤٩ بتاريخ ٢٠١٦/٦/٢٣ بوقف نظام التعليم المفتوح بالجامعات المصرية, والذى حل محله نظام التعليم الإلكترونى المدمج بموجب القرار رقم ٦٦٠ بتاريخ ٢٠١٧/٣/١٨ , وقد أصدر المجلس الأعلى للجامعات بتاريخ٢٠١٧/١٠/٧ القرار المطعون عليه المتضمن اعتبار الشهادات الممنوحة بنظام التعليم المدمج فى الجامعات المصرية شهادات مهنية وغير مكافئة للشهادات الأكاديمية الممنوحة بنظام الدراسة النظامى أو الانتساب أو الساعات المعتمدة أو التعليم المفتوح .
حيثيات رفض تحويل التعليم المفتوح الي مهني
وأوضحت المحكمة فى حيثيات حكمها أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات قد حددت الدرجات العلمية التى تمنحها مجالس الجامعات بناء على طلب مجالس كليات التجارة أو الزراعة أو التربية, ومنها درجة البكالوريوس أو الليسانس فى مراحل الدراسة الجامعية الأولى, وهى شهادة أكاديمية دون تفرقة بين نظام الدراسة النظامى أو الانتساب أو الساعات المعتمدة أو التعليم المفتوح سابقًا أو نظام التعليم المدمج.
ومن ثم لا يجوز للمجلس للجامعات التغول على هذا الاختصاص باستحداث شهادات مهنية تمنح لخريجى نظام التعليم المدمج لم تنص عليها اللائحة التنفيذية, الأمر الذى يضحى معه القرار المطعون عليه مخالفًا للقانون ما يتعين-والحالة كذلك- القضاء بإلغائه وما يتربتب على ذلك من آثار أخصها حصول المدعين عن تخرجهم على شهادات أكاديمية وفقاً للمسمى الوارد باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم ٨٠٩ لسنة ١٩٧٥ وعدم إضافة أى مسميات أخرى مثل عبارة (بكالوريوس مهنى ) أو غيرها من العبارات الغير واردة باللائحة المذكورة. وأضافت المحكمة أنه لهذه الأسباب حكمت بقبول الدعوى شكلًا, وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وما ترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب , وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وفى سياق متصل، قال عامر حسن رئيس رابطة التعليم المفتوح على مدى ٦ سنوات منذ أن صدر قرار وزير التعليم العالى فى ٧ أكتوبر ٢٠١٧ بإلغاء التعليم المفتوح وتحويل شهادته إلى شهادة مهنية، لم نفقد الأمل واستمرينا فى الدفاع عن قضيتنا وكلنا ثقة فى أن القضاء المصرى سينتصر للحق.
قامت خلالها رابطة التعليم المفتوح ومسؤولوها وأعضاؤها بمحاولات كثيرة لعرض قضيتهم والتمسك بحقهم فى التعليم الذى كفله القانون والدستور، فقابلنا فى ذلك الوقت، الدكتور عصام خميس نائب وزير التعليم العالى للبحث العلمى، ود. يوسف راشد أمين المجلس الأعلى للجامعات وقدمنا مذكرة طالبنا فيها بإعادة النظر فى القرار، فما كان من وزير التعليم العالىإلا أن رد علينا فى وسائل الإعلام بـ«أن المجلس الأعلي للجامعات ليس ما يطلبه المستمعون، وليس من المنطق، أن نستجيب لمطالب الدارسين» ، فطالبنا لجنة التعليم بمجلس النواب، بتقديم طلب إحاطة لوزير التعليم العالى حول القرار وتبعاته على الطلاب.
وأوضح رئيس رابطة التعليم المفتوح، قمنا بجمع توقيعات من الطلاب المتضررين، لرفع دعاوى قضائية، وبالفعل رفعنا عدة دعاوى قضائية للطعن على قرار وزير التعليم العالى لوقف تنفيذه وإلغائه، وعرفت القضية إعلاميًا بقضية رابطة التعليم المفتوح.
وأضاف عامر حسن تقدمنا بعدة مذكرات لوزير التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات، ومجلس النواب والشيوخ، لتوضيح أن هذا القرار مخالف للقانون والدستور ومن حق الطلاب الحصول على شهادة أكاديمية، والالتحاق بالدراسات العليا سواء الماجستير أو الدكتوراه.
وقال من المفارقات إن د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى الذى أصدر قرارًا فى ٢٠١٧ بإلغاء التعليم المفتوح هو نفس الوزير الذى اقترح على المجلس الأعلى للجامعات فى٢٠٢١ عودة التعليم المفتوح مرة أخرى، وتم تشكيل لجنة برئاسة د. منصور حسن رئيس جامعة بنى سويف لإعداد دراسة متكاملة عن إعادة فتح نمط التعليم المفتوح بالجامعات المصرية والمعايير والآليات المطلوبة ليكون نمط تعليم فعال.
وأضاف رئيس رابطة التعليم المفتوح، فى شهر يناير ٢٠٢٣ «ذهبنا أنا والمهندس توحيد تامر عضو مجلس النواب لمقابلة د. أيمن عاشور وزير التعليم، وتقدمنا بمذكرة بمطالب طلاب وخريجى التعليم المفتوح ، وفى فبراير ٢٠٢٣ جاء رد من المجلس الأعلى للجامعات مدعم بقرارات المجلس الأعلى للجامعات منذ انشائه حتى آخر قراراته، وكان هذا بمثابة كنز قد حصلنا عليه، وقدمنا ٤ حوافظ مستندات بهذه القرارات فى قضايا التعليم المفتوح.
وأوضح عامر حسن أن ٢٨ مايو ٢٠٢٣ سيكون عيدًا يحتفل به طلاب وخريجو التعليم المفتوح فى الجامعات المصرية بعودة التعليم المفتوح، يوم أن أصدر القضاء الإدارى حكمًا تاريخيًا فى ٤ دعاوى قضائية بإلغاء قرارا وزير التعليم العالى فيما تضمنه من إلغاء التعليم المفتوح وتحويل شهادته من شهادة مهنية المطعون عليه وما ترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.