بعد مرور أسبوعين من العام الدراسي الجديد، تصدر العنف في المدارس المشهد الأول فيهما، ببدء العام الدراسي بحادث مدرس المعتمدية الذي أدى إلى وفاة طالبة وإصابة 14 أخرين، ثم سقوط طالبة بالصف الرابع الابتدائي من الدور الثالث للمدرسة بمنطقة الدقي بعد أن غافلت مدرسها.
بالإضافة إلى تعرض مديرة مدرسة بني مزار الرسمية المتميزة للغات للضرب من قبل ولية أمر تعمل باحدى الهيئات القضائية، وتحرير محضر لإثبات الحالة بقسم الشرطة، كما تعرض مدير مدرسة سوهاج الثانوية بنات، لمحاولة طعن من أحد الإداريين بالمدرسة، وخلال الأسبوع الثاني للدراسة كانت الحادثة الأبرز هوتعدى مدرس لغة عربية على طالبة مما أدى إلى إصابتها بنزيف بالمخِّ وغيبوبة، بعد أن ضربها مدرسها بعصًا خشبيةٍ على رأسها مما أدى إلى وفاتها.
حظر استخدام العنف في المدارس
كثرت حودث العنف داخل المدارس سواء بتعدى أولياء الأمور على المدرسين أو ضرب المعلم للطلاب، دفع وزارة التربية والتعليم لتعميم كتاب دوري على المدارس شدد فيه الكتاب على منع كافة أشكال العنف، والعقاب البدني، والتنمر داخل المدارس، وتطبيق لائحة الانضباط المدرسي، وبعيدًا عن تعليمات الطادرة من الوزارة كيف يمكن أن نقضي على العنف داخل المدارس سواء المدرسين أو أولياء الأمور من منظور تربوي.
ترى الدكتورة هبة سامي، أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي، بكلية التربية جامعة عين شمس، أن ظاهرة العنف في المدارس من الظواهر التي تدق ناقوس الخطر في مجتمعنا خاصة إذا ما نبعت من قلب مؤسسة تربوية على يد معلم يفترض أن يمثل النموذج والقدوة.
التأهيل التربوى وحقوق الإنسان
وأضافت الخبير التربوي في تصريحات لـ”صدى البلد جامعات”، أن ضرب طالبة على يد معلم لدرجه الموت أمر يقشعر له الأبدان، وينبغي اتخاذ كافة الاجراءات القانونية الرادعة التي تضمن عدم تكرار مثل هذه الجريمة مرة أخرى، خاصة أن المعلم شئنا أم أبينا يمثل قدوة للتلاميذ، ينظرون إليه بكافة حواسهم ويسعون لتقليده.
وفي المقابل فإن تعدي أولياء الأمور على المعلمين بالسب أو الضرب أو التطاول هو أمر غير مقبول، ويكاد يضرب المسمار الأخير في نعش المنظومة التربوية، وعليه فإن رفع الوعي المجتمعي بحقوق الإنسان وحقوق الطفل على وجه الخصوص، أصبح ضرورة حتمية لإنقاذ المجتمع من ظواهر العنف المتفشية، كما أن الاهتمام بتعيين معلمين أكفاء ذوي خلفية تربوية سليمة هو أمر مطلوب، ويمثل جانب من الأهمية أيضا، إضافة إلى ذلك فإن التأهيل التربوى المستمر للمعلمين، والإشارة إلي خطورة العنف في وسائل الإعلام، والعقاب الرادع السريع لجرائم العنف، تمثل جميعها حلولا عاجلة للتصدي لحالات العنف الملاحظ مؤخرا في المنظومة التعليمية.
عقاب المعلمين ليس حل
كما قدم الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، مقترحات لحل مشكلات سوء استخدام العقاب من المعلمين ووالعنف في المدارس، بعد عدة حوادث خلال العام الدراسي الجديد، آخرها وفاة طالبة بالدقهلية بسملة أسامة بعدما ضربها المدرس بعصا خشبية على رأسها.
وأكد الخبير التربوي أن هناك اعتقاد خاطئ فمن يعتقد أن حل مشكلة سوء استخدام المعلمين للعقاب والضرب في المدارس، يكمن في التحقيق مع هؤلاء المعلمين ومعاقبتهم فقط، بل يتطلب علاج تلك المشكلة نظرة شاملة متكاملة تتضمن عدة محاور تشمل المعلم، والطالب، وولي الأمر، ووسائل الإعلام والمجتمع.
11 مقترح لمواجهة العنف في المدارس
1- يجب تشديد إجراءات القبول للطلاب المتقدمين للالتحاق بكليات التربية، بحيث تتضمن فحوصات نفسية حقيقية دقيقة واستبعاد من لا يصلح منهم نفسيا في ضوء هذه الفحوصات، وعدم الاكتفاء بالشكليات فقط في المقابلات التي تجري مع المتقدمين.
2- إعادة دور الموجه النفسي في الإدارة التعليمية وتدريبه جيدا على كيفية ملاحظة المعلمين الذين يظهرون علامات على سوء التوافق النفسي أو استخدام الضرب في المدارس، بحيث تُجري عليهم فحوصات نفسية أعمق وتتم إحالتهم إلى وظائف بعيدة عن التدريس حال ثبت عدم صلاحيتهم النفسية.
3- الأخذ بعين الاعتبار شكاوي الطلاب والمعلمين من بعض المعلمين في المدرسة، والذين يظهرون أنماط سلوكية غير سوية واخضاعهم للفحص النفسي.
4- تخفيف الضغوط على المعلمين وتفريغهم للعمل في التدريس فقط، وعدم تحميلهم بأعباء إضافية مثل الاشراف وشئون العاملين والأمن وغيرها.
5- إقامة دورات تدريبية للمعلمين عن أساليب استخدام العقاب بشكل سليم، وخاصة أن معظم المعلمين الحاليين من الأجيال التي تربت على أن الضرب في المدارس هو الوسيلة الأساسية للعقاب، وتعريفهم بوجود أساليب بديلة للعقاب أكثر فعالية من الضرب.
6- تخفيف كثافة الفصول والتوسع في تعيين المعلمين الجدد، مما يخفف الأعباء على المعلمين الحاليين.
7- اهتمام الاسرة بالتربية السليمة لأبنائها والتي تقوم على احترام المعلم مما يسهل مهمته ويقلل العنف في المدارس
8- سن القوانين التي تجرم أي انتهاك ولي الأمر للمدرسة، وأي محاولة منه للاعتداء على المعلم، ولو تطلب الأمر تعيين أفراد أمن في كل مدرسة.
9- منع أي أعمال درامية تقدم صورة هزلية عن المعلم وتشجع الطلاب على الاستخفاف به.
10- تصميم وتنفيذ حملات إعلامية تحث على احترام المعلم وتبجيله.
11- اعادة هيبة المعلم بحيث يكون هو العنصر الأهم في المنظومة التعليمية، من حيث منحه مكافآت وامتيازات، فلا يصح أن يقوم هو بكل شيئ في العملية التعليمية، ويتم منحه أقل الامتيازات مقارنة بغيره من العاملين في الإدارات التعليمية.