شيخ الأزهر: شرفتُ بالتتلمذ على تراث علماء كازاخستان وأدعو الشباب لإحيائه وإعادة نشره
شيخ الأزهر : الإرهاب والإسلام خصمان لدودان وضدَّان لا يجتمعان
الإمام الأكبر للشباب الكازاخي: ارفعوا راية الأخوة الإنسانية شرقًا وغربًا
أدَّى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، شعيرة صلاة الجمعة في المسجد الكبير “نور سلطان” بكازاخستان، بحضور الرئيس الكازاخي السابق، نور سلطان نزارباييف، وعدد من القيادات الدينية، وسط حشود كبيرة من المصلين؛ الذين حرصوا على أداء صلاة الجمعة مع فضيلته ووداعه قبل مغادرته كازاخستان، بعد زيارة رسمية استغرقت خمسة أيام، شارك خلالها في المؤتمر السابع لزعماء الأديان.
وألقى الإمام الطيب كلمةً أمام آلاف المصلين، عبَّر خلالها عن سعادته بزيارة كازاخستان، وتقديره لما لمسه من رئيسها وشعبها، من حفاوة استقبال وكرم ضيافة، معربًا عن اعتزازه بالحديث مع الشباب أبناء الشعب الكازاخي، وشرفه بالتتلمذ على تراث علماء المسلمين الأوائل في كازاخستان، الذين سطعوا في سماء العالم الإسلامي منذ فجر الإسلام واستمرَّ قرونًا طويلة في تاريخه المجيد، وفي مقدمتهم الفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي، مشيرًا في الوقت ذاته إلى القائد العظيم، الظاهر بيبرس، الذي عرفه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قائدًا مغوارًا، رَدَّ عن الإسلام والمسلمين وعن الحرمين الشريفين كيد الأعداء والمتربصين.
وبَيَّنَ شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين في كلمته للمصلين، وبالأخص الشباب، أن الأمل بعد الله تعالى معقود عليهم في إحياء هذا التراث، وإعادة نشره، مع ترسيخ الأخوة الإسلامية بينهم وبين أقوامهم، والدعوة إلى الأخوة الإنسانية بينهم وبين غيرهم من سائر عباد الله.
وأوضح شيخ الأزهر أن الناس كلهم متساوون في انتمائهم إلى أبٍ واحد وأم واحدة، كما جاء في صريح القرآن الكريم، في قوله تعالى: {وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا}، بما يؤكِّد أنه لا مجال لدعوات صراع الحضارات، ولا نهاية التاريخ، ولا لتفوق جنس على جنس، ولا لنظرية تفرد المركز وتبعية الأطراف، مؤكدًا أن جميع تلك الدعاوى والنظريَّات إنما تَسْبَحُ ضد إرادة الله في خلقه، وسقوطها قادم حتمًا، ولن يبقى إلا السلام العادل الذي أراده الله أن يكون عنوانًا للعلاقات الدولية بين الشعوب.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن ما يروج له بين الشباب من أن الأديان سبب الحروب، وأن التحرر من الدين هو الضامن للسلام بين الشعوب، مقولة كاذبة، وفِرْية يدفع العالم ثمن تصديقها الآن، من حروب ورعب وخوف من المجهول، يفتقد فيه أي رصيد يحميه من إراقة الدماء خارج صندوق الدين.
واستنكر شيخ الأزهر اقتران بعض الحروب على مر التاريخ باسم الدين، وإراقتها لدماء الناس تحت لافتته، مؤكدًا أن الدين لم يُبِحْ قتل الأنفس وسفك الدماء، وأن ما حدث إنما هو اختطاف لراية الدين لتحقيق أغراض هابطة يرفضها الدين نفسه وينكرها أشد الإنكار.
وأكَّد الإمام الأكبر على أن الإسلام لم يكن دين عنف أو إرهاب، موضحًا أن الإرهاب والإسلام خصمان لدودان، وضدان لا يجتمعان، بدليل أن عدد ضحايا هذا الإرهاب من المسلمين يفوق عدد ضحاياه من غير المسلمين عشرات المرات.
وفي ختام كلمته دعا شيخ الأزهر الشباب المسلم إلى التمسك بما أمرهم الله به ورسوله، والانتهاء عما نهاهم الله عنه ورسوله، ونشر التعارف في ربوع العالم كله أينما كانوا وحيثما ذهبوا، والبعد عن كل ما يبعث على البغضاء والكراهية والتفرقة العنصرية بين عباد الله، ورفع راية الأخوة الإنسانية شرقًا وغربًا.
وقام شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، بزيارة رسمية لدولة كازاخستان، استمرت خمسة أيام، شارك خلالها في المؤتمر السابع لزعماء الأديان، والتقى الرئيس الكازاخي، الذي قلَّد فضيلته جائزة أستانا الدولية، التي تعد إحدى أرفع الجوائز في منطقة آسيا الوسطى؛ لمساهمة فضيلته في مجال الحوار بين أتباع الأديان، ونشر ثقافة الأخوة والسلام العالمي، كما التقى شيخ الأزهر ببابا الفاتيكان، والقيادات الإسلامية، وقادة وزعماء الأديان المشاركين في المؤتمر.