أدت تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازي، أمام مجلس النواب عن عزم الوزارة ترخيص مراكز الدروس الخصوصية وتقنين أوضاعها، حالة من الجدل بين خبراء التعليم وأولياء الأمور، فبين من يؤيد القرار ويرى أن الدروس الخصوصية بالسناتر أصبحت الجزء الأهم في منظومة التعليم المصري، وكانت تزداد اتساعا كل عام على الرغم من الجهود غير الجادة لمواجهتها خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي فالأفضل أن تكون تحت الرقابة، ويتم اختيار أشخاص مؤهلين للعمل بها، واستفادة الدولة منها ماديًا، خاصة بعدما أعلن الوزير أن حجم الإنفاق على سناتر الدروس الخصوصية بلغ 47 مليار جنيه سنويًا.
بينما يرى فريق أخر أن ترخيص مراكز الدروس الخصوصية يعد شهادة اعتراف من الدولة بالفشل في مواجهتها، وخلق كيانات خاصة موازية لدور المدرسة في التربية والتعليم، بالإضافة إلى القضاء على ما تبقى من مجانية التعليم، ويعطيها أحقية أن تفعل ما تريد تحت شعار أنها مرخصة من الوزارة.
ترخيص مراكز الدروس الخصوصية تأخر لسنوات
ويعلق الدكتور تامر شوقي، أستاذ التقويم التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس، أن قرار ترخيص سناتر الدروس الخصوصية، من القرارات التي تأخر صدورها لسنوات عديدة وخاصة أن الدروس الخصوصية بالسناتر أصبحت الجزء الأهم في منظومة التعليم المصري، وكانت تزداد اتساعا.
وأضاف شوقي في تصريحات خاصة لـ”صدى البلد جامعات”، أن تأخر إصدار هذا القرار أدى إلى ضياع مليارات الجنيهات سنويا على الدولة المصرية في ضوء إنفاق المصريين سنويا حوالي 47 مليار جنيه على سناتر الدروس الخصوصية، وسيكون لهذا القرار العديد من الأثار الإيجابية، مثل رقابة الوزارة على السناتر، وعدم عملها صباحا أثناء اليوم الدراسي، واستبعاد المعلمين غير الحاصلين علي مؤهلات تربوية من العمل بها، فضلًا عن القضاء على فوضى أسعار الدروس الخصوصية والمغالاة فيها، وكذلك ضمان شروط الأمن والسلامة عند منح تراخيص السناتر.
منع تحول السناتر إلى مدارس بديلة
وشدد شوقي أنه لا بد من اتخاذ كل التدابير لمنع تحول السناتر إلى مدارس بديلة، لأن المدارس تقوم بوظائف التربية واكساب التلاميذ القيم والاخلاق وسمات الشخصية المرغوبة، بينما يقتصر دور السناتر على تعليم التلاميذ المعلومات المتضمنة في كل مادة دراسية فقط، مع مراعاة أن تمارس المدرسة أدوارها التعليمية كاملة حتى لا تتحول السناتر إلى مراكز قوى تتحكم في مستقبل الطلاب، بل يكون هناك توازن بين دور المدرسة الأهم، ودور السناتر، وخاصة أنه لن يلجأ كل التلاميذ إلى أخذ دروس في السناتر، ولذلك لابد من قيام المدرسة بدورها على أكمل وجه.
واختتم الخبير التربوي حديثه مؤكدًا أنه وفي كل الأحوال، يجب أن يكون قرار ترخيص السناتر موجها فقط لعلاج ما حدث من سلبيات متصلة بها خلال السنوات الماضية، دون إحداث أي تغيير في التعليم الرسمي بالمدرسة.
تهديد قيمة ودور المدرسة
وأوضحت الدكتور هبة سامي، أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي، بكلية التربية جامعة عين شمس، أن “السناتر التعليمية” هي مؤسسات غير تربوية تهدف إلى الربح في المقام الأول، ولا تنتمي للمؤسسات التربوية الخاضعة للدولة، وتكمن خطورتها في كونها تهدد قيمة ودور المدرسة كمؤسسة منوط بها العملية التربوية والتعليمية، إضافة إلى ذلك فإن مراكز الدروس الخصوصية تضم العديد من المدرسين غير المؤهلين وغير التربويين.
وقد انتشرت مؤخرا العديد من الشواهد التي تؤكد خطورة هذه السناتر وما تضمه من مجموعة من المدرسين، يهدفون إلى الربح على حساب القيم التربوية والأخلاقية للطلاب، وكان المنتظر من وزارة التربية والتعليم مكافحة تلك “السناتر التعليمية”، والقضاء عليها من أجل إعادة هيبة ودور المدرسة مرة أخرى.
القضاء على مجانية التعليم
وأشارت عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس في تصريحات لـ”صدى البلد جامعات”، إلى أن اتجاه وزارة التربية والتعليم إلى ترخيص مراكز الدروس الخصوصية لتصبح منافسا شرسا للمدرسة، يبدو أمرًا غير مبرر، ويثير العديد من التساؤلات ويسهم في هدم الدور المتبقي للمدارس، ويدعم الدور غير التربوي لمراكز الدروس الخصوصية، ويعطيها أحقية أن تفعل ما تريد تحت شعار أنها مرخصة من الوزارة، خاصة وأن هذه السناتر أصبحت ترهق كاهل ولي الأمر بشكل ملحوظ.
واختتمت أستاذ الصحة النفسية حديثها بأنه نظرًا لارتفاع ثمن الحصة الواحدة بشكل مبالغ فيه، وذلك في جميع المراحل الدراسية، فأن الاعتراف بالسناتر أو تقنين وجودها، أو إعطائها رخصة أمر يتعارض مع استعادة الدور التربوي والتعليمي للمدارس، كما يتعارض مع حق كل مواطن مصري في مجانية التعليم.
هدف القرار وآليات التطبيق
ويرى الدكتور عبد الرحمن ناجي، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس، والمحاضر بجامعة هيلديسهايم بألمانيا، أن وزارة التربية والتعليم مستمرة في اتخاذ قرارات من شأنها إلهاء جميع أطراف العملية التعليمية بل والمجتمع بأكمله، وجعله منشغلا بقضايا ثانوية بعيدة عما يتوقع المجتمع من الوزارة.
وأشار ناجي إلى أن الاقتراحات التي تقوم بها الوزارة والقرارات التي تتخذها، ومنها ترخيص مراكز الدروس الخصوصية يجب أن تكون قائمة على تشخيص دقيق لمشكلات حقيقية، وتكون تلك الاقتراحات والقرارات قادرة على حل تلك المشكلات، أي أننا من الضروري أن نقيم أي قرار أو مقترح وفقا توافقه مع التشخيص الحقيقي للمشكلة وملائمته لحلها.
ضبط العملية التعليمية بالمدارس أهم
واستكمل ناجي أن طرح الوزارة مجموعة من الحلول لبعض المشكلات ومنها إصدار تراخيص السناتر والمدرسين بها لمزاولة مهنة التدريس، غريب جدًا، وهنا نتسائل عن مغزى القرار وهل ستصبح السناتر جزءا من منظومة التعليم المصري بدلا من العمل في الظل؟ وكيف ستقوم الوزارة بالإشراف على السناتر والمدرسين بها، وهي غير قادرة على متابعة سير العملية التعليمية وانضباطها في المدارس التابعة لها من الأساس.
وكيف تستطيع الوزارة الحكم على وتقسيم الكفاءة المهنية لمعلم السنتر، وهو من ينافس وبجدارة كيان المدرسة، فضلا عن أن الوزارة ليست قادرة على التأهيل المهني لمعلميها ورفع كفاءتهم للحد من تسرب الطلاب إلى السناتر فهل تقوم بالدور نفسه في السناتر.