فيما يتعلق بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان،الصين، فقد أعربت الصين خلال الفترة الماضية مرارًا وتكرارًا عن معارضتها الجادة وموقفها الصارم تجاه الولايات المتحدة فيما يتعلق بتلك الزيارة على جميع الأصعدة، لكن في الوقت نفسه تعمدت الولايات المتحدة أن تصم أذنها! لذا إن خيانة الولايات المتحدة وعودها بشأن مسألة تايوان لن تؤدي إلا إلى زيادة إفلاس مصداقيتها الوطنية. بعض السياسيين في الولايات المتحدة لا يهتمون إلا بمصالحهم الخاصة، ويلعبون علانية بالنار في مسألة تايوان، ويُعادون 1.4 مليار صيني، الأمر الذي يؤشر الى ان الأمور لن تنتهي أبدًا بشكل جيد. إن فضح البلطجة الأمريكية يوضح لشعوب جميع البلدان أن الولايات المتحدة هي أكبر مدمر لسلام اليوم.
في عام 1971، أكدت الولايات المتحدة للصين أنها مستعدة لاتباع مبادئ جديدة بشأن مسألة تايوان، بما في ذلك اعتراف الولايات المتحدة بوجود صين واحدة في العالم وأن تايوان جزء من الصين؛ وان الولايات المتحدة لن تدلي بأي ملاحظات حول وضع تايوان في المستقبل؛ وأنه لم ولن تدعم الولايات المتحدة أي حركة “لاستقلال تايوان”. وأثناء زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للصين في عام 1972، أكد المبادئ المذكورة أعلاه لرئيس الوزراء الصيني آنذاك تشو إنلاي، ومن ثم تم إصدار ” بيان شنغهاي”. وقد تعهد الجانب الأمريكي بوضوح في بيان شنغهاي بما يلي:” ان الولايات المتحدة تدرك ان جميع الصينيين على جانبي مضيق تايوان يؤكدون أنه لا توجد سوى صين واحدة، وان تايوان جزء من الصين، وان الحكومة الأمريكية لا تعارض هذا الموقف“. وقد كانت الالتزامات المذكورة أعلاه من قبل الجانب الأمريكي بداية لعملية تطبيع العلاقات الصينية الأمريكية. كما أكدت الولايات المتحدة في” إعلان إقامة العلاقات الدبلوماسية” بين البلدين الصادر في يوم 16 ديسمبر عام 1978، على اعترافها بحكومة جمهورية الصين الشعبية على انها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، كما اعترفت بموقف الصين المتمثل في وجود صين واحدة وان تايوان جزء من الصين. كما صرح الجانب الأمريكي بوضوح في بيان “17 أغسطس” الصادر عام 1982 انه “في البيان المشترك بشأن إقامة العلاقات الدبلوماسية الصادر عن حكومة جمهورية الصين الشعبية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 1979، أقرت الولايات المتحدة الأمريكية بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، وتعترف الولايات المتحدة بموقف الصين القائل بأن الصين واحدة فقط، وتايوان جزء من الصين. وليس لدى حكومة الولايات المتحدة أي نية في التعدي على سيادة الصين وسلامة أراضيها، أو التدخل في الشؤون الداخلية للصين، أو تنفيذ سياسة “صينيين” أو “صين واحدة وتايوان واحدة” “.
يعتبر مبدأ صين واحدة هو الجوهر الأساسي للبيانات المشتركة الصينية الأمريكية الثلاثة المذكورة أعلاه، وهو الأساس لإقامة وتطوير العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة.وقدمت الولايات المتحدة التزامًا واضحًا في البيان بشأن إقامة علاقات دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، أوضحت فيه “ان الولايات المتحدة تعترف بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين، وعلى هذا الأساس، سيحتفظ الشعب الأمريكي فقط بالتبادلات الثقافية والتجارية، وغيرها من التبادلات غير الرسمية مع شعب منطقة تايوان”. وباعتباره كجزء لا يتجزأ من حكومة الولايات المتحدة، يجب على الكونجرس الأمريكي الالتزام الصارم بسياسة صين واحدة والتي انتهجتها الحكومة الأمريكية والامتناع عن أي تبادلات رسمية مع منطقة تايوان الصينية. نانسي بيلوسي هي الرئيسة الحالية لمجلس النواب الأمريكي وهي الشخص الثاني في ترتيب القيادة في الولايات المتحدة بعد الرئيس بايدن، لذا إن زيارتها إلى تايوان في أي وقت خلال فترة ولايتها بأي شكل ولأي سبب هي إشارة خاطئة خطيرة إلى “القوى الانفصالية” في تايوان، وانتهاك لمبدأ صين واحدة والبيانات الثلاثة المشتركة بين الصين والولايات المتحدة، وتقوض بشكل خطير الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية، وتنتهك بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها، كما تقوض السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
لا يوجد سوى صين واحدة في العالم، وتايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين، وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها. هذا هو المحتوى والمغزى الأساسي لمبدأ صين واحدة، الذي اجمع عليه المجتمع الدولي وأصبح المعيار الأساسي للعلاقات الدولية. في أكتوبر 1971، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة السادسة والعشرون القرار رقم 2758، الذي نص على: إعادة كافة الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة والاعتراف بممثل حكومتها باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة، وطرد ممثلي سلطات شيانغ كاي شيك فورًا من المقاعد التي احتلتها بطرق غير شرعية في منظمة الأمم المتحدة وجميع الأجهزة التابعة لها”.وقد أقامت 181 دولة في العالم من بينها الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع الصين على أساس مبدأ الصين الواحدة.
تعتبر مسألة تايوان أكثر القضايا المهمة والجوهرية والحساسة في العلاقات الصينية الأمريكية. في الوقت الحالي، يواجه الوضع في مضيق تايوان جولة جديدة من التوتر والتحديات الشديدة، والسبب الأساسي هو أن سلطات تايوان والولايات المتحدة تعملان باستمرار على تغيير الوضع الراهن والحقائق الثابتة. خلال تلقيه اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي جو بايدن مساء يوم 28 يوليو أوضح الرئيس الصيني شي جينبينغ بشكل رئيسي الموقف الصيني من مسألة تايوان، مؤكدا على أن مسألة تايوان لها حيثيات تاريخية واضحة، وأن انتماء جانبي المضيق إلى صين واحدة هو حقيقة وواقع واضحين أيضا؛ مؤكدا على ان البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة تعد تعهدا سياسيا قطعه الجانبان، ويعتبر مبدأ الصين الواحدة أساسا سياسيا للعلاقات الصينية الأمريكية؛ كما أشار الى ان الصين ترفض رفضا قاطعا الأنشطة الانفصالية لـ”استقلال تايوان” وتدخل القوى الخارجية، وأنها لن تترك أي مجال على الإطلاق لقوى “استقلال التايوان” أيا كان شكلها. كما قال إن موقف حكومة الصين والشعب الصيني من مسألة تايوان دائما وثابتا، وإن الحفاظ على السيادة الوطنية للصين ووحدة أراضيها بكل حزم يمثل الإرادة الثابتة للشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة، وإن إرادة الشعب لا تقاوم، ومن يلعب بالنار سيحرق نفسه حتما. معربًا عن امله في ان يدرك الجانب الأمريكي ذلك بوضوح، ويجب عليه أن يلتزم بمبدأ الصين الواحدة في أقواله وأفعاله ويطبق البيانات المشتركة الثلاثة بين البلدين.
لطالما اعتمدت سلطات تايوان مرارًا وتكرارًا على “الولايات المتحدة في السعي للحصول على الاستقلال”، ورفضت الاعتراف بـ “توافق عام1992″ الذي يجسد مبدأ الصين الواحدة، وتقوم بـ “طمس طابعها الصيني” على نطاق واسع، وتتخذ تدابير متعددة لتحقيق “استقلال تايوان التدريجي”. من جانبها، ظلت الولايات المتحدة تسعى إلى “السيطرة على الصين عن طريق تايوان”، وتستمر في تحوير وتشويه مبدأ “صين واحدة” وإفراغه من معناه، وتعزز التبادلات الرسمية مع منطقة تايوان، وتدعم وتشجع الأنشطة الانفصالية التي تنظمها عناصر استقلال تايوان ونشر “وضع تايوان غير محسوم ومحدد ” دوليًا. لذا من المستحيل أن تقف الصين مكتوفة الأيدي وعليها اتخاذ ردود شرعية وضرورية.
وتعتبر مسألة تايوان شأنا صينيا داخليا بحتا، ولا يحق لأي دولة أخرى أن تكون حكما في مسألة تايوان؛
وتحث الصين الولايات المتحدة أن توقف اللعب ب”الورقة التايوانية” و”السيطرة على الصين باستغلال مسألة تايوان”، وتوقف التدخل في شؤون الصين الداخلية، وتوقف دعم وتحريض قوى “استقلال تايوان” الانفصالية بأي شكل من الأشكال، وتوقف أفعالها حول مسألة تايوان التي لا تتفق مع تعهداتها، وتوقف تشويه مبدأ صين واحدة وإفراغه من مضمونه، وتلتزم بمبدأ صين واحدة بأفعالها الحقيقية وتفي بما تنص عليه البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، وتطبق”اللاءات الأربعة واللا رغبة الواحدة” التي قطعها قادة الولايات المتحدة بأن الجانب الأمريكي لا يسعى إلى حرب باردة جديدة ، ولا يسعى إلى تغيير نظام الصين ، ولا يسعى إلى تعزيز التحالف ضد الصين ، ولا يدعم” استقلال تايوان “وليس لديه نية المواجهة مع الصين ؛ وأن لا تسير الولايات المتحدة أبعد فأبعد في طريق الخطأ والخطر.
مصر هي أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 66 عامًا، ومهما تغير الوضع الدولي، كانت الصين ومصر دائمًا صديقين حميمين وشريكين جيدين وإخوة جيدين يدعم كل منهما الآخر ويثق به. وبدخول حقبة جديدة، وفي ظل التوجيه الشخصي للرئيسين شي جينبينغ والرئيس السيسي، تم تعزيز الثقة السياسية المتبادلة بين الصين ومصر، وأسفر التعاون العملي عن نتائج مثمرة، وكانت هناك العديد من النقاط المضيئة في مكافحة الوباء، وأصبحت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر نموذجًا يحتذى به للتضامن والتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة والربح المتبادل بين الصين والدول العربية والإفريقية وكذلك الدول النامية. تلتزم مصر بشدة بمبدأ الصين الواحدة وتدعم بقوة موقف الصين بشأن مسألة تايوان، وهو ما تقدره الصين تقديرا عاليا. إن مسألة تايوان مصلحة أساسية للصين، ومبدأ صين واحدة هو المعيار الأساسي للعلاقات الدولية. في فبراير من هذا العام، توجه الرئيس السيسي إلى الصين لحضور حفل افتتاح أولمبياد بكين الشتوي وعقد اجتماعا مع الرئيس شي جينبينغ،اكد فيه على أن مصر تدعم دائما موقف الصين بشأن القضايا ذات الاهتمام الجوهري والشواغل الرئيسية، وان مصر تامل ان تكون صديق حقيقي للصين وان تعمل مع الصين لمواجهة التحديات المختلفة. اننا على ثقة أن مصر ستستمر في الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، وستمنح الصين دعما قويا في مسألة تايوان والقضايا الأخرى المتعلقة بالمصالح الجوهرية للصين، وستدعم شتى جهود الصين في حماية السيادة الوطنية وسلامة أراضيها.