القصة الكاملة لخاتم المهندس
تقليد يعود إلى حادثة انهيار “جسر كيبيك” الشهير عام 1907
من هي مؤسسة الحراس السبعة؟ وعلاقتها بالخاتم
احتفل منذ أيام فرع جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة، والذي تستضيفه مؤسسة الجامعات الكندية في مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة، بتخريج الدفعة الأولى من طلاب الجامعة في تخصصات الهندسة وعلوم الكومبيوتر وإدارة الأعمال، ولكن من بين هؤلاء الخريجين، كان هناك فئة خاصة يرتبط تخرجها بإقامة فعالية قاصرة على الجامعات الكندية فقط، ألا وهي احتفالية تقديم «خاتم المهندس».
عشرة طلاب مصريون يمثلون الدفعة الأولى لأول فرع لجامعة أجنبية يقام في مصر، تخرجوا في كلية هندسة التصميم المستدام، اجتمعوا قبيل حفل تخرجهم الرسمي، لإقامة طقس الحصول على خاتم المهندس وقسم الواجب المهني، الذي يذكرنا بقسم أبو قراط في الطب، لكنه حالة خاصة ارتبطت بظرف تاريخي عمت أصداؤه كافة أرجاء كندا.
«صدى البلد جامعات» أجرى هذا الحوار مع المهندسة جليندا ماكينون بيترز Glenda MacKinnon-Peters مديرة قطاع تخطيط الأراضي بحكومة مقاطعة جزيرة الأمير إدوارد بكندا.
ما هي قصة خاتم زمالة المهندسين الكندي؟
خاتم المهندس عبارة عن خاتم يرتديه أعضاء زمالة المهندسين، والتي تضم 28 فرعا في أنحاء كندا، تشمل خريجي كليات الهندسة الذين ينبغي أن يكونوا مؤهلين ومُدَرَبين كي ينضموا إليها، وعادةً ما يكون الخاتم من الصلب المقاوم للصدأ يتم ارتداؤه في إصبع الخنصر من اليد التي يستخدمها المهندس في عمله، كي يتذكر دائمًا الواجب المهني الذي أقسم على أدائه، حيث يُعتبَر الخاتم رمزًا لليَمين الذي أقسمه من يرتديه، كما أنه يرمز إلى وحدة المهنة في هدفها من إفادة البشرية. يتسلم المهندسون الخاتم بعد أداء اليمين المعروف بـتعهد المهندس خلال احتفالية خاصة ويلتزمون به طوعًا مدى الحياة.
ما هو تاريخ هذا التقليد؟
تعود أصول هذا التقليد إلى حادث انهيار “جسر كيبيك” الشهير والذي راح ضحيته 88 شخصًا، مما شكل كارثة آنذاك، حيث انهار الكوبري عام 1907 وأعيد بناؤه لينهار مرة أخرى عام 1916 حتى اكتمل المشروع وافتتح رسميًا عام 1919.
أثار هذا الموضوع حفيظة البروفيسور إتش إي تي هولتين من جامعة تورنتو، الذي آمن وأقنع أعضاء آخرين في معهد الهندسة الكندي بالحاجة إلى إقامة طقس رمزي ووضع معايير أخلاقية للمهندسين حديثي التخرج، وبناءً على طلبه أقيم الاحتفال لأول مرة عام 1922 بحضور سبعة رؤساء سابقين لمعهد الهندسة الكندي، اعتبروا بمثابة الحراس السبعة الأصليون للزمالة.
وفي الاجتماع اقترحت المجموعة تعيين هؤلاء السبعة ليكونوا مسؤولين عن تأسيس نظم قياسية تهدف إلى توحيد جميع المهندسين الكنديين وأطلقوا على الكيان الجديد اسم “مؤسسة الحراس السبعة” أو The Corporation of the Seven Wardens.
وضعت المجموعة عددًا من البنود البسيطة، الهدف منها توجيه المهندسين الشباب وتوعيتهم حول مهنة الهندسة وأهميتها، وكذلك تذكير المهندسين الأكبر سناً بمسؤولياتهم في إعداد المهندسين الجدد ودعمهم.
كيف انتقل التقليد إلى الجامعات الكندية؟ وهل يقام هذا الطقس في أي دولة أخرى في العالم؟
تعتبر “مؤسسة الحراس السبعة” هي المسؤولة عن إدارة وتنظيم مراسم الحصول على الخاتم الحديدي، ونظرا لتقسيم عمل الدوائر أو فروع الزمالة عبر أنحاء كندا، فإن كل دائرة تضم مجموعة من الجامعات التابعة لها جغرافيا. جامعة جزيرة الأمير إدوارد تتبع الدائرة رقم 27، ومن ثم يحق للجامعة طلب الحصول على الخواتم وإقامة الطقس الاحتفالي لخريجي كلية الهندسة بها مباشرة. ينطبق ذلك على خريجي الجامعات الكندية ذاتها أو المهندسين الذي تخرجوا في كليات أخرى خارج كندا لكنهم تلقوا التدريب والاعتماد أثناء إقامتهم وعملهم في كندا. والطريف أن الدفعة المصرية هي أول مجموعة من الخريجين تحصل على هذا الخاتم خارج كندا.
ما الذي يعنيه حصول المهندسون المصريون على خاتم المهندس الحديدي؟
الحصول على خاتم المهندس مدعاة للفخر، لأنه رمز معروف خارج حدود كندا، ويسهل التعرف علي المهندس الذي يرتدي الخاتم وتقديره باعتبار أنه لابد من تلقي التأهيل الكافي وفقا للمعايير الأكاديمية لكي يحصل هذا الشخص على الخاتم.
هل هناك تخصصات أخرى في كندا تتطلب هذا الالتزام؟
لا، الطقس مرتبط بالمهندسين فقط، للتذكير بالحادثة التاريخية، ولا يوجد على حد علمي كليات أخرى تمارس هذا التقليد، ولكن لكل جامعة مراسم احتفالية تميز طلابها عن غيرهم.
هل ينبغي حقًا على المهندس ارتداء الخاتم مدى الحياة؟ ألا تتأثر المادة المصنوع منها على المدى الطويل؟
هناك مفهوم خاطئ وشائع متعلق بفكرة الخاتم الحديدي، إذ يعتقد الكثيرين أن الخواتم الحديدية صُنعت من الحطام الناجم عن حادثة انهيار الجسر، لكن الحقيقة أن هذه الخواتم يتم تصنيعها بطلب من مؤسسة الحراس السبعة من الصلب المقاوم للصدأ وهو ما يرتديه المهندسون الكنديون حاليا، ربما يرجع الاعتقاد الخاطئ إلى أن مادة الحديد ترتبط بشكل مباشر بعمل المهندسين، لكنه ليس الخيار الأنسب لصناعة الخواتم.
ليس بالضرورة أن يرتدي المهندسون الخواتم مدى الحياة لكن نظرا لأن رمزية الخاتم تعطي مصداقية لمرتديه فهناك الكثير من المهندسين يلتزمون فعلا بارتدائه.
هل هناك دول أخرى تقدمت بطلب استعارة هذه المراسم في كليات الهندسة الخاصة بها؟
كان هناك محاولة من جامعات أمريكية فعلًا لكن ذلك لم يتم، لأنه مرة أخرى كما ذكرت، هذا التقليد مرتبط بجزء من تاريخ كندا وهو ما يمنحه خصوصية ثقافية.